وجاء نص رسالة "المصرى الديمقراطى" للرد على رسالة البلتاجى كالتالى:
السيد المستشار/ ...
رئيس ...
تحية طيبة وبعد،
بالإشارة إلى خطابكم الوارد إلى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بتاريخ ... بشأن دعوة ممثلى الحزب لمقر مجلس الشورى يوم الاثنين الموافق 8/10/2012 وتقديم وجهة نظر الحزب فى مشروع الدستور الجارى إعداده بواسطة الجمعية التأسيسية والمنشور – وفقا لخطابكم – على الموقع الإلكترونى للجمعية، وإذ يتقدم الحزب إليكم بالشكر على هذه الدعوة، ومع كامل تقديرنا الشخصى لكم ولعدد من أعضاء الجمعية الذين نثق بأنهم يبذلون جهدا مخلصا فى كتابة الدستور، إلا أننا لا نملك إلا أن نبدى تحفظنا البالغ واعتراضنا الشديد على المسار الذى تمضى فيه عملية كتابة الدستور منذ بدايتها وحتى هذه اللحظة.
لقد حدد الحزب منذ البداية موقفه من موضوع كتابة دستور جديد لمصر بناء على عدة مبادئ لم يحد عنها، على رأسها أن يكون إصدار الدستور سابقا على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وفقا لمبدأ "الدستور أولا" الذى كان يمكن أن يجنب مصر الفوضى القانونية والفراغ التشريعى اللذين عانت منهما فى المرحلة الانتقالية، كما تمسك الحزب بتشكيل الجمعية التأسيسية، على نحو يمثل طوائف وكفاءات وتنوع المجتمع المصرى بعيدا عن سيطرة تيار سياسى بعينه، وأعلن إصراره على أن يتم وضع الدستور الجديد بما يعبر عن التوافق المجتمعى لا الغلبة الحزبية، وبما يترجم أهداف وتضحيات ثورة يناير المجيدة إلى مكاسب حقيقية للشعب وضمانات للحرية والعدالة والعيش الكريم والديمقراطية، وهى المطالب التى التف الشعب حولها فى ميادين مصر وبذل التضحيات وقدم الشهداء من أجلها.
واتساقا مع تلك المبادئ، فقد قاوم نواب الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى فى البرلمان، محاولة السيطرة على الجمعية التأسيسية من تيار الإسلام السياسى، ولم يتردد ممثلوه فى الجمعية الأولى من الانسحاب منها حينما تبين لهم عدم اتفاقها مع التوافق المنشود، كما أعلن الحزب عدم مشاركته فى الجمعية الثانية حينما تأكد له أنها تتضمن ذات العوار الذى أصاب الجمعية الأولى من استئثار أعضاء مجلسى الشعب والشورى بنسبة غير مبررة من مقاعد الجمعية، وإصرار تيار الإسلام السياسى على السيطرة على آليات اتخاذ القرار بها، وما اعتورها من ضعف شديد فى الكفاءات والخبرات واعتمادها على الولاء الحزبى، كما نسجل هنا أن رئيس الجمهورية كان قد أعلن قبيل انتخابه عن وعده بالتدخل من أجل إعادة التوازن فى تشكيل الجمعية، إلا أن الأيام مضت والوعود تلاشت واستمرت الجمعية فى عملها بذات التشكيل المعيب والمنحاز الذى بدأت به، كذلك فإن الحزب قد أبدى تحفظه أكثر من مرة على عدم جدية ما قيل أنه سوف يكون حوارا مجتمعيا تشارك فيه كل طوائف المجتمع، إذ اقتصر الأمر فى النهاية على موقع الكترونى تنشر فيه بعض المواد غير الكاملة وبعض التعليقات وجلسات الاستماع هنا وهناك، على نحو لا يعبر عن مشاركة حقيقة للمجتمع ولا رغبة جادة فى التواصل مع القوى السياسة والاجتماعية، بل إن نصوص مشروع الدستور ذاتها التى يفترض أن يشارك المجتمع فى مناقشتها لا تزال غير واضحة، ينشر منها جانب يسير على الموقع الالكترونى للجمعية بينما المفاوضات والمناورات دائرة ومستمرة على نصوص أخرى يلتقط الشعب المصرى أخبارها من الصحف والبرامج التلفزيونية، فى تعبير بالغ السوء عن تجاهل أعضاء الجمعية لباقى المجتمع.
وللأسف، إن خطابكم المشار إليه بدعوة الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى لحضور جلسة استماع يأتى لكى يضيف إلى هذا المسار المعيب عوارا جديدا، إذ يدعو ممثلى الحزب لحضور جلسة مناقشة للمرة الأولى بعد عدة أشهر على تشكيل الجمعية، ويحيل إلى نص مشروع الدستور المنشور على الموقع الالكترونى، بينما الموقع المشار إليه لا يتضمن سوى مشروعا منقوصا، وكأن الحزب مطالب بأن يناقش نصا لم تتح له فرصة الاطلاع عليه ولم يتم نشره كاملا، مما يؤكد أن هذه الدعوة ما هى إلا محاولة للادعاء بأن حوارا مجتمعيا يدور بين الأحزاب على غير الحقيقة، وهو ما يرفض حزبنا أن يكون طرفا فيه.
أما عن موقف حزبنا من الدستور، فإننا نوضحه لكم وللرأى العام فى النقاط التالية، إذا شاءت الجمعية التأسيسية أن تأخذ منها ما تريد فمرحبا بذلك، وإن لم تشأ فإن الحزب المصرى الديمقراطى ومعه القوى الأخرى المدنية الديمقراطية لن تمكث محلها بل ستعمل على الدفاع عن هذه المبادئ فى الشارع المصرى وبين الجماهير، التى لن تقبل وصاية جمعية تأسيسية مطعون فى تشكيلها وفى شرعيتها:
1) التمسك ببقاء المادة الثانية بنصها الوارد فى دستور ١٩٧١ دون تعديل بما يعبر عن التوافق العام للمجتمع المصرى، ودون تغيير مضمونها من خلال مواد أخرى تعطى حق التشريع لغير البرلمان المنتخب أو مرجعية التفسير لغير المحاكم المختصة بذلك، وعلى قمتها المحكمة الدستورية العليا.
2) ضمان المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، وتعزيز تلك المساواة فى مختلف نصوص الدستور، وعدم الاكتفاء بمادة واحدة تتناول المساواة بشكل مبهم، ومخاطبة المواطنين والمواطنات من خلال أحكامه بتكافؤ تام.
3) التأكيد على عدم التمييز بين المواطنين، بغض النظر عن الدين او العرق أو الموطن الجغرافى، وتجريم كل أشكال التمييز الدينى والعرقى، وغير ذلك من أنواع التمييز، بما فى ذلك التهجير القسرى والعقاب الجماعي.
4) إطلاق حرية العقيدة بلا قيد ولا شرط، بما فى ذلك حق ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة، مع حظر استخدام دور العبادة فى أغراض سياسية.
5) تجريم كل أشكال الاتجار بالبشر، وحظر زواج القصر من الجنسين، وحماية الأطفال والنساء من كل أشكال الاستغلال الجنسى وحماية الحق فى سلامة الجسد.
6) النص على تجريم التعذيب بكل أشكاله، واعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم.
7) توفير خدمات التعليم لكل المواطنين والمواطنات مجانا فى كل مراحله وبجودة تضمن تحقيق الغاية منه، ومد إشراف الدولة على كل المؤسسات التعليمية، وتوفير الظروف التى تمكن المعلم من تأدية رسالته، بما يحفظ له كرامته وسبل العيش الكريم، وتوفير الموارد العامة اللازمة لذلك.
8) كفالة حريات التعبير والنشر وإصدار الصحف وإنشاء القنوات التلفزيونية والمواقع الالكترونية، وحظر توقيع عقوبات سالبة للحرية فى جرائم النشر بكل أنواعه، وكفالة حريات الإبداع والتأليف ونشر الفن والثقافة والعلم فى مناخ آمن، مع توفير الدعم اللازم من الدولة.
9) ضمان حق العيش الملائم، بما فى ذلك المسكن الصحى والآمن والملائم، والخدمات الأساسية من ماء نظيف وصرف صحى ومصادر طاقة، وغذاء صحى وكاف، وكساء مناسب لكل مواطن، مع إيلاء عناية خاصة لمن لا مأوى لهم والمسنين وذوى الإعاقة أو الدخول المحدودة.
10) مد مظلة الرعاية الصحية الشاملة والمجانية لكل المواطنين والمواطنات، وتضمينها الرعاية الجسدية والنفسية، ورعاية التعليم والتدريب والمهن الطبية، وإخضاع كل المؤسسات والخدمات الطبية لإشراف الدولة، ووضع سياسة لتسعير ودعم الأدوية الضرورية.
11) تطبيق نظام متكامل للضمان الاجتماعي، يحفظ للإنسان المصرى الحد الأدنى من سبل الحياة الكريمة والكرامة، وبخاصة لكبار السن، والنساء، والقصر، والمعاقين.
12) ضمان الحق فى الاعتصام والإضراب والتظاهر السلمي.
13) ضمان الحق فى تكوين الجمعيات والأحزاب والنقابات بغير قيد أو شرط، وكفالة حق تنظيم الاجتماعات.
14) ضمان استقلال الهيئات القضائية والجهات الرقابية والجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى عن التدخل الحكومي، وحظر شغل المناصب فيها بناء على الانتماء السياسى أو الحزبى.
15) ضمان حيدة واستقلال أجهزة الشرطة والقوات المسلحة، وعدم خضوعها أو تأثرها بالأحزاب والقوى السياسية.
16) حظر تعارض المصالح لدى شاغلى المناصب العامة، وتجريم استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب أو منافع خاصة، وحماية المال العام من كل أشكال التربح والاستغلال.
17) ضمان الحفاظ على الأراضى المملوكة للدولة، وحسن إدارتها وعدم التصرف فيها إلا بما يحقق الصالح العام، وفى إطار خطط قومية معلنة، وبموجب إجراءات وضوابط تحقق الشفافية والنزاهة.
18) تطبيق مبدأ وحدة الموازنة العامة، ووحدة النظام الضريبى، وحظر إنشاء نظم ضريبية بديلة.
19) ضمان حد أدنى للأجور، وتنظيم وضع حد أقصى للأجور فى القطاع العام والجهاز الإدارى للدولة والأجهزة العامة والحكومية بما لا يخل بكفاءتها، وعدم تجاوز الحد الأقصى إلا وفقا للقانون.
20) ضمان إتاحة وتداول المعلومات لكل المواطنين من كافة الجهات العامة.
21) انشاء نظام حكم مختلط، يعتمد على التوازن والفصل بين السلطات، وعلى رئاسة ذات صلاحيات واضحة، وعلى تمكين المجلس النيابى من ممارسة دوره كاملا فى الرقابة والتشريع.
22) وضع الضوابط التى تكفل نزاهة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، وتنظيم ضوابط تمويلها، وحظر التمويل الأجنبى، وحظر استغلال دور العبادة فى الأغراض السياسية.
23) الالتزام بروح ونصوص المواثيق الدولية التى تنضم مصر إليها، واعتبارها مبادئ لا يجوز مخالفتها.
