فى 30 سبتمبر من العام 2005، نشرت صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية، 12 من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم "محمد" (صلى الله عليه وسلم )، وأعادت صحف أوروبية أخرى، نشر هذه الصور مرة أخرى، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة فى العالم الإسلامى، وجرح مشاعرهم، وقامت موجة عارمة، من الاحتجاجات على المستوى الشعبى والسياسى فى العالم الإسلامى، اعتبرها البعض، وأنا منهم، أنها جزء من مخطط كبير، لإهانة الدين الإسلامى، وتشويه صورته، و نشر حالة من الخوف فى نفوس الشعوب، تجاه كل ما هو إسلامى، و ذلك فى إطار ترسيخ لمصطلح جديد " الاسلاموفوبيا"، والذى بدأ ترسيخه فى العقول والنفوس، عقب أحداث 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة .
و تستغل الحكومات الغربية، ردود الفعل الغاضبة من قبل الشعوب المسلمة، فى ترويج صورة سيئة عن الإسلام، وأنهم شعوب، لا تحترم حرية الرأى والتعبير، وأن دينهم يحث على العنف، وعدم التسامح، لكن هذا افتراء، فغضب الجماهير يأتى من منطلق حب الدين، والحفاظ عليه بعيداً عن تناوله، فى رسوم كاريكاتورية سخيفة، أو أفلام سينمائية مستفزة ومضللة، كما أن تلك الدول، تركز على الأفعال الغاضبة للبعض، دون أن تذكر- مجرد الذكر ـ ما يقوم به كثيرون أخرون من محاولات مضنية، لتعريف الغرب بصحيح الدين وقيمه الحميدة وأخلاقه السامية، ولا يصغون لما يطالبهم به المسلمون، من ضرورة احترام معتقداتهم الدينية و رموز دينهم، بالمناسبة اقتحام السفارات، وإن كان عمل غير أخلاقى، و ضد المبادئ المتعارف عليها دينيا ودبلوماسيا، فإنه يبقى رد فعل طبيعى، لأى استفزاز و اقرأوا كتب التاريخ لتروا، كم من مرات تظاهر فيها شعوب، أمام سفارات شعوب دول أخرى، وتم اقتحامها أحيانا، فالأمر ليس حصرى على الدول الإسلامية فحسب، ومقتل السفير الأمريكى فى ليبيا، جاء من تدبير وتنفيذ القاعدة، لتصفية نزاعات قديمة بينها وبين أمريكا فى معركة مفتوحة، لا يدرى أحد متى تنتهى.
إننى أرى أن حملات ودعوات المقاطعة الاقتصادية للدول، التى أساءت للدين الإسلامى، كانت خطوة فاعلة فى حينها، وإن خفتت بسرعة، نظراً لأسباب اقتصادية و سياسية، حالت دون أن تطول وتثمر، لكن مع تكرار الإساءة، من خلال فيلم بُثَ جزء منه على "يوتيوب"، و رسوم ساخرة جديدة فى مجلة فرنسية، فإن الأمر يستحق هذه المرة وقفة مؤثرة، ليس فقط بالشعارات أو الخطابات وإنما التحرك القانونى والدبلوماسى مطلوب، و كذلك الاتجاه الاقتصادى، نحو قوى ودول أخرى تحترمنا وتقدرنا، ولتكن أيضا فرصة للتخلص من العبودية لدول الغرب و أمريكا.
بالمناسبة من المفارقات الغربية، أن يكون يوم 30 سبتمبر، ولكن قبلها بخمسة سنوات، أى فى العام 2000، يتم قتل الطفل الفلسطينى "محمد الدرة"، أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، فى حضن والده، ومنذ تلك الحادثة وقبلها، غادرها مئات الأطفال الفلسطينين، دون أن تحل القضية أو يتوقف القتل !
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة