تحرك الرئيس مرسى تحركات دولية عديدة امتدت شرقاً حتى وصلت الصين، واتجهت غرباً حتى وصلت إلى مشارف الضفة الغربية للأطلنطى فى الولايات المتحدة الأمريكية، واتجهت جنوباً حتى وصلت إلى منابع النيل فى أثيوبيا، وتحركت شمالاً حتى شملت دولاً أوربية على رأسها إيطاليا.
هذا النشاط السياسى الدءوب والمتواصل سيكون بالغ النفع لو انطلق من رؤية جيواستراتيجية واضحة للدولة المصرية والتى بدونها لن تحصد مصر ولا شعبها ولا رئيسها من كل هذه التحركات خيراً لا فى المدى المنظور، ولا فى القريب العاجل؛ فالدول الناجحة تتحرك على رقعة المسرح العالمى وفق رؤية واضحة تحترم فيها مقومات الجغرافيا السياسية وتستخدم فيها أدوات الجيوبوليتكا الحديثة.
فالجغرافيا السياسية تحدد للدولة تأثير جغرافيتها على قرارها السياسى، وما الذى ينبغى عدم تجاهله عند اتخاذ قرار سياسى معين مثل توقيع اتفاقية، أو الدخول فى حرب أو الركون إلى السلام، فلابد من مراعاة الجانب الجغرافى فلا يمكن مثلا لدولة حبيسة أن تتخذ قراراً سياسياً يحتاج تطبيقه منها أن تمتلك أسطولاً بحرياً. وأما الجيوبولتيكا فهى تعمل على مسار موازى للجغرافيا السياسية فلسفته قائمة على دراسة أثر القرار السياسى على الجغرافيا، فلو اُتخذ قرار بتوجه مصر اقتصادياً نحو الشمال، سيستدعى ذلك تغييراً فى الجغرافية الاقتصادية المصرية يتطلب تحديث الموانئ الشمالية وزيادة عددها، وإنشاء مدن تجارية على ضفاف البحر المتوسط، وتفعيل خطوط التواصل البحرى والجوى، وغيرها من الإجراءات الميدانية التى ستؤثر على الجغرافيا استجابة للقرار السياسى.
فعلى السياسى المصرى أن يُخضع كل سياساته وأنشطه وأعماله لتكون فى خدمة التوجه الجيوبولتيكى للدولة المصرية، وما يخدم مصالحها فى المستقبل، فلابد أن تراجع قائمة الأعمال من زيارات سياسية واتفاقات دولية، وعقود اقتصادية، ومشاريع قومية، ومبادرات دولية فى ضوء فلسفة وطبيعة التوجه الجيواستراتيجى للدولة المصرية.
فالمجهود السياسى بكافة درجاته بدءًا من مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية والمخابرات العامة وكل المؤسسات السيادية التى لها علاقة بالتواصل بكل ما هو خارج الحدود لابد أن يُدرك فلسفة التوجه الجيواستراتيجى المصرى فى المرحلة الراهنة.
التجربة التركية.
النجاح التركى الذى تحقق فى ظل حكومة حزب التنمية والعدالة يستند على رؤية جيواستراتيجية واضحة ومنشورة للجميع وقائمة على إدراك طبيعة التحديات الجغرافية للدولة التركية وعارفة بالدورالتاريخى للعثمانيين فى المنطقة، ومحددة لما هو مطلوب عمله للحفاظ على المصالح التركية العليا، وقد تتجلى هذا كله فى كتاب العمق الاستراتيجي: "موقع تركيا ودورها فى الساحة الدولية" لمؤلفه أحمد داود أغلو- وزير الخارجية التركى
العمل المطلوبز.
لابد أن يسبق تحركات مصر السياسية على الخريطة العالمية جهد معرفى عميق يحدد ما هى أولويات مصر الجيواستراتيجية خلال العشر سنوات القادمة، حتى لا نقع صرعى لما يعرف بالدوار الجغرافى حيث تفقد البوصلة الجغرافية وتضل الراحلة السياسية، ونظل أسرى التاريخ القديم، ويضطرب سلم الأولويات، وقد حدث طرف من هذا فى أعقاب زيارة مرسى للصين حيث روج البعض أن هذه الزيارة استراتيجية وستؤدى إلى الانعتاق من الهيمنة الأمريكية، وبالغ البعض وقال إنها تعبر عن رؤية جديدة قائمة على الاتجاه شرقاً، وهذا كلام عريض يفتقد إلى خيط ناظم يجمعه أو يؤكده أو ينفه وهو عدم وجود رؤية جيواستراتيجية مصرية حديثة عارفة بطبيعة شخصية الجغرافية المصرية، ومدركة لفلسفة التاريخ المصرى، وعالمه بطبيعة الجيوبولتيكا المصرية، من أجل الوصول لرؤية جيواستراتيجية واضحة لمصر نتهدى بها جميعا ينبغى عمل التالى على وجه السرعة:
أولاً: يُكلف الرئيس مرسى فريق المستشارين الذين اختارهم بنفسه للعمل على هذا الملف وأخص الأكاديميين منهم على وجه الخصوص.
ثانيا: ضرورة التواصل بين المؤسسسات الأكاديمية المعنية بالعلوم الاستراتيجية مثل كليات السياسية وأقسام الجغرافيا والتاريخ بكلية الآداب والجمعية الجغرافية المصرية.
ثالثاً: الاستعانة بجهود مركز الأهرام للدراسات لما له من خبرة وتاريخ وقرب من مطبخ صناعة السياسة الخارجية المصرية.
رابعاً: الاستعانة بخبراء أكاديمية ناصر العسكرية وبخبرات معهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة وبجهود معهد الدرسات الأسيوية بجامعة الزقازيق
خامساً: عمل مؤسسة مصرية بحثية معينة بملف توجه مصر الإستراتيجى ينسق كل هذه الجهود السابقة ويجمع شتاتها، ويتولى تدريب وتعريف هيئات ومؤسسات الدولة بها.
الرئيس مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
دكتور سمير محمد البهواشى
رؤية ممتازة
عدد الردود 0
بواسطة:
د احمد
اخيرا
عدد الردود 0
بواسطة:
fadel zayed
للاسف !!!!!!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
اين الرئيس من الصندوق الاجتماعى للتنمية
اين التغيير
لم تصل اليه الثورة بل حدث انتطاسة داخلة