لم أتابع باهتمام أحداث الفيلم المسىء، فالبداية حين أهانتنا بعرضه إحدى القنوات الدينية، ولكن فى صبيحة مقتل السفير الأمريكى فى ليبيا والأحداث الغير مبررة التى تلتها أمام السفارات الأمريكية فى كل الدول الإسلامية والعربية، وذهبت يومها إلى العيادة فى مدينة نيويورك، حيث أعمل و"عينى فى الأرض" من سيل الأسئلة التى أعرف أنها ستنهال على وكان معظم الأسئلة والأحاديث يومها حول تفاهة الفيلم، وأن هذا بطبيعة الحال لا يمثل إلا رأى صانعيه، ولكن ما أهمنى هو ما الصورة التى نريد أن ننقلها لغيرالمسلمين؟! وهل نحن مسلمون بالأساس كما يجب؟
الإسلام بطبيعة الحال هو ديانة تدين بها لله وتلتزم بما أمرك ما فيه صلاح الدنيا والآخرة، ولكل من العبادات وجهان وجه دينى ووجهه دنيوى، ليس شرطا أن تفهم الوجه الدنيوى كى تلتزم بالعبادة، فمثلا الصلاة هى قربى لله ليغفر لك بها خطاياك وتكون كفارة للذنوب فيما بين الصلاة والأخرى، والوجه الدنيوى تجده فى كل الشرائع السماوية والأرضية كالبوذية والكنفوشيوسية صلوات للتأمل تخرج الإنسان من واقعه المشحون ليعيد ترتيب أفكاره، أما نحن كمسلمين نصلى خمس صلوات فنتوضأ قبلها ليكون المسلم نظيفا طاهرا بعيدا عن الأمراض يتبعها صلاة بحركات رياضية تقيك أمراض الجسد مثل آلام الظهر والرقبة ووضع السجود الذى كلما أطلت فيه ارتفعت إلى السماء واقتربت إلى الله، وصفيت ذهنك وتدفقت الدماء إلى رأسك فتقيك من أمراض البدن مثل تجلط الشرايين وأمراض النفس من الضغط العصبى والاكتئاب عندما تبث حزنك إلى الله.
"تبسمك فى وجه أخيك صدقه" فتخلق مجتمعا متحابا بشوشا فتنتشر السعادة، "النظافة من الإيمان" تخلق مجتمعا نظيفا جميلا خالى من الأوبئة، المؤمن للمؤمن كالبينان المرصوص يشد بعضه بعضا، فيكون المجتمع متكافلا متقاربا..
هذا هو الإسلام الذى أؤمن به، الإسلام الذى سيجعل منى شخص أفضل، شخص مستنير يحمل على عاتقه تغيير العالم، وإزاحة الظلم عن عاتق المظلومين معمرا مستعمرا للأرض، وعندما ترجع البصر مرة أخرى فترى المسلمين اليوم تعرف إننا مسلمين بالعصبية، مسلمين انتسابا، كتعصب الفرد لعائلته أو لقبيلته أو لبلده لا انتماء بالعقل والقلب ورحمه للعالمين..
فى أول زيارة لى خارج مصر فى فتره تدريبية إلى ألمانيا كانت فى فصل الشتاء وكان البرد قارصا وبعد أن دخلت القسم لأول مرة وقبل أن يتم تقديمى لأفراد الفريق الذى سأعمل معه، جاءت إحدى السيدات وسحبتنى من يداى إلى صبور المياه وفتحت الماء الدافئ، لم تكن تتحدث الإنجليزية ولم أتقن حينها الألمانية، فأشارت إلى كى أغسل وجهى ويداى لأحصل على بعض الدفء ثم أعدت لى كوبا دافئا من القهوة وألحت على كى أشربه وأنا صائم، فلم تعدل حتى أخبرتها أن عندى حساسية من الكافيين، وأننى شاكرا قد استعدت الدفء، وبعدها وعلى مدار مده تدريبى ساعدنى كل أفراد الفريق فى تعلم الألمانية فتجد أحدهم يقاطع الآخر مبادرا بإيضاح معنى ألآخر لنفس الكلمة التى كان يحاول زميله شرحها لى، أليس هذا إسلاما؟
أن تضع هاتفك حيثما شئت أمنا فى أى مكان أن لن يسرقه أحد ولو تركته أياما، أليس هذا إسلاما، أن تتقن عملك وتساعد غيرك وتتبسم فى وجهه وتساعد غيرك، أن يكون الصدق والالتزام منهجك أليس هذا إسلاما..
عندما آمن الرسول ومن معه والتابعين وتابعيهم ساد المسلمون الأرض وانتشر الخير، فلنكن نحن أول من يحترم هذا الدين قبل أن ندعو غيرنا باحترامه ولنعترف بهذا الدين ولندعوا أنفسنا وأهلينا إلى الإيمان به وأتباع ما أوحى إلى النبى، ونكن شهداء على الناس باستحقاقنا أن نكون خير أمه أخرجت للناس يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم:.{لإِنَّمَا يُوحَىٰ إلى أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُون}.
د. أحمد العسيلى يكتب: فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ؟
السبت، 06 أكتوبر 2012 08:21 ص