مما لا شك فيه، ولا ريب أن مستقبل الأفراد والشعوب هو غيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، ولكننا أفراداً وشعوباً نرسم خطوط المستقبل وخطواته والوسائل المؤدية إليه وفقاً لما تم استخلاصه من تجارب الماضى، وما تم تنفيذه فيه على أرض الواقع من بنية أساسية فى جميع المجالات، ووفقاً لما يتم التجهيز والتحضير له فى الحاضر من وضع الخطط والخطوات والإستراتيجيات والسياسات، الموجهة تحديداً نحو بناء وتحقيق المستقبل المُشرق المأمول.. وذلك من منطلق الأقوال المأثورة أشباه: "من زرع حصد، ومن ذاكر نجح، ومن جد وجد.." ...إلخ.
وفى الحالة المصرية، وإذا تحدثنا عن الماضى، فلا ريب فى أن مصر والحمد لله تمتلك منظومة كاملة من البنية الأساسية - تحتية وفوقية وتكنولوجية واتصالاتية - يسهُل تماماً بناء النهضة عليها بأشد ما يكون البناء!!
أما إذا تحدثنا عن الحاضر، والذى يُفترض من خلاله إمكانية قراءة المستقبل القريب ـ على الأقل - فسوف نجد أنفسنا نتحدث، وبلا حرج حول مجموعة منغصات حياتية تُنبئ بأنه و- للأسف الشديد - مستقبل مُظلم مُظلم، كئيب كئيب!!
فاعتصامات هُنا، وإضرابات هُناك! وانفلات أمنى هُنا، وانفلات أخلاقى هُناك! وفوضى هُنا، وقطع طريق هُناك، وغياب قانون هُنا تجرأت فيه الألسنة والأيدى على جهاز الشرطة، وإحساس بالخوف والترويع هُناك أفقد المواطنين الأمان والطمأنينة فى ذهابهم ومجيئهم وصحوهم ومنامهم.
وإعلام هُنا - ذابت فيه مجموعة القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة التى تربى عليها المصريين، وغابت فيه المصلحة العليا للوطن، وتفشت فيه روح الشماتة والتشفى وقلة الأصل والجحود ونكران الجميل والتجرؤ على الرموز السابقة والحالية، واختلفت فيه طريقة حب مصر من الفعل إلى مجرد القول!!
أما هُناك، فحدث ولا حرج عن وعود براقة، وتصريحات وردية على مختلف ألسنة القيادات للحزب صاحب الأغلبية تارة، ورئيس الوزراء ووزراءه تارة أخرى، وعلى ألسنة القوى السياسية المدنية على تعددها واختلاف توجهاتها تارة، وأخرى على ألسنة قادة الإسلام السياسى ومختلف القوى والجبهات الدينية التى أطلقت على نفسها من تلقاء نفسها وبنفسها (مجالس شورى الحكماء)!! فى حين أننا لا نعرف أين هى هذه المجالس؟! وكيف هى الشورى بينهم؟! ومن جعلهم – أصلاًً - حُكماء، اللهم إلا إذا كانت الحكمة تؤتى لأصحاب اللحى الكثيفة البيضاء دون غيرهم، فكلما استطالت اللحية وابيض لونها كلما كُنت حكيماً!!
أما المُصيبة الكبرى...
فتلك هى خُطب السيد الرئيس/ محمد مرسى التى تمتلئ بالتصريحات والوعود اللامعة والبراقة سواء بشأن تحقيق نهضة مصر الكبرى، أو تفعيل دور مصر الإقليمى، أو تحقيق كرامة المصريين تنفيذاً لشعار ثورتهم!! أو حتى الوعد والعهد فى أحد حواراته بتنفيذ الحد الأدنى للأجور بـ 1200 جنيه فى الموازنة القادمة 2013/2014، ناهيك عن تصريحاته بشأن الأخذ بالثأر من قاتلى شهداء الوطن فى سيناء فى شهر رمضان الماضى!! وهى الوعود التى لم يتحقق منها وعداً وحيداً حتى الآن، وأظُنه لن يتحقق...
واستكمالاً للمصائب الكبرى، فتلك هى خُطب سيادته السياسية فى زياراته التى جاوزت 10 دول خارجية خلال أقل من ثلاثة أشهر حُكم، وفى المحافل الدولية، وهى الخُطب التى ارتبك فيها كثيراً، وثرثر فيها أكثر، وأظهر فيها أنه رجل دين وليس رجل دولة أكثر وأكثر وأكثر!!
ناهيكم عن خُطبه الدينية فى مساجد مصر المختلفة كلما صلى وسط المُصلين أو أمْهُم!! وعن تصريحاته المتعلقة بالمانجو زهيدة الثمن لإثبات قوة الاقتصاد المصرى!!
النهضة التى تصنع مستقبل مُشرق يا سيدى الرئيس لا تصنعها تصريحات ووعود وخُطب إنشائية تأخذ الألباب، وإنما تتحقق النهضة عندما تكون هُناك يد قوية فاعلة حاكمة للبلد، تُعيد إليه وبسرعة - اتزانه ورونقه وأمانه، وتُعيد إليه استثماراته المحلية والأجنبية، فمن أين لنا بها؟!
النهضة التى تصنع مستقبلاً باهراً لمصر وللمصريين تتحقق بشعور المواطن والمستثمر بحالتى الأمن والأمان لتزدهر فى إثرهما الزراعة والصناعة، ثم تنتعش التجارة، ثم يقوى الاقتصاد!!
النهضة يا سيدى الرئيس لن تتحقق طالما عجلات الإنتاج متوقفة، وكلما دارت وجدت من يوقفها ثانية!!
النهضة ياسيدى الرئيس تتحقق فى حركة سياحة تجد نفسها بعد أن تاهت وسط الطرقات وبين المعابد، فمتى تُعبد هذه الطرقات من جديد ومتى تُضاء المعابد من جديد؟!
النهضة التى تصنع مستقبلاً عظيماً لمصر يا سيدى الرئيس يصعُب الوصول إليها حال صمتك وهدوءك أمام عظائم الأمور التى لا يجب السكوت والصمت أمامها، فصمت أمام مشكلة جامعة النيل ومؤسسة زويل، وهدوء وسلبية أمام طُلاب علم يتحصلون على محاضراتهم فى العراء!! وصمت وسلبية أمام ما يجرى بشأن وبداخل الجمعية التأسيسية للدستور، وسكوت وصمت وهدوء منقطع النظير أمام مشكلات عويصة كالكهرباء والمياه والبلطجة وإرهاب الحدود ورغيف الخُبز والنظافة وحالة المرور واستمرار سوء العملية التعليمية، واستمرار سوء الحالة الصحية.. إلخ
النهضة (الشاملة) المأمولة يا سيدى الرئيس لم ولن تتحقق طالما القائمون على الحكم لا يملكون الخبرات اللازمة لتحقيقها، فأغلبهم يا سيدى هُم رجال دين وليسوا رجال دولة!!
النهضة يا سيدى الرئيس تحتاج الاهتمام بالحاضر والمستقبل، وتحتاج أكثر إلى نسيان الثأر من شخوص ورموز الماضى - ولو قليلاً!!
النهضة يا سيدى الرئيس لا تتحقق بمجرد الخُطب والشعارات والتصريحات والوعود والأمانى، وإنما لابد أن تؤخذ النهضة غلاباً!!
النهضة يا سيدى الرئيس تحتاج إلى أفعال كثيرة، ولا تحتاج إلى أقوال ولو قليلة!!
فهيا إلى الأفعال...
سعيد سالم يكتب: نهضة مصر بين خُطب الرئيس وأفعاله!!
الجمعة، 05 أكتوبر 2012 02:05 ص
الرئيس محمد مرسى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الغريب
هذا هو الكلام
اقرأ لتفهم لأن هذا هو الكلام الموزون .
عدد الردود 0
بواسطة:
المرسى
ثرثره
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الحليم
اين النجاة
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد على
كم سؤال ويا ريت تجاوب ؟
عدد الردود 0
بواسطة:
اكرم
الي تعليق 1 غريب
عدد الردود 0
بواسطة:
سعيد سالم .com
أجابة علي أسئلة مُحترمة للاستاذ المحترم / سيد علي !!