قال عدد من الأدباء والمثقفين، إن المبالغات الإعلامية لم تكن غير كذبة كبرى عشنا فيها حتى بدأت الحرب الحقيقية وهى حرب الاستنزاف، وهى التى أدت لحرب أكتوبر العظيمة وقد اختطف منا هذا الانتصار فهو لم يؤثر لا فى الروح المصرية ولا الحياة المصرية ولا الاقتصاد ولم تؤدِ حرب أكتوبر ما كان مطلوباً منها.
جاء ذلك خلال ندوة أكتوبر والإبداع الأدبى التى نظمتها هيئة الكتاب برئاسة الدكتور أحمد مجاهد بمناسبة أعياد أكتوبر وشارك فيها الدكتور أسامة أبو طالب، والشاعر أحمد سويلم، والأدباء عبد العزيز موافى، ومحمد عبد الله الهادى، وأدارها الدكتور محمد سالمان.
وقال أحمد سويلم حينما نقرأ الأعمال الشعرية التى كتبت عن حرب العبور نجدها فى معظمها ممن عايشوا هذا الحدث وعبروا عنه وأنا واحد ممن عايشوا حرب الاستنزاف وحرب العبور 6 سنوات قضيتهم داخل القوات المسلحة وأشهد أن ما حدث هو معجزة بكل المقاييس رغم أن الأوامر جاءت للجنود بعدم إكمال المعركة فقد بالغ الإعلام، ووقع المبدع فى حيرة فإذا عبر بصدق أمام مبالغات الإعلام جاء إبداعه أدنى من مستوى الحدث من وجهة نظر الرأى العام وإذا جارى مبالغة الإعلام لن يكتب الصدق.
وأضاف سويلم: يمكنا أن نؤكد أن الشعراء فوجئوا بحرب العبور عام 1973 ولم يكن امام المبدعين إلا الاستجابة لهذه المفاجأة، وقرأ سويلم عدة قصائد للشعراء أحمد عبد المعطى حجازى، وفتحى سعيد، ومحمد الفيتورى، وفاروق شوشة، وهناك الكثير من قصائد الشعراء التى نشرت فى بعض الصحف لم تجمع فى كتاب، وهناك سؤال ملح لماذا لم يكتب عمل كبير عن هذا النصر الكبير ويبدو أن إعلامنا المعاصر لا يترك الفرصة للمبدعين أن يسبحوا بخيالهم ليسجلوا الواقع بما يحملون من قيم إبداعية ونضج فنى.
وتحدث عبد العزيز موافى بطل القوات المسلحة عن بطولات بعض شخصيات القوات المسلحة المسلمين والمسيحيين وقال: فكرة الفصل بين المسلم والمسيحى أو عنصرى الأمة فكرة غاية فى الخطورة فدماءنا كانت تختلط ببعضها فى الحرب.
وأضاف موافى: اتهم القيادة السياسية بالخيانة لأنها اتخذت قرار عسكرى فاشل بإدخال الفرقة 21 بحجة تخفيف الضغط عن سوريا وأدى هذا القرار إلى استشهاد قادة وجنود كثيرين وصاحب هذا القرار الذى سيحاسبه التاريخ على ذلك وعلى خيانته والثغرة لم تكن قرارا عسكريا بل كانت قرارا سياسيا.
وعن ذكريات الحرب من الجانب المدنى تحدث قاسم مسعد عليوة: وحكى بعض المشاهد وقت الحرب، سيدة مسنة يحاولوا تهجيرها وهى لا تريد الذهاب معهم، الصواريخ جو ارض التى تضرب البيوت والسكان لا يتركوا المنازل، وفى المستشفيات كان نزع السلاح من يد الشهيد شىء عسير للغاية.
وعن الأدب قال عليوة: اتهمنا وقيل أن الأدباء خانوا حرب أكتوبر ولكن هل صحيح أن الأدباء خانوا حرب أكتوبر؟ الأدباء لم يخونوا حرب أكتوبر مطلقا ومن كتبوا عن أدب الحرب كانوا صنفين صنف عايش الحرب وذاق أهوالها ،وصنف تأثر بهذه الحرب وكلاهما كتب وأجاد، ولكن الذى خان هم النقاد، الأكاديميون، الباحثون، الإعلاميون فلم يهتموا بإلقاء الأضواء على الأعمال التى كتبت عن الحرب.
وأضاف عليوة: اعترف أن همم الأدباء أصابها كثير من الفتور، بسبب الاهتمام الموسمى وإضعاف روح المقاومة واتفاقية كامب ديفيد التى أحبطت الإرادة وأحبطت الكاتب والأديب، وأدب الحرب هو أدب إنسانى بالضرورة وعلاقة وجودية ليست مجرد تسجيل فقط، والسؤال هو إلى متى يتم التعتيم على الكتابات الأدبية التى تتعامل مع الحرب وحرب أكتوبر تحديداً؟
وقال محمد عبد الله الهادى: تم منع الأدب المكتوب عن حرب أكتوبر بتدخل الجهات السيادية وصحيح أن القوات المسلحة كانت تنظم مسابقات لأدب أكتوبر ولكن لماذا لم تطبع هذه الأعمال، أما الأوبريتات فلم تقترب من روح الجندى، وحال الجنود الذين دافعوا عن أرض مصر لا يرضى أحد.
وقال أسامة أبو طالب: شاركت فى حرب أكتوبر العظيمة وعايشت النكسة وعشت حوالى 6 سنوات فى القوات المسلحة معانياً وشاهداً أيضا وتحدث الزملاء عن معاناة عايشناها وشهادات نقدية واقتراحات وهموم أراها كلها حقيقية وثاقبة، وهناك فرق بين أدب الحرب وأدب المقاومة فأدب الحرب يأتى قبل أدب المقاومة أحيانا، والمبالغات الإعلامية لم تكن غير كذبة كبرى عشنا فيها حتى بدأت الحرب الحقيقية وهى حرب الاستنزاف وهى التى أدت لحرب أكتوبر العظيمة وقد اختطف منا هذا الانتصار فهو لم يؤثر لا فى الروح المصرية ولا الحياة المصرية ولا الاقتصاد ولم تؤدِ حرب أكتوبر ما كان مطلوبا منها، أدب المقاومة يمتد طويلا أما أدب الموقعة نفسه فهو مختلف ويتسم بالانفعالية والمباشرة وهو أدب تحميسى.
وتابع أبو طالب: يتبقى السؤال الهام لماذا لم يكتب عمل كبير عظيم، باستثناء القصائد، يعبر عن ما حدث فى نصر أكتوبر وعن هزيمة 67 وهما مرتبطان بطريقة إدارة الحكم فى مصر والحياة السياسية، ونعرف أن الإبداع يتناسب طرديا مع كم الضغط وهذا ليس له علاقة بالنشر الذى يفتح صفحة النقد، ولكن هل هذه خطيئة الحكم أم الأدباء؟ وتأتى الإدانة الحقيقية للجهاز الانتاجى فى مصر فلم تنتج أعمالا عالية القيمة ربما أعلاها فيلم أغنية على الممر والرصاصة لا تزال فى جيبى وما غير ذلك فهو أعمال درامية وابتسرت المناسبة العظيمة فى أوبريتات وأغنيات تمتلئ بالنفاق لصاحب الضربة الجوية وكل أجهزة الإنتاج، الخيانة التى أشير لها قضت عمدا على هذه الروح بجدار سميك مثلما منعت الأعمال الفنية وخذلت وتم تناسيها تماما وأين هو أدب المقاومة وأدب الحرب مقارنة بأمريكا اللاتينية واسبانيا والجزائر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة