عمرو وجدى يكتب: ترتيب البيت الداخلى أولاً

الخميس، 04 أكتوبر 2012 07:12 م
عمرو وجدى يكتب: ترتيب البيت الداخلى أولاً صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن الزيارات الخارجية لأى رئيس دولة هى أمر مهم جداً، وجزء لا يتجزأ من مهام منصبه، لأنها تحدد معالم السياسة الخارجية لهذه الدولة تجاه قضية أو قضايا معينة بجانب تعزيز التعاون على جميع المستويات مع غيرها من البلدان الأخرى.

فإذا جئنا إلى الحالة المصرية نجد أن مصر قد فقدت دورها الدولى والإقليمى خلال العقود السابقة، وتحديداً فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، وأصبحت قزماً سياسياً بين الكبار ومجرد تابع للسياسة الخارجية الأمريكية، وكانت النتيجة أن حلت مكانها دول مثل قطر والسعودية، لتلعب الدور الأساسى والفاعل الرئيسى لأى قضية أو أزمة والمحرك لها... ومن هنا تأتى الزيارات الخارجية للرئيس محمد مرسى لاستعادة الدور المصرى مجدداً على الساحتين الدولية والإقليمية، ومحاولة طمأنة العالم على الوضع الداخلى فى مصر، وأنها مازالت تخطو أولى خطواتها على طريق الديمقراطية مما له أكبر الأثر فى جذب الاستثمارات وفى دعم السياحة وتنشيطها.

ولكن أتصور أنه كان على الرئيس محمد مرسى ترتيب البيت الداخلى أولاً بدارسة الملفات الداخلية العديدة والمعقدة، وحل المشكلات والأزمات التى يعانى منها المجتمع المصرى، واستعادة الأمن الداخلى والقضاء على الانفلات الأمنى، وحل مشاكل الاقتصاد وعجز الموازنة، وتوفير مياه شرب آمنة للمواطنين، وحل مشاكل الوقود والبنزين ورغيف العيش والنظافة، وتوفير مكان مناسب للباعة الجائلين المنتشرين فى كل أرجاء مصر، كان عليه أن يعكف مع فريق مساعديه ومستشاريه أن يبحث عن أفضل الطرق لتنفيذ برنامج المائة يوم - الذى قارب على الانتهاء - والذى وعد الشعب به فى برنامجه الانتخابى، وأن يقوم بفتح حوار مجتمعى شامل مع كل التيارات والقوى السياسية للتوافق حول القضايا الجوهرية التى تهم المواطن، وتأتى على رأس أولويات الدولة.

فهل يعقل أن يتم التفاوض مع المستثمرين الأجانب على استثمار الملايين بل المليارات من الدولارات فى ظل تفاقم للأزمات الاقتصادية واستفحال للمشاكل الأمنية، وفى ظل قوانين وإجراءات وتشريعات "تطفيش" المستثمر بدلاً من أن تجذبه، فمن هو المستثمر الأجنبى العاقل الذى سيلقى بأمواله فى بلد يعانى من كل هذه المشكلات والأزمات، فى بلد تجعل المستثمر يفكر آلاف المرات قبل الإقدام على استثمار أمواله فى ظل بيروقراطية مستفحلة.
وهل من المنطقى أن يتم دعوة السياح الأجانب لزيارة مصر والاستمتاع بطقسها فى ظل حالة الانفلات الأمنى الذى يعانى منها الشارع المصرى والتى تهدد السياح، وفى ظل اعتصامات وإضرابات متكررة تخنق الميادين وتغلق الشوارع، فمن هو السائح الذى يأمن على نفسه أن يأتى إلى دولة للاستمتاع بطقسها وزيارة معالمها الأثرية، ويكون معرضاً للاختطاف أو القتل أو السرقة.

لقد مر على تولى الرئيس محمد مرسى ثلاثة شهور قام بعمل 9 زيارات خارجية، أى بمعدل زيارة كل عشرة أيام تقريباً، تكلفت هذه الزيارات ملايين الجنيهات اقتطعت من خزينة الدولة شبه الخاوية، وكان من الأجدى أن يتم صرف هذه الأموال فى مشروعات أو برامج تخدم المواطن البسيط الذى لا يجد قوت يومه، كان من الأجدى على الرئيس محمد مرسى أن يلغى الزيارة التى قام بها مؤخراً إلى كل من بلجيكا وإيطاليا فى وقت كانت مصر تشتعل من جراء عرض الفيلم المسىء للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) والانتظار ليتابع الأحداث عن قرب، خاصة وأنه كانت هناك احتجاجات واشتباكات بين المتظاهرين وبــين قوات الأمــن أسفرت عن قتلى وجرحى وخسائر عديدة، بالإضافة إلى اقتحام سفارة أجنبية يفترض أنها فى حماية مصر الذى هو رئيسها، أليست قضية الأمن القومى المصرى أهم من أى زيارة خارجية، أليست دماء أى مواطن مصرى أهم من لقاء أى رئيس أو رئيس وزراء دولة.
سيدى الرئيس، أنا لست ضد الزيارات الخارجية وأعرف أهميتها ومردودها جيداً، ولكن كفى فى هذه الفترة - أو على الأقل الترشيد منها - حتى تبدأ عجلة الداخل فى الدوران على الطريق الصحيح، حتى يتم ترميم البيت من الداخل.. ذلك البيت الذى تعرض لكوارث وانهيارات وانتكاسات كثيرة خلال السنوات الماضية أثرت على بنيانه، وأصبح آيلاً للسقوط فى أى وقت على قاطنيه من أبناء الوطن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة