يبدو أن النذر اليسير من المساعدات الأجنبية هو أفضل ما يمكن أن تعول عليه مصر لتفادى أزمة بميزان المدفوعات فى الوقت الحالى، لأن كثيرًا من المستثمرين، الذين انسحبوا من البلاد العام الماضى لا يريدون العودة قبل أن تبرم الحكومة اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولى.
ومن شأن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولى، أن يمنح المصداقية للحكومة الجديدة، التى يقودها الإسلاميون، والتى تسعى جاهدة لإنعاش الاستثمارات الأجنبية، التى توقفت تمامًا عقب الانتفاضة الشعبية، التى أطاحت بحسنى مبارك العام الماضى.
وقال أنتونى سايموند من أبردين لإدارة الأصول، التى لا تستثمر فى مصر "إلى أن يتم توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولى فسيستمر إحجام الكثيرين انتظارًا لذلك الختم بالموافقة والدعم للسياسات".
ويريد صندوق النقد من الحكومة المصرية إصلاح نظام الدعم واتخاذ إجراءات أخرى قد لا تحظى بقبول شعبى لكبح عجز الميزانية المتزايد قبل أن يوافق على إقراضها 4.8 مليار دولار.
لكن الأمل يتضاءل فى أن تتحرك حكومة الرئيس محمد مرسى سريعا لفرض الإصلاحات المعقدة، التى تنطوى على مخاطر قبل شهور قليلة من انتخابات برلمانية متوقعة ثم تشرف على تطبيقها بكفاءة فى ضوء تفشى البيروقراطية بالجهاز الإدارى الضخم.
وتأجلت محادثات صندوق النقد الأسبوع الماضى، وقال رئيس الوزراء هشام قنديل أمس، الأربعاء، إنه سيجرى استئنافها فى الأسبوع الأخير من أكتوبر، وكان من المقرر أن يصل وفد من الصندوق إلى القاهرة أواخر سبتمبر، لكن الحكومة قالت إنها تحتاج مزيدًا من الوقت لوضع خطة الإصلاح.
وقال إتش.اس.بى.سى فى مذكرة فى الآونة الأخيرة "فى ضوء أن الاحتياطى (الأجنبى) لا يغطى سوى أكثر قليلا من واردات ثلاثة أشهر فإن أى تأخر كبير فى اختتام المحادثات من المرجح أن يؤدى لتدهور سريع فى الثقة وعودة الضغط النزولى على العملة سريعا".
معظم المستثمرين الذين مازالوا يتجنبون مصر - وهو ما يرجع جزئيا لمخاوف من خفض كبير فى قيمة العملة- فاتتهم فرصة اغتنام قفزة بنسبة 55 بالمائة فى أسعار الأسهم وهبوط العائدات على الأدوات المالية الحكومية منذ تشكيل الحكومة.
جاء ذلك فى الوقت الذى بدأت فيه دول خليجية تنفيذ وعودها بتقديم الدعم ما أوقف نزيفا فى احتياطى مصر من النقد الأجنبى وبعدما أظهرت الحكومة عزما جديدا على جذب المستثمرين.
ولم يسفر اندلاع الاحتجاجات مجددا فى شوارع القاهرة الشهر الماضى ردا على فيلم مسىء للرسول عن موجة طويلة من أعمال العنف الدموية من النوع الذى كانت تشهده البلاد عادة خلال العام الذى أعقب الإطاحة بمبارك فى فبراير2011.
وأظهرت بيانات البنك المركزى المصرى أن الأجانب الذين صفوا حيازاتهم من أذون الخزانة المقومة بالجنيه المصرى بين الانتفاضة ومايو الماضى أصبحوا مشترين صافين مرة أخرى فى يونيه.
وكان مديرو أصول مثل شركة أبوظبى للاستثمار وسيلك إنفست يستثمرون بالفعل فى الأسهم المصرية خلال الفترة المضطربة، التى تولى فيها الجيش إدارة البلاد بعد الإطاحة بمبارك.
وتحوز سيلك إنفست سندات شركات بالعملة المحلية وأسهمًا فى شركات مثل بنك الاستثمار المجموعة المالية هيرميس، الذى يحصل رسوما بالدولار وهو ما يجعله أقل تعرضا لمخاطر العملة المحلية.
وقال دانييل بروبى، مدير الاستثمارات فى سيلك، "بغض النظر عن الجلبة الدائرة فإن البلاد تمضى فى الاتجاه الصحيح" مشيرا إلى الانتخابات وتحرك مرسى للحد من سلطات الجيش وانحسار الفساد وتخصيص أفضل لموارد الدولة.
وأضاف "صندوق النقد الدولى لم يقم بدوره بعد لكن التمويل القادم من مصادر أخرى يظهر أن بإمكانهم تدبر الأمر حتى الآن".
وقال محمد الهاشمى، رئيس إدارة الأصول فى شركة أبوظبى للاستثمار، إن الشركة كثفت حضورها فى مصر منذ بداية العام بالتركيز على الأسهم المرتبطة بالسلع الاستهلاكية فى ضوء آفاق النمو طويلة الأجل التى يعززها النمو السكانى السريع.
وتراجع العائد على سندات مصر الخارجية، التى تستحق فى 2020 الشهر الماضى إلى مستويات ما قبل الانتفاضة دون 5.2 بالمائة بعدما صعد إلى 8.3 بالمائة فى يناير.
رويترز: المستثمرون يخشون العودة لمصر قبل اتفاق مع صندوق النقد
الخميس، 04 أكتوبر 2012 06:30 م
كريستين لاجارد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة