هيئة الكتاب تصدر "الأساطير المتعلقة بمصر فى كتابات المؤرخين المسلمين"

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012 01:20 ص
هيئة الكتاب تصدر "الأساطير المتعلقة بمصر فى كتابات المؤرخين المسلمين" غلاف الكتاب
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى المنطقة الواقعة ما بين الموروث الشعبى والتاريخ، تأتى هذه الدراسة التى صدرت عن الهيئة العامة للكتاب بعنوان "الأساطير المتعلقة بمصر فى كتابات المؤرخين المسلمين" ضمن إصدارات مكتبة الأسرة 2012م للدكتور عمرو عبد العزيز منير الباحث المتخصص فى العلاقة بين التاريخ والفولكلور، والكتاب يعيد الاعتبار إلى قيمة ودور الموروث الشعبى، ويؤكد على "ثمة علاقة جدلية بين الموروث الشعبى والتاريخ، وأن الموروث الشعبى مادة من مواد التدوين التاريخى، التى تساعد على تفسير الظواهر التاريخية وفهمها، والتاريخ بدوره يشترك معه فى دعامات ثلاث: الإنسان، الزمان، المكان".

هذا الكتاب الذى يحاول أن يملأ فجوات فى بنية (المسكوت عنه تاريخياً عمداً أو بدون قصد) فى المصادر التاريخية التقليدية، والتى لا تستطيع وحدها أن تقدم لنا الحقيقة التاريخية، إذ إنه لا يمكن للشهادات الجزئية أن تقدم لنا الحقيقة التاريخية، وإنما غاية ما يمكنها أن تقدم لنا، جانباً جزئياً من تلك الحقيقة التاريخية. فالتاريخ وحده لا يمكن أن يطلعنا على وجدان الشعب، لأنه يصنف الحوادث، ويحتفل بالأسباب والنتائج، ويتسم بالتعميم. وقد أخذ هذا التاريخ فى صورته الرسمية إلى سنوات قليلة خلت، يقص سيرة مصر من قمة الكيان الاجتماعى، ويرتب مراحل هذه السيرة بالدول الحاكمة أى تاريخ (القمم) بحيث إنها نادراً ما تطرقت إلى تاريخ الناس العاديين الذين يقبعون فى (سفوح المجتمعات) إن صح التعبير، مما جعلنا نستقرئ تراثاً ناقصاً، ولا نلتفت إلى ما أنشاه الشعب لنفسه عن نفسه.

وهذه الدراسة الرصينة تأتى ضمن إصدارات الهيئة فى محاولة لإثارة الوعى أو قل (عودة الوعى) بتراثنا الحضارى، وتصدر عن رؤية تلتمس فى الماضى التفسير الشعبى للتاريخ. أو ما يمكن أن نسميه بـ "البعد الثالث" للدراسات التاريخية؛ أى التفسير النفسى والوجدانى ورؤية الجماعة الإنسانية لذاتها وللكون والظواهر والأحداث من حولها.

انقسم الكتاب إلى تسعة فصول رئيسية مسبوقة بمقدمة ومودعة نتائجها فى خاتمة تلاها ثبت بالمصادر والمراجع المعتمدة؛ حيث أُفرد الفصل الأول للحديث عن أبعاد العلاقة بين التاريخ والأسطورة، وأوجه الائتلاف والاختلاف فيما بينهما، وعرضنا لتعريف كلٍّ من التاريخ والأسطورة ومدلولهما، وجاءَ الفصلُ الثانى عن الأساطير والحكايات المرتبطة بأصل اسم مصر، وأصول المصريين أنفسهم، وما حملته تلك الحكايات الخيالية عن اعتزاز المصريين ببلادهم، وعن تنازع نسبة أصولهم إلى الحاميين، أو اليونانيين أو العرب، والكشف عن أن هذه الاتجاهات الثلاثة فى "الموروث الشعبى" كان يرضى حاجة ثقافية/اجتماعية لشرائح بعينها فى المجتمع المصرى آنذاك.

وخُصصَ الفصل الثالث لعرض المادة الفولكلورية التى تدور حول "فضائل مصر" باعتباره نوعاً من التأليف، نشأ بداية من القرن الثالث الهجرى جمع بين التاريخ والأساطير والموروث الشعبى، وكان إفرازاً للتفاعل القائم بين ما جاء به الإسلام، واللغة العربية، والموروثات الثقافية المحلية فى كل مصر من أمصار دار الخلافة. أما الفصل الرابع فيتناول الأساطير والحكايات التى تناولت الحضارة المصرية القديمة وإنجازاتها، والتى تشى بمدى إعجاب أصحاب هذه الحكايات وجمهورهم بإنجازات الحضارة المصرية القديمة التى بقيت رغم عوادى الزمن. وتم تخصيص الفصل الخامس للحديث عن الأساطير والحكايات التى تناولت الدفائن والكنوز المصرية القديمة وفراعنة مصر. والتى كان الحديث فيها عن الكنوز يحمل بعضها ثمة من الحقيقة، على حين حمل البعض الآخر رائحة المبالغة. كما حاول أن يكشف عن صورة فراعنة مصر القدامى التى تاهت فى كتابات الرحالة والمؤرخين التى حفلت فى بعض موضوعاتها بالخيال الواسع. وفى الفصل السادس عرض لأساطير أصول المدن المصرية القديمة، بما تحويه من أخبار العجائب والغرائب، والذى يدل على مدى إعجاب الرواة وانبهارهم بإنجازات الحضارة المصرية القديمة، وهو الأمر الذى بدا واضحاً من خلال تلك القصص الخيالية عن الأعمال الإعجازية لملوك مصر القديمة.

الفصل السابع جمع بين الحديث عن عمران مصر، وما دار عنه من حكايات شعبية، إضافة إلى الحديث عن العجائب الموجودة على أرض مصر على نحو يكشف عن حجم الخيال الذى غلف تاريخ مصر، وتكشف عن عجز الرواة عن الوقوف على تاريخها الحقيقى، والتى كانت تحاول أن تقدم إجابات "تاريخية" عن حضارة تليدة مضت، ولكن آثارها مازالت ماثلة أمام عيون الناس، والتى تنسب الكثير من منجزات هذه الحضارة إلى أعمال السحر والخوارق. بيد أن بعض هذه الحكايات كانت تحمل ظلاً، أو نواة من الحقيقة التاريخية فى غالب الأحوال.

وعرض المؤلف فى الفصل الثامن للأساطير والحكايات التى تناولت النيل ومصادر المياه فى مصر، حيث أحب المصريون بلادهم وعشقوا نيلهم، وصاغت أساطيرهم وحكاياتهم الشعبية هذا الحب وهذا العشق صياغة جميلة ومثيرة. أكدت أن حياة المصريين ووجودهم اعتمدت على النهر النبيل اعتماداً مطلقاً، وأن إحساسهم بهذا كان كبيراً للغاية. وأُفرد الفصل الأخير عن الموروث الشعبى المتعلق بالشخصية المصرية التى ظلت عرضة للأخذ والرد، وتضارب الآراء والتحليلات عند المؤرخين عبر عهود مختلفة، والتى جاءت كتاباتهم متسمة ببعض المبالغة أحيانا، والواقع أحيانا أخرى.. عمل رغم تخصصه الدقيق، إلا أنه يضمن المتعة حتى لغير المتخصصين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة