يبدو أن مدارسنا أضحت مرتعاً لمن يريد العبث.. أصبحت مباحة لا كبير لها.. ولا قوانين تحكمها.. ولا مهنية تعلو كلمتها فوق الجميع.. باتت مدارس قص الشعر والبلطجة والتحرش بأطفال فى عمر الزهور.
طغت على مدارس أرض الكنانة الأيام الماضية ثلاث ظواهر خطيرة، أولها ظاهرة "الحلاقين"، ففى الأقصر عاقبت "معلمة منتقبة" طالبتين بالصف الرابع الابتدائى لعدم ارتدائهما الحجاب بقص شعرهما، ثم قالت إنها "مداعبة" لا أكثر.. ويا لها من مداعبة "بشعة".
وفى الإسكندرية قامت "المنتقبة الثانية" بقص شعر طالبة بالمرحلة الابتدائية لعدم إنصاتها أثناء شرح الدرس.. ويا له أيضاً من عقاب بشع ومقزز ومقرف.
وما كان من "المنتقبة الثالثة" والسكندرية أيضاً، إلا أن قصت شعر طفل فى "الحضانة" عملاً لحديث النبى صلى الله عليه وسلم "لعن الله المتشبهين بالنساء".. أى تشبه هذا أيتها المعلمة الفاضلة؟ يبدو أنك لا تعرفين متطلبات ومهام عملك كـ"مدرسة" فى "حضانة".
وفى الإسكندرية أيضاً ضربت "المعلمة" طالبتها، وأحدثت بها "6 غرز" أسفل عينها إثر معاقبتها على حصولها على 4 من 10 فى مادة الإملاء، وهى تعتقد أنها تعمل لصالحها، ولا تدرى أنها بذلك تحطم مستقبل البنت التعليمى، إذ إنها ستكره التعليم والمعلمين.
أما مدرس كرداسة فلم يجد أمامه وسيلة لعقاب تلميذ طلب منه أكثر من مرة "قص شعره"، إلا أنه جلب "مقصاً" وحلق له بنفسه داخل الفصل أمام زملائه.. فعلاً ونعم العقاب!!
أما الظاهرة الثانية فهى "التحرش"، وكالعادة كان الصعيد صاحب السبق، فبإحدى مدارس إدفو بأسوان انتهز مدرس المجالات حصة الألعاب ووجود الأطفال بفناء المدرسة، واستدرج طفلة "أولى ابتدائى"، واعتدى عليها جنسياً، مما أدى إلى تهتك "غشاء بكارتها".. ولا أدرى من أين جاء "المعلم" صاحب النيف والأربعين عاماً قلباً ليعتدى على طفلة فى عمر أحفاده.. ولا أستطيع تخيل السبب أياً كان.. وكأن مدارسنا خلقت ليفرغ المدرسون "الأفاضل" و"القدوة الحسنة" شهواتهم وكبتهم داخل فصولها.
وأما الظاهرة الثالثة فكانت "البلطجة"، سواء على المدارس والمعلمين والطلبة على حد سواء، أو اعتداء الطلاب على بعضهم البعض، وكذلك اعتداء المدرسين والاشتباك فيما بينهم، وكانت أبرز واقعة تلك التى قطع فيها مدرس أذن زميله عن طريق "العض" بإسنا فى الأقصر.
وتنوعت حالات البلطجة من تحطيم وتكسير للمدارس، واستخدام الأسلحة البيضاء أو اقتحام ملثمين بالأسلحة النارية لسرقة المرتبات، وللانتقام من الطالبات، أو لسرقة المرتبات والمعامل ونهبها، أو بهدف تخريبى فقط كحرق أوراق وملفات الطلبة.
ويكفيك أن تعرف أن المركز المصرى لحقوق الإنسان أكد وجود أكثر من 6 حالات قتل بالمدارس المصرية فى الشهر الأول من العام الدراسى الحالى، تتراوح أعمارهم من (12 – 16 عاماً).
ناهيك عن حالات الزواج العرفى فى المدارس المصرية الفنية، والمشتركة، والتى وصلت إلى 36 حالة زواج عرفى بعقود موجودة عند بعض الأشخاص الموجودين بالقرب من المدرسة، يباع الواحد بـ100 جنيه، فضلاً عن حالات التمييز الدينى ضد طلبة وطالبات فى ابتدائى وإعدادى.
فضلاً عن أمراض الغدة النكافية، والتى أصيب بها نحو 2000 طالب منذ بدء الدراسة فى 22 محافظة، وإصابات أخرى بالقراع والجدرى والتيفود والملتحمة، وارتفاع نسبة الغياب فى المحافظات لأكثر من 70% بسبب خوف أولياء الأمور على ذويهم من تلك الأمراض.
أنا على اقتناع تام أن التعليم لابد أن يكون "منظومة شاملة متكاملة" تتكون من "طالب" و"معلم" و"مدرسة" و"مناهج"، وفوق كل هذا "وزارة" ترعى الجميع، فضلاً عن أسرة عليها الدور الأول الأهم فى ترسيخ مبادئ الأدب والأخلاق لدى الطفل.. لابد لكل من هؤلاء أن يعى دوره جيداً، وأن يعرف مهامه ومتطلباته وأن ينميها جيداً أولاً بأول، ولابد من إخضاع كل معلم لاختبارات قبل تعيينه، من أجل التأكد من سلامة تفكيره العقلى والنفسى، وخضوعه بشكل مستمر لاختبارات موسعة فى أوقات مختلفة ويشرف عليها جهات متخصصة قبل منحة شهادة مزاولة المهنة.
لابد أن يكون لدينا مناهج تتوافق مع العصر الحديث وآلياته وأساليبه.. مناهج متطورة تستغنى عن الحفظ والتلقين بالفهم وإعمال العقل، والاعتماد على المهارات الذهنية والعقلية والجسدية.
لابد لنا من مدارس تكون مبانيها آدمية تليق بشباب المستقبل وأمل الأمة.. لابد من تأمينها وحمايتها من البلطجة والمتحرشين.. لابد من مراقبة كل من يتعامل مع أبنائنا جيداً، وألا نتركهم كـ"فئران تجارب" لكل من هب ودب.
أطفالنا ومدارسنا أملنا للمستقبل يا دكتور مرسى.. فنظرة من فضلك لإعادة الأمور لنصابها الصحيح.. إذا كنت فعلاً تريد "النهضة".
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف عطالله
مقالة رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى فرغلى
تمام يا أستاذ على
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد حماده
عوده