على حسن السعدنى يكتب: أعراف وتقاليد

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2012 02:24 م
على حسن السعدنى يكتب: أعراف وتقاليد صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يخلو أى مجتمع من المجتمعات الموجودة من عادات وتقاليد قديمة وموروثة تعارف عليها البشر فى حياتهم باتت تشكل صفة شبه إلزامية يسير عليها معظم أفراد المجتمع، أصبحت تفرز مفهوما عاما اصطلح على تسميته بالعرف ثقافيا، وبالعادات والتقاليد اجتماعياً، المفارقة فى غالب الأحيان أن هذه الأشياء تخرج عن نطاق المعروف والمألوف من خلال هذه السلوكيات المعروفة، بحيث يتم استحداث بعض الأفعال التى ربما تكون غريبة بعض الشىء عما يتم تداوله بين الناس فى أى مجتمع كان السؤال المنطقى الذى يطرح نفسه فى هذا الموضوع هو ماهية المرجعية التى يتم من خلالها الاحتكام لصوابية هذه العادات والتقاليد من عدمه.. وهل هذه الأعراف يجب أن تفرض أو تكون ملزمة للمجتمع بكليته.. حتى ولو بطريقة ناعمة وغير مباشرة، وبالتالى لا يجب الخروج عنها، الإجابة عن هذا التساؤل يحتاج إلى مزيد من التمعن الجدّى والمستفيض فى هذه الجزئية بالتحديد، وذلك للأهمية التى ربما لا يقدّرها الكثير من الناس على الأكيد.

يجب التذكير أولا "وقبل كل شىء بأن فى هذه الحياة أصول تتشعب منها مجموعة من الفروع تشكل بمجملها لا بأحاديتها مجموعة كاملة، تكون بمثابة الهدف المعالج والمرجو من القيام بأى تصرف كان فى الحياة النظرية والعملية فلو تم الدخول من باب هذا المنطلق.. وكان التعامل مع هذه العادات على أساس المساواة بين البشر فى الحقوق والواجبات الأساسية - طبعاً" مع مراعاة الفروق الفردية والخبرات الإضافية - والتى من المفترض أن تكون هذه القيمة العادلة جوهر وأساس تلك العادات والأعراف، وبالتالى اعتبارها المرجعية الحقيقية لكل تلك السلوكيات المعروفة، لما كانت من مشكلة يمكن أن تبرز فى واجهة المجتمع قد تؤثر سلباً على أفراده، وتعيق عجلة تقدمه وازدهاره هذه القيمة المعنوية (المساواة) تنطلق من الأصل المذكور سابقا، المختص بكل الأشياء، وهو العدل والذى يتفرع منه المساواة.. وهذه الأخيرة تشمل كافة القيم الاجتماعية والتى من ضمنها الحرية.. وهى جوهر موضوع البحث.. وتشكل نسبة كبيرة من الأهمية لدى الإنسان فعندما يعتاد البشر على سلوك بعينه فى مجتمع ما، فإنهم لا يحبذون لأحد من أفراده فى الخروج عنه.. فهذا لا خلاف عليه، بل ربما محبب.. ما دام هذا السلوك عادل سوى، وأن متّبعيه غير مرغمين على فعله بإرادتهم أو سواها لكن المشكلة فى هذا الموضوع هو استحداث بعض السلوكيات غير العادلة وإن من زمن مضى - والتى تصبح عادات اعتيادية مع ممارساتها تلحق بعض الضرر ربما بسبب انتهاكها لحرية الآخرين إذا ما أقدموا على مخالفتها، إن الإنسان حر فى ما يقوم به من أفعال ما دامت لم تلحق ضرراً أو تشكل خطراً على حياة الآخرين، هو حر فى مأكله فى مشربه فى ملبسه وفى كل تصرفاته إجمالاً، لذلك فالذى لا يحترم تصرفات الآخرين مادامت تراعى سلامته، لا يؤمن بالمساواة فى الحرية التى يحب أن يتمتع بها لذاته.

فعند قيام إنسان بسلوك معين متعارف عليه عدليا "وفقاً" لاعتبار المساواة، مثل أن يتدبر الرجل شئونه المنزلية بنفسه بمعنى أن يقوم بخدمة نفسه بوجود زوجته، وشوهد أو تحدث عن فعله لذلك لوجهت له الانتقادات وربما وصلت إلى حد الاتهامات بالضعف أو بالخضوع لسلطة الزوجة، أو الإهانة - خاصة فى المجتمعات المنغلقة - وكأن هذا العرف المنصف ممنوع... وبالتالى ربما يحمل الإنسان على تجنب أعين الآخرين والامتناع عن التحدث فى ذلك.. وربما أيضا يترك هذا السلوك المقرّب والمألّف بين الزوجين بالكلية وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، فعندما يقوم أحد أفراد المجتمع بارتداء لباس معين أكثر انفتاحاً مما يرتديه عامة أفراد المجتمع، فإنه أيضاً ينتقد، وربما يهاجم ويتهم بصفات غير لائقة ولا تنسجم مع ثقافة وأخلاق المجتمع المبنية على الأصل المتمثل فى المساواة فى الحرية لكافة أفراده بجنسه.
وأيضا بنفس القدر من الانتقادات توجه لأى وسيلة إعلامية لبثها برنامج يتحدث عن الثقافة الجنسية، وذلك بحجة أنه ينتهك الذوق العام أو يثير الغرائز الجنسية فهذه السلوكيات لا يمكن لها أن تبنى مجتمعات راقية ومتحضرة تحترم التنوع الإيجابى.. فالأعراف المتمثلة بالعادات والتقاليد تكون محببة لدى البشر لخلقها جسور التواصل والتقارب بين أفرادها، ما تحقق التآلف والانسجام التوافقى.. لكنها لا يجب أن تمس حق الآخرين فى الحرية، وأن يتم فرضها بالإقناع القهرى فكل إنسان من حقه أن يكون له أطباع معينة..لكن من غير العدل بأن يقوم بانتقاد الآخرين عندما يخالفونها ويصبح مصطلح العرف الممنوع حقيقة واقعة، الحرص على المحافظة على أصل العادات والتقاليد والمتمثل بالعدل مهم ومطلوب، ويجب اعتباره الحكم على كل تصرفات وسلوكيات البشر، لأن الأفعال المقامة على هذا الأساس هى بحد ذاتها أعراف حقيقية حتى وإن لم تكن موجودة أصلا" فى المجتمع.. فإذا ما تم ذلك، فإنه يمكن القول بأن هذا المجتمع بات على الطريق الصحيح استعداداً" للانطلاق نحو السعادة والرفاهية.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة