منذ أن تولى الرئيس مرسى صلاحيات رئاسة الجمهورية بدأ يعرب عن آرائه فى الحكم وعلاقاته بالعالم الخارجى إقليميا ودوليا حسب مقتضى الحال وبشكل تدريجى، ومن آن لآخر يصرح تصريحات فى كيفية مواجهة المشكلات.
وثمة تصريح أخذ يلح على تكراره كثيرا كلما سنحت له الفرصة وخاصة فى اللقاءات الخارجية فى إيران وفى الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم فى تركيا مؤخرا حيث نراه يؤكد باستمرار أن سياسته تقوم على عدم التدخل فى شؤون الغير وعدم السماح للغير بالتدخل فى شؤوننا. والتصريح بهذا الشكل يمتد إلى المعنى المطلق ودون تحديد أو تفرقة بين ما هو إقليمى ودولى وقومى ودينى إذ الكل فى هذه الحالة سواء.
لكن تصريحاته فى إيران حين حضوره مؤتمر مجموعة دول عدم الانحياز «أغسطس الماضى» ثم فى تركيا «آخر سبتمبر الفائت» بشأن الأحداث فى سوريا تتناقض مع تصريحه المتكرر بشأن عدم التدخل فى شؤون الغير، ذلك أنه يطالب بإسقاط حكومة بشار الأسد إنقاذا للثورة فى سوريا، بل إنه اقترح لجنة رباعية لبحث كيفية إنقاذ الشعب السورى، والمعنى الخبىء هو إسقاط حكومة الأسد. وبصرف النظر عن حق الشعب السورى فى الثورة على حكامه والتأييد الذى تلقاه الثورة من عدة دول وقوى، إلا أن موقف الرئيس المصرى المساند للثورة والمطالب بإزاحة حكومة بشار يتعارض مع ميثاق جامعة الدول العربية «مارس 1945» فى المادة الثامنة التى تنص على ما يأتى: «تحترم كل دولة من الدول المشتركة فى الجامعة نظام الحكم القائم فى دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقا من حقوق تلك الدول وتتعهد بألا تقوم بعمل يرمى إلى تغيير تلك النظم».
وهذا النص واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض، وتحكيمه يعنى أن تصريحات رئيس مصر بشأن ما يحدث فى سوريا يعد تصرفا ضد ميثاق الجامعة، وأيضا ضد تصريحه المتكرر بعدم التدخل فى شؤون الغير. وبهذا التصرف وضع الرئيس مرسى نفسه فى صف الولايات المتحدة الأمريكية التى تحشد العالم ضد بشار الأسد ومعها الدول التابعة لها إقليميا ودوليا مثل قطر وتركيا التى تستضيف عندها مجلس الحكم الانتقالى السورى استعدادا للوثوب إلى السلطة إذا ما نجحت محاولة الإطاحة بالأسد.
إن ما يحدث فى سوريا لا علاقة له بثورة شعب يريد التحرر من الطغيان ومن العنصرية لكن الأمر كما يبدو من ظاهر الأحداث وسياقها العام أن الولايات المتحدة التى تساند «الربيع العربى» تسعى لضمان بقاء إسرائيل وعدم التعرض لها. ويبدو هذا واضحا من أن كل حكومات الثورات التى قامت فى هذا الربيع أعلنت أنها لا تعادى إسرائيل بما فى ذلك مصر التى أعلن رئيسها التزامه باتفاقية «السلام» مع إسرائيل. ومنذ تلك الاتفاقية والولايات المتحدة تسعى لعقد مثلها مع الدول العربية وخاصة المحيطة بإسرائيل، وتم لها ما أرادت مع الأردن «اتفاقية وادى عربة 1993» ولم يبق إلا سوريا ولبنان. ولما كانت سوريا فى لبنان بحكم اتفاقية الطائف بعد غزو إسرائيل للبنان «سبتمبر 1982» وسوريا ما تزال متشددة تجاه حقوق شعب فلسطين ولا تبالى باحتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان، فقد تم إخراجها من لبنان فى 2005 تحجيما لقوتها. ولما كان حافظ الأسد ثم ولده بشار يرفضان موديل كامب ديفيد ووادى عربة فقد بدأت أمريكا جهودها لإجبار سوريا على الاعتراف بإسرائيل والوسيلة المناسبة فى هذا الخصوص إثارة الطوائف فى سوريا بعضها ببعض فى شكل ثورة تبدو تحررية وبعدها تصبح سوريا فى قبضة إسرائيل تليها لبنان مباشرة، ودمتم بخير.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
]د عمر
أحسنت يا دكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
أ.د. طارق حسن المتولي
لهم علينا فضل وشرف الزيادة من الشهداء
عدد الردود 0
بواسطة:
نور
الحمد لله على نعمة العقل
عدد الردود 0
بواسطة:
رحاب
الرئيس مرسي وشؤون الغير
عدد الردود 0
بواسطة:
هانى
هو الكاتب كان عايش لما العراق و ليبيا أنضربوا و لا