تعيش مصر حالة من التسطيح الفكرى والسياسى بل والدينى أيضاً!
اثنان وعشرون شهراً عاشتها مصر فى حالة من التربص والتحفز والنقد والهدم لمجرد النقد فى وقت هى أمس الحاجة فيه إلى البناء والتنمية والتعاون والمشاركة الفعالة الإيجابية.. لا أن نقضى هذه الشهور الطويلة ينتظر الواحد منا للآخر هفوة ليضخمها إعلاميا ويستفيد منها فى معركته المصيرية مع الآخر.. لأننا للأسف الشديد جعلنا وجودنا مبنياً على اختفاء وغياب الآخر من المشهد تماماً.
اثنان وعشرون شهرا ً عاشتها مصر فى معارك وصراعات واستقطابات حادة لا تنتهى.. وفى واقع يغيب فيه فقه الأولويات.. مما أدى إلى إضاعة الوقت والجهد.
البعض ينادى بتجريم الزواج قبل سن 18 سنة.. والآخر يطالب بتقنين سن الزواج من التاسعة.. ناسين أو متناسين أن البنت فى هذه السن لم تنضج عادة وأن الزواج فى هذه السن ـ 9 سنوات ـ قد يصيب الطفلة باضطرابات فى حياتها الزوجية، وقد تصاب بأمراض نفسية، وقد يحدث لها نزيف ليلة الزفاف، بل وقد يؤدى بها إلى الموت كما حدث مع الطفلة المغربية إلهام العشرى.. وهذا يختلف من طفلة إلى طفلة ومن بيئة إلى أخرى.
ففى المدينة نجد الطفلة فى سن التاسعة قد لا تحسن الذهاب إلى المدرسة وحدها.. أما الطفلة فى البيئات الصحراوية قد تكون قادرة على الإنجاب والقيام بمهام الأمُومة الصعبة.
الزواج فى سن التاسعة ليس سُنة كما يدعى البعض.. وما كان مألوفاً ومقبولاً قبل سنين بعيدة فى بيئة مختلفة ليس بالضرورة أن يكون كذلك اليوم.
وكذلك الزواج قبل سن 18 لا ينبغى أن يكون جريمة يُعاقب عليها القانون فيتحايل عليها المجتمع كما حدث عندنا فى الإسكندرية عندما تزوجت فتاة فى السادسة عشرة من عمرها وأنجبت وهى فى سن السابعة عشرة.. ثم توفى زوجها وهى فى سن السابعة عشرة وشهر ولم يوثق الزواجُ بعد.
فإذا هى أرادت الزواج لابد لها من استخراج شهادة وفاة.. وكذلك شهادة ميلاد لطفلها اليتيم.. فماذا تفعل فى هذه الكارثة ؟!!
فمن المقرر عند فقهاء الشريعة أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص والأعراف.. أما القانون الأعمى فلا يفرق بين طفلة قادرةً على الزواج وأخرى غير قادرة.
فعلى فقهاء الدستور والنخبة والمثقفين أن يتركوا هذه المسألة للعادات والأعراف.. فمن رأى فى ابنته قدرة على القيام بأعباء الزواج زوجها.. ومن رأى فى قرة عينيه عدم قدرة على الزواج رعاها وأحسن تربيتها إلى أن تبلغ هذه المقدرة.. فالله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
صالح أبو العباس يكتب: العرائسُ تزفُ إلى الموْت!
الأحد، 28 أكتوبر 2012 06:03 م