أستاذى القدير: أحمد فيكم نقدكم لأى انحراف سواء كان فى خصومكم السياسيين أو كان من تيار اليسار الذى تنتمون إليه وأنتم أحد رموزه، ذلك التيار الذى أحترمه وأقدره رغم اختلافى معه.
أستاذى... تابعت مقالاتكم المتعاقبة فى نقدكم للإخوان تاريخياً وأدبياً وسياسياً وقد اتفقت معكم أحياناً واختلفت معكم فى أخرى وخاصة تخوفاتكم منهم ومن لواء الخلافة الإسلامية التى يسعون لبعثها.
أختلف معكم أيضاً فى تخوفاتكم لمستقبل مصر تحت حكم الإخوان وأقول لكم: إننى أخشى على الإخوان ولا أخشى منهم.
الأول: عدم وجود منافس قوى لهم على الساحة السياسية وذلك يخالف سنن الحياة التى تنص على أن أى قوة مهما عظمت فيجب أن يكون لها قوة أخرى مضادة تقاومها وتقومها وطالما حدثنا التاريخ عن أمثلة كثيرة مثل الفرس والرومان، البرتغال والإسبان، الفرنسيين والإنجليز، السوفيت والأمريكان.
وهذا يفسر معنى الآية الكريمة قال تعالى: (وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّه) (الحج:40-41).
فضلاً عن أن المنافسة تدفع إلى التجويد، فلولا تألق الزمالك ما تعملق الأهلى.
أما التخوف الثانى: هو الزهو النشوة بالانتصار السهل الذى يجعل المنتصر يستخف بالآخر ولنا فى المخلوع عبرة عندما سخر من معارضيه قائلاً (خليهم يتسلوا) وهذه كلمة السر لإزالة دولة اللاستفراد والاستخفاف.
أما التخوف الثالث فهو أحادية الرؤيا التى تنتج من استبعاد الآخر لأسباب من ضمنها ضعف الشريك أو تشرذم الشركاء وأيضاً التزيّد فى الوطنية والإخلاص ومن أعراضها تخوين الآخر وهذا الاستفراد دائماً ما يأتى بالأخطاء الكارثية.
أزعم أن المسئولين عن هذا الوضع العبثى والكارثى ليسوا الإخوان بل خصومهم الذين تركوا الملعب الرئيسى للمباراة وذهبوا للملعب الفرعى، تركوا المنافسة السياسية القائمة على التواجد فى الشارع وتوجيهه فى الاتجاه الصحيح لتكون لهم الشعبية ويصبحوا منافسين حقيقيين ولكنهم تمسكوا بوسائل من شأنها تعظيم المسافة بينهم وبين غالبية الشعب وتبنوا سياسة الضباع لا سياسة الأسود، إن الأسد يأكل من صيده أما الضبع فيتمنى أن يموت الأسد أو ينتظر رحيله ليقتات مما ترك الوحش أن أغلب الساسة انتهج سياسة النقد الهدام والهجاء المفضوح ضد الإخوان واستسلموا للأسد ولم يقدموا لنا نموذجاً بديلاً.
فلا نلوم الشعب على اختياراته بل نلوم خصوم الإخوان الذين جعلوا أى انتخابات عبارة عن استفتاء على شعبية الإخوان فلنكن أسودا لا ضباعاً ليس كراهية فى الإخوان بل حباً لمصر.
