د. مصطفى النجار

أوباما ورومنى.. الأمريكيون بين الباهت والضعيف

الجمعة، 26 أكتوبر 2012 12:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سألت هذا الشاب الذى قابلته فى واشنطن قبل بدء المناظرة الأخيرة بين أوباما ورومنى، لمن ستعطى صوتك فى هذه الانتخابات؟ قال لى بحدة، فليذهبوا للجحيم، إنهم فاشلون وكاذبون، هذا هو الانطباع الواسع الانتشار بين قطاعات كبيرة من الأمريكيين، حيث يسيطر عليهم الإحباط وهم يرون أن أوباما قد فشل فى تحقيق وعوده لهم، ولم يستطع أن يواجه الأزمة المالية التى رفعت أعداد العاطلين فى الولايات المتحدة ووصل نصيب مديونية كل مواطن أمريكى من الدين المحلى الداخلى ما يقرب من 55 ألف دولار، كما يقول الأكاديمى ستيف واين الأستاذ بجامعة جورج تاون.

طبيعة المواطن الأمريكى العادى هو عدم انشغاله سوى بما يدور فى ولايته، ولذلك فإن القضايا الخارجية لا تمثل له اهتمام وما أعقب أحداث 11 سبتمبر كان استثنائيا، إذ استطاع صناع السياسة نقل اهتمام المواطن الأمريكى للخارج عبر مضاعفة الخوف، والتضخيم من إحساس الاستهداف عبر الإرهاب والتطرف الذى استطاع أن يصل إلى أمريكا فى عقب دارها.

لذلك حوّل المرشحان اتجاه المناظرة الأخيرة كثيرا نحو قضايا الداخل التى تعنى المواطن الأمريكى، خاصة بعد انحسار اهتمامه بكل ما هو خارجى، وبدت أوراق اللعب بقضايا الخارج بلا قيمة ومنعدمة التأثير، بما فيها الملفات الأهم مثل إيران، وأمن إسرائيل، إذ أن الجميع يعلم أن استراتيجيات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، لن تتغير بتغير شخص الرئيس ولن يستطع أحد أخذ اتجاهات حادة تغير مسار السياسة الأمريكية الحالية.

صنع أوباما حالة شديدة العاطفية والتفاؤل وزرع الحلم فى قلوب الأمريكيين الذين وقفوا خلفه فى الانتخابات السابقة، وعاشوا معه هذا الحلم فى صناعة التغيير، ولكن عصفت الأزمة المالية بهذا الحلم، وغرق أوباما فى معاركه الداخلية حتى مع الديموقراطيين أنفسهم فى قضايا ووعود انتخابية أساسية مثل نظام التأمين والرعاية الصحية على الأمريكيين.

من يطالع الداخل الأمريكى يدرك أن النظام السياسى الأمريكى يجعل الانتخابات المحلية فى كل ولاية هى الانتخابات الأهم بالنسبة للمواطن الذى يحرص على انتخاب ممثليه المباشرين وحاكم ولايته ولكل ولاية دستورها وقوانينها الخاصة، وكذلك نظامها الضريبى الذى يتغير من ولاية لأخرى.
أما دور الحكومة المركزية فهو دور صغير بالنسبة لصلاحيات ومسؤوليات السلطة داخل كل ولاية ولذلك فإن ما يفعله المرشحون الآن هو التركيز على ضرورة التصويت فى الانتخابات الرئاسية بسبب الخوف الشديد من ضعف المشاركة المتوقع بسبب حالة الإحباط والعزوف العام.

الأمريكيون محبطون من أداء أوباما ولكنهم لا يجدون فى رومنى البديل القوى الذى يثقون فيه، وعدد كبير ممن سينتخب أوباما غير راض عن أدائه بعد أن فقد بريقه وأصبح باهتا فى عيون مؤيديه، وانعكس ذلك على أرقام المتطوعين فى حملة أوباما الانتخابية التى لم تعد بنفس الزخم الشبابى الذى تميزت به فى الانتخابات الماضية.

رومنى من نوع السياسيين الذين يجيدون حرق أنفسهم بأنفسهم فتصريحاته المتغيرة دوما والحادة كثيرا أهدت أوباما فرصا سهلة لحرقه سياسيا، واللعب على وتر الضرب فى مصداقيته وثبات مواقفه، وهذا مؤثر جداً لدى الشعب الأمريكى الذى يقدس قيمة الصدق وعدم التناقض فى المواقف.
لو استغلت حملة رومنى فقط نقاط ضعف أوباما الحقيقية لاستطاعت بسهولة حسم المعركة لصالحها ولكنها بالغت فى التحقير من كل ما فعله أوباما أثناء فترة رئاسته الأولى بالإضافة إلى إصرارهم على رفض وتغيير مشروع أوباما للرعاية الصحية الذى صار مهما لقطاعات كبيرة من الأمريكيين مع حالة الكساد الاقتصادى وفقد الوظائف. فاز أوباما بجدارة فى المناظرة الأخيرة، ولكن هذا الفوز لا يضمن له النجاح فى حسم الانتخابات لأن المزاج الشعبى مستاء والسلوك التصويتى النهائى لم يحسم بعد فى أكثر من 10 ولايات أمريكية بعيدة عن السيطرة الكاملة للجمهوريين او الديموقراطيين.

وأيا كانت النتيجة فإن المنطقة العربية ستظل محور اهتمام الإدارة الأمريكية التى تدرك جيدا أن الشرق الأوسط هو أخطر منطقة مرتبكة وغير مستقرة وتمثل خطورة على أمن واقتصاد ومستقبل الأمريكيين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

فؤاد كمال

تعليق

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد علي

شأن امريكي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة