المؤامرة بدأت تلقى بملابسها قطعة بعد أخرى لتكشف عن المستور، بينما الأعين تحملق وتخرج عن مآقيها فى بلاهة وشرود، واللعاب ينساب ويسيل دون وعى، والأطراف ترتعد والجوارح تنتفض، وصاحبة الجسد الوردى تحتفظ بالمشهد الأخير حتى يقع المشاهدون فوق حلبة صراع الشهوة فلا تروى شبقهم، ليسقطوا صرعى غائبين عن الوعى ضحايا تقاتلهم وتناحرهم فى السباق نحوها واحدًا تلو الآخر..
وهذا ليس بغريب ولا جديد على أصحاب المؤامرة.. فهم لا هم لهم إلا تحقيق مآربهم والسيطرة على غيرهم..
فهم من يلقون القمح والشعير فى بطون المحيطات لتغرق بعيدا عن أيدى أصحاب البطون الخاوية فى تحد لكل قيم الإنسانية، فلا يستطيع المحتاجون إيقاف آلام الجوع، التى تمزق أمعاءهم المتصارعة الضحلة، فيتعلقون بأذناب أصحاب القمح ويتبعون خطاهم فى عبودية وإذلال طائعين منكسرين..
يا سادة يا كرام ..
بدأنا نرى الفصول تتابع وتتلاحق لتزيل الستار عن دهاء شديد ومكر عميق وخبث فريد يكشف عن خريطة الطريق الجديدة، التى سهرت عقول الاستعمار الـ"آخر موديل" لرسم خطواتها وابتكارها وصياغتها وتنفيذها بإتقان..
أصحاب المؤامرة يستفيدون من طريقة إسقاط العدو اللدود لهم منذ أعوام مضت، والتى خططوا لها من قبل ونفذوها أيضًا بإتقان شديد، حتى سقط عدوهم اللدود صريعاً، واكتفى الآن بالبقاء منعزلاً محدود الحلام بعدما أقصى واستخصى ونزعت أظافره وأنيابه، فنام الدب الروسى خلف أسوار بيته راضيا بقدره بعدما هيمن على العالم لفترة جاوزت السبعين عامًا..
ولنحاول أن نمطى اللثام عن المراد توصيله لأذهان العباد.. كانت الشيوعية هى العدو الأول للأمريكان، فقد جمعت بين قوى بشرية عظيمة رغم تباين واختلاف اتجاهاتها، فى روسيا والصين وكوريا وكوبا وبولندا ونصف ألمانيا وغيرها..
وفى كتابه "ظهور وسقوط الشيوعية" يفسر كاتبه المؤرخ البريطانى ارتشى براون كيفية إسقاط الشيوعية- رغم نجاح التوافق بين التيارات الشيوعية المختلفة فى خلق توازن وفهم جيد واحترام متبادل بين اتجاهات كان الهدف منها تحقيق اليوتوبيا أو المدينة الفاضلة- فقد تركتها أمريكا تفرط فى أحلامها وآمالها بقدرتهم على تحقيق التقدم والإصلاح بمفردهم حتى امتدت الأيدى بالمساعدة لتثير نزاعات أسفرت عن إصلاحات مزعومة واهية باطنها ثم ما لبث أن أسقطت الشيوعية نفسها.
فهل هى صدفة أن تحمل مساندة أمريكا فى طياتها حسن النية فى دعم جلوس التيار الإسلامى على منصات الحكم فى نفس وقت مساندتها ومؤازرتها للمعارضة باسم "الرأى والرأى الآخر" وغض البصر عنه كبداية الانشقاق والانهيار لهذه البلدان؟
هل هو معلوم مسبقًا أن رد الفعل لتولى التيار الإسلامى الحكم هو خلق تكتلات جديدة متباينة الرؤى متنازعة فيما بينها لكنها مناهضة للحكم وتثير البلبلة والقلاقل على مدى سنوات طوال لا نعلم مداها وتستخدم فئات الشعب مخلبًا لتنفيذ أغراضها؟
هل هى صدفة إثارة الزوابع من تحفز وتصريحات الإسلاميين للمناداة برؤيتهم السياسية، وإن كان متشدداً ومتعصباً ومثيرًا لحفيظة ورفض المعارضون المحافظون وتربص الانتهازيون الطامعون فى السلطة وحلم العودة للمشهد، الذى يحمله أذناب النظام المخلوع، وفى نفس الوقت عرض أفلام ورسوم ضد الإسلام لإشعال اللهيب بين الطوائف وإعلان التحدى، ثم العراك الفكرى، الذى يعقبه عراك منهجى مسلح ينتهى بالخراب؟
هل نرى مستقبلا انهيارًا آخر مخططا له يشابه الانهيار الشيوعى سالف الذكر، الذى تم التخطيط لنزاعاته ليسقط نفسه بنفسه؟
أم أن حكماءنا سيتنازلون عن التثاؤب لإنقاذ الأوطان من متربصيها ويعودون للتآلف ونبذ الخلافات ويحذرون القول السائد: الثورات تذهب دائما لأبعد ما يتوقعه الثوريون؟
أم أننا سنظل ننظر مشدوهين يسيل لعابنا ببلاهة لمشاهدة المشهد الأخير، حيث تسقط ورقة التوت– ليس عن الجسد الوردى– وإنما عن ذاتنا وكرامتنا ووطننا؟
صورة ارشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حمد الجاسر العياش
الله اكبر
أكيد دى مؤامرة لكن الله أكبر
عدد الردود 0
بواسطة:
تحية فواز
الشعب هو الأمل