إبراهيم الغيطانى يكتب: صناعة الفقراء

الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012 09:53 ص
إبراهيم الغيطانى يكتب: صناعة الفقراء صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الفقراء فى مصر كُثر، بلغ نسبتهم حوالى ربع عدد سكان مصر البالغ 83 مليون نسمة أى تقريبا 20 مليون نسمة يقف مستوى دخولهم عند 256 جنيها شهريا! وتحدد هذا المبلغ وفقا لخط الفقر القومى الذى وضعه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ومن يعلو هذا الخط ببضع مئات الجنيهات أيضا سيجد نفسه أمام مشكلات لا حصر لها تتعلق بإشباع حاجاته الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن دون أن نتطرق لأى سلع كمالية.

ليس هناك إنسان فقير بالفطرة أو دولة فقيرة بعينها، الفقر هو صناعة حكومية بالأساس، هناك نوعان من الحكومات: نوع يضطلع بسياسات من شأنها تعميق الفقر والجهل وأخرى يحاول أن يستهدف نسب الفقر أو يقضى عليه من خلال سياسات جادة، وسنتعرض للنوع الثانى، والذى غالبا ما يقوم أيضا بسياسات تستهدف ما يسمى تحقيق العدالة الاجتماعية سواء عن طريق دعم السلع والخدمات وتمويل الإسكان، ولكن لا تؤتى ثمارها لأنها ترتبط بنظام اقتصادى قائم على الفساد ويدعمه قيادات بيروقراطية حكومية تربطه علاقات وثيقة بذلك النظام ويتسم الجهاز الحكومى أيضا بعدم الكفاءة والابتعاد عن الابتكار فى تقديم الخدمات الحكومية، ومن ثم تنعدم فعالية السياسات التى تستهدف الفقر أو تحقيق العدالة الاجتماعية.

وكل ما سبق نراه فى مرأى العين وتدل عليه أيضا الإحصاءات والتى أشارت أن مصر جاءت فى المرتبة 112 من أصل 183 دولة فى مؤشر الفساد عام 2011 الذى يصدر عن مؤسسة الشفافية الدولية، وعلى جانب فعالية الأداء الحكومى حصلت مصر على مرتبة متدنية فى مؤشر فعالية الحكومة الصادر عن البنك الدولى نفس العام، حيث حصلت على 32.2 نقطة من أصل 100 نفس العام وجاءت فى المرتبة 143 من أصل 214 دولة.

ونجد أيضا أن النوع السابق من الحكومة تعمل فى نفس الوقت على منح ميزات نسبية لفئات بعينها مثل رجال الأعمال أو المستثمرين فتمنحهم إعفاءات ضريبية وأراضى بأسعار بخسة وأسعار طاقة مدعمة، ومن المفترض أن يقابل ذلك إنتاج ذات جودة عالية وأسعار تعكس الدعم الذى تتلقاه المنشآت بل على العكس نرى مستوى منخفض من الأجور وظروف عمل سيئة ومسئولية اجتماعية ضعيفة وأسعار مرتفعة تعكس هامش ربح مبالغ فيه، دون أن يكون للحكومة أى دور رقابى مما يعمق من الفقر داخل المجتمع.

وفى ظل السياسات غير المتوازنة والتى تأتى فى صالح بعض الأفراد، ليس علينا إلا أن ندشن علاقات اقتصادية متوازنة قائمة على تحقيق مصالح جميع الأطراف الاقتصادية، حينئذ نستطيع أن نستهدف الفقر المستشرى فى ربع سكان مصر، ويستوجب علينا الأمر أن نمكن الفقراء بوضع سياسات عادلة تتعلق بالتوظيف والأجور ليس فقط وإنما كسر حاجز القواعد الاقتصادية التى تفترض أن الفقراء مجرد متلقون للإعانات ولكن جعلهم أحد الأدوات الناهضة بالاقتصاد، وليس أدل على ذلك ما قام به محمد يونس صاحب فكرة جرامين بنك بتغيير قواعد اللعبة المصرفية، حيث استطاع أن يخلق جدارة ائتمانية للفقراء من خلال مساعدتهم على الاقتراض، ويذكر وقتها أن فكرته قابلت اعتراض كبير من قبل المصرفيين فى بنجلاديش.

وبتحسن الأجور وزيادة الإنتاجية والتى سيساهم فيها الفقراء سينتعش الاقتصاد لأنه حينئذ ستكون هناك دورة من الدخول تتوزع على جميع القطاعات الاقتصادية، وفى النهاية سيرتفع مستوى المعيشة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة