قانونيون يطالبون بضمان استقلال القضاء والقضاة فى الدستور.. ويشددون على ضرورة الحد من طغيان السلطة التنفيذية على باقى السلطات.. ويؤكدون: صياغة مواد القضاء تبين قلة الخبرة وتدار بطريقة استبدادية

الإثنين، 22 أكتوبر 2012 06:04 ص
قانونيون يطالبون بضمان استقلال القضاء والقضاة فى الدستور.. ويشددون على ضرورة الحد من طغيان السلطة التنفيذية على باقى السلطات.. ويؤكدون: صياغة مواد القضاء تبين قلة الخبرة وتدار بطريقة استبدادية المستشار حمدى ياسين نائب رئيس مجلس الدولة
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طالب أساتذة قانون دستورى وبعض مستشارى مجلس الدولة والمحكمة الدستورية والنيابة الإدارية بالحد من طغيان السلطة التنفيذية على باقى السلطات التشريعية والقضائية وقيامها بفرض سياسة معينة بغية "أسلمة" الدولة ومؤسساتها، مؤكدين أن تكرار بعض المواد الدستورية الخاصة بالقضاء فى الدستور الجديد لا تنم إلا عن "فقر" و"قلة خبرة "فى كتابة النصوص الدستورية، كما لو كانت بمثابة "قص ولصق"، داعين إلى وضع باب أو فرع كامل لتوضيح الضمانات الكاملة لاستقلال القضاء داخل الدستور الجديد والوقوف يدًا واحدة ضد تغول السلطة التنفيذية، وحماية القضاء من الانتهاكات وتداخل الاختصاصات التى تتم بين المحكمة الدستورية العليا وهيئة قضايا الدولة، مؤكدين رفضهم لكل النصوص الدستورية الخاصة بالمحكمة الدستورية العليا ولفكرة القضاء الموحد، جاء ذلك فى ختام الحلقة النقاشية التى عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان "السلطة القضائية فى الدستور الجديد" بفندق بيراميزا بالدقى.

جاءت الجلسة الأولى بعنوان "قراءة لمجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا فى الدستور الجديد" ومن جانبه، وصف المستشار حمدى ياسين نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس نادى قضاة مجلس الدولة، الطريقة التى يتعامل بها أعضاء الجمعية التأسيسية مع الشعب والقوى السياسية من الخارج، بأنها تسيطر عليها "سوء النية"، مشددًا على أن تكرار بعض المواد فى الدستور ينم عن عدم خبرة بالنصوص الدستورية لأعضاء الجمعية، مطالبًا بضمانات لعدم تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

وأكد ياسين أن هناك صراعاً كبيراً داخل الجمعية التأسيسية للدستور لفرض بعض المواد والأفكار ومنها فكرة القضاء الموحد، متجاهلين طبيعة أعمال القضاء واستقلال مؤسساته، مشددًا على أن فكرة القضاء الموحد لم تعد تلاءم تطور الحياة القضائية وضرورة أن يكون الدستور معبراً عن كل طوائف الشعب وحامياً للقوانين وطريقة تطبيقها بما يتواءم مع كل القوانين الدولية والمحلية لحماية المواطن.

وتساءل رئيس نادى قضاة مجلس الدولة، عن صحة النصوص الموجودة بمسودة الدستور ومدى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، ومخالفة تلك النصوص لقوانين العمل داخل الهيئات القضائية، مرجعاً ذلك إلى غياب أهل الخبرة من الدستوريين المصريين فى صياغة الدستور الجديد.

وأكد المستشار حسام مازن، وكيل مجلس الدولة أن المادة 184 بالدستور الجديد التى تنص على عرض مشروعات القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية على المحكمة الدستورية العليا قبل الموافقة عليها يتم عرضها على رئيس الجمهورية أو مجلس النواب يعد مخالفًا لأحكام السلطة القضائية ومواد اختصاصها، لافتًا إلى أن القرار يتم إصداره خلال 15 يومًا من تاريخ عرض مشروع القوانين وهذه المدة غير كافية لمناقشة تلك القوانين لاسيما عدم إخضاعها للرقابة أو اللائحة المنصوص عليها بالمادة 182 من الدستور.

وأضاف مازن أن غياب المعايير فى اختيار أعضاء المحكمة الدستورية ما يؤكد رغبة التيار الإسلامى فى السيطرة على المحكمة الدستورية وتقليص الجهات المنوط بها اختيار أعضائها من 8 جهات إلى ثلاث جهات فقط هى النقض ومجلس الدولة ومحكمه الاستئناف.

وأشار المهندس حمدى الفخرانى، عضو مجلس الشعب السابق، إلى أن مشروع اللجنة التأسيسية يجب أن يطرح على الشعب لبيان موقفه من هذه المواد، مع أخذ رأى المختصين فى هذه المجالات والعاملين فى الهيئات المختلفة مثل المحكمة الدستورية والصحفيين ومجلس الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى وخلافه.

وانتقد الفخرانى بعض مواد مشروع الدستور وفى مقدمتها المادة 183 والتى قلصت الاختيارات لأعضاء المحكمة الدستورية، حيث حصروا الاختيار فى أربع جهات فقط، وتم حذف أربع جهات أخرى هى المحامين والنيابة الإدارية وأساتذة الجامعات، كما أنه لم يتم النص على أن أحكامها ملزمة للكافة حتى على القضاء العادى فلا يوجد عقوبة على من لا ينفذ أحكام المحكمة الدستورية العليا، مما يعنى أن هناك تصفية حسابات مع المحكمة الدستورية العليا بخصوص الحكم الصادر بحل مجلس الشعب لعام 2011، فضلا عن تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا وهو أمر فى غاية الخطورة، ونزع الرقابة اللاحقة من المحكمة الدستورية أمر يتناقض مع مبادئ الديمقراطية، مندهشًا من كيفية إلغاء الرقابة اللاحقة والمفترض أن تكون الرقابة السابقة لمجلس الدولة واللاحقة للمحكمة الدستورية.

وجاءت الجلسة الثانية بعنوان" قراءة للنائب العام والنيابة العامة فى الدستور الجديد"، ومن جانبه أكد أحمد بهاء الدين شعبان، المنسق العام للجبهة الوطنية للتغيير أننا فى لحظة حرجة، وبالتالى لا بد من بذل أقصى الجهد لمواجهة الموقف، فقد جاءت ثورة 25 من يناير كثورة فريدة ستظل أسطورة الشعب المصرى الحضارية، وبالتالى ستظل المطالب الأساسية لهذه الثورة وهى الحرية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية حلم كل المصريين، مؤكداً أن استقلال القضاء يأتى كضمانة لتحقيق هذه الأمور، وبالتالى كيف نحقق هذا الأمر وخاصة بعض تعرض القضاة لحملة الهدف منها التوغل على سلطاتهم الرئيسية، وخاصة بعد إصدارهم حكماً بحل التأسيسية.

واستهل المستشار عبد الله قنديل، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس نادى مستشارى النيابة الإدارية، حديثه بالتأكيد على أن النائب العام يعتبر مركزًا قضائيًا أو وظيفة قضائية لها أهميتها فى المجتمع، ومن اسمه فهو الذى ينوب عن المجتمع فى توفير العدالة وتعقب المجرمين، ولهذا حرصت الدساتير المختلفة ومنها دستور عام 1971 على التأكيد على أن رجال القضاة بما فيهم النائب العام جمعيا غير قابلين للعزل، وهذه الحصانة ليست لشخص القاضى أو النائب العام ولكن لأفراد الشعب الذى يرعاهم النائب، متسائلاً هل لو كان النائب العام ليس له حصانة هل كان سيقوم بإصدار أوامر بالتحقيق مع شخصية معينة فى المجتمع، ونفس الأمر بالنسبة للقضاة، وبالتالى حرصت الدساتير على توفير حصانة لهم بعدم عزلهم لإقامة دولة العدالة وليس دولة الغاب.

ووصف قنديل قرار إقالة النائب العام بأنه قرار صادم لكل الشعب المصرى بصفة عامة ورجال القضاء بصفة خاصة ومخالف لقانون السلطة القضائية فهو اعتداء على مبدأ مهم ألا وهو استقلال السلطة القضائية، معربا عن دهشته بكيف يعتدى رئيس الجمهورية على استقلال القضاة بهذه الصورة الكريهة، كما أنه اعتدى فى الوقت ذاته على استقلال القاضى نفسه، فقد جعل الرئيس من النائب العام موظفاً إدارياً، قائلاً، إن الإقالة بهذه الصورة تعتبر بمثابة "مذبحة" ثانية للقضاة بعد المذبحة الأولى عام 1969 عندما نقل 162 قاضيًا إلى وظائف إدارية ثم أعيدوا مرة ثانية، متسائلاً هل يعد إعادة النائب العام لمركزه محواً لآثار الجريمة، وهنا فالجريمة وقعت على أرض الواقع، وبالتالى سوف يتناولها التاريخ والقانون الدستورى.

وانتقد قنديل الجمعية التأسيسية بقوة، مشيراً إلى أنها تدار بطريقة "استبدادية" مطلقة وبطريقة "ديكتاريوية" على حد قوله، فهى لا تقبل بأى قرار آخر ونحن نرفض هذا الفكر والأسلوب فى إدارة الجمعية، فضلاً عن تشوهات كثيرة فى المواد الدستورية الصادرة والركاكة فى الأسلوب، مشيراً إلى أنه تم تجميع عدد من الشخصيات دون أن يكون لها وزن فى الصياغة والأسلوب ووضعت تحت الجمعية التأسيسية، مشدداً على أن العبرة ليست بوضع الدستور، ولكن العبرة بوضع نصوص قوية تعبر عن الشعب.

وطالب قنديل كافة جموع الشعب المصرى بالاعتراض على الدستور الذى يتم صياغته حالياً فهو لا يتلاءم مع مكتسبات ثورة 25 يناير لعام 2011، وجاء بعد ثورة مجيدة قام بها كل الشعب المصرى ضد الحاكم المستبد.

ثم انتقل قنديل للحديث عن أزمة النيابة الإدارية فى الدستور الجديد، مؤكدًا أنها هيئة قضائية وهى بمثابة العمود الحامى فى السلطة القضائية، فقد أنشئت عام 1954 للقضاء على الفساد الذى تكشف بعد ثورة يوليه لعام 1952 بموجب القانون رقم 480 لسنة 1954 للقضاء على الفساد الذى تفشى فى الجهاز الإدارى للدولة وتحقيق الضمانات الأساسية لتأديب العاملين فى الجهاز الإدارى للدولة، مشددا على ضرورة الفصل بين الدولة والحاكم، ففى ظل النظام الاستبدادى يكون الجهاز الإدارى تابع للرئيس، وبالتالى تنصهر شخصية الدولة عند الرئيس، على عكس النظم الديمقراطية، حيث يكون هناك فصلاً بين الدولة والحاكم.

وأكد قنديل أن النظام السابق أراد إضعاف النيابة الإدارية، فقام بفصل الرقابة الإدارية عنها بموجب القانون رقم 54 لسنة 1964، وبالتالى تم حرمان النيابة من هيئة الرقابة التى تقدم البلاغات، وبالتالى أسقط السلاح من يد النيابة الإدارية وقطعت يدها وغلت يدها عن العمل، وبالتالى ظلت تدافع عن مصر وتصدت على سبيل المثال لقانون الخصخصة "قانون خراب مصر" "قانون بيع مصر" على حد وصفه، مشددًا على أن انتزاع الرقابة الإدارية من النيابة الإدارية لم يكن بهدف الإصلاح بقدر ما كان للإفساد، فقد نص قانون الفصل على مادتين الأولى هى المادة الخامسة والتى أوجبت على الرقابة الإدارية أن ترسل تقاريرها إلى رئيس للمجلس التنفيذى "رئيس مجلس الوزراء"، والمادة الثامنة وهى أن تحول مدير عام إلى القضاء بعد موافقة مجلس الوزراء، وبالتالى بعد ثورة 25 يناير قامت الرقابة الإدارية بإصدار 5000 تقرير هى لم تعد هذه التقارير فى يوم واحد، ولكنها كانت معدة وموضوعة فى الأدراج.

وكشف قنديل عن أن لجنة نظام الحكم فى الجمعية التأسيسية قد أعدت نصاً دستورياً لحصانة هيئة النيابة الإدارية، لكى تتيح لها عملها بحرية واستقلالية فى ملاحقة الفساد داخل الجهاز الإدارى للدولة، وبالرغم من وجود تحفظات على النص، فوجئنا أن رئيس الجمعية التأسيسية يرفض تمريره ويعرض ما هو أقل وهذا غير مفهوم، لأن تغييب النيابة الإدارية عن ما يحدث بالجهاز الإدارى ليس له تفسير إلا محاولة حماية الفساد والتستر عليه كما كان فى العهد السابق، مؤكدا على أننا لن نقف مكتوفى الأيدى لعمل الجمعية على الانصياع لها، فهى إرادة حقيقية ليس للحصول على مكاسب بقدر ما هى رغبة فى ترسيخ دولة العدل بالبلاد.

ومن جانبه، وصف المستشار محمد يوسف، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية إقالة النائب العام بأنها "مهزلة" فاضحة على حد قوله، متسائلاً كيف يتم استغلال الجمعية التأسيسية لتصفية حسابات مع قادة القضاء السابقين، وبالتالى ما حدث مع النائب العام هى "رشوة قضائية" فى معناها، مشددًا على أن القضاة لهم وقفات عظيمة ومحترمة مع الشعب المصرى نؤيدها بكل احترام.

ورفض يوسف فكرة التوحيد بين الهيئات القضائية، مستشهدًا بقول لنائب رئيس الجمهورية المستشار "محمود مكى"، إن الهيئات القضائية هى دول مثل الدول العربية لا يتم التوحيد بينها إلا بناء على رضاها، رافضاً النصوص الدستورية الصادرة عن الجمعية التأسيسية فيما يخص المحكمة الدستورية العليا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة