عمرو وجدى يكتب: كشف حساب (2-2)

الإثنين، 22 أكتوبر 2012 07:23 م
عمرو وجدى يكتب: كشف حساب (2-2) الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد شهدت فترة المائة يوم الأولى للرئيس محمد مرسى العديد من الانتكاسات والأزمات، أبرزها ظاهرة الاحتجاجات الفئوية وتصاعدها ووصولها إلى حافة العصيان المدنى على رأسها إضراب سائقى الميكروباص وسائقى النقل العام، وإضراب الأطباء والمعلمين، وتحول رصيف مجلس الوزراء والبرلمان إلى قبلة لأصحاب المطالب الفئوية من مختلف أنحاء الجمهورية (1590 حالة احتجاج خلال فترة الـ100 يوم الأولى)، وكذلك أزمات فى توفر الوقود والسولار ورغيف العيش، بالإضافة إلى أزمات مرورية، وحالات انفلات أمنى وسطو مسلح فى عدد من محافظات مصر.

ولى عدد من الملاحظات على هذه الفترة وهى كالآتى:
1- اختيار الرئيس محمد مرسى للدكتور هشام قنديل كرئيس للوزراء جاء بنفس أساليب ومعايير اختيار الرئيس السابق حسنى مبارك لمعاونيه، بدون أى مصارحة للرأى العام عن أسباب ومسوغات الاختيار ومؤهلات الرجل لشغل هذا المنصب الهام الذى يعد ثالث أهم منصب فى الدولة.
2- إقالة الرئيس محمد مرسى للمشير حسين طنطاوى بعد أقل من 10 أيام على تعيينه كوزير للدفاع والإنتاج الحربى فى حكومة الدكتور هشام قنديل، بالإضافة إلى إجراء تغييرات وتعديلات هيكلية وجذرية وراديكالية فى قيادات الجيش دفعة واحدة وعلى رأسها تغيير الفريق سامى عنان رئيس الأركان السابق وإحالته للتقاعد، فى وقت لم يمر على توليه مقاليد الحكم إلا حوالى شهرين فقط، وفى وقت تدور فيه معارك طاحنة فى سيناء ضد الإرهاب وضد الجماعات الجهادية والتكفيرية التى قامت باغتيال الضباط والجنود المصريين على الحدود فى رفح.
ثم اختيار الرئيس مرسى للمشير طنطاوى وللفريق عنان كمستشارين له ومنحهما قلادة النيل جاء ليضفى مزيدا من الغموض على القرار الرئاسى.
3- قسم رئيس المخابرات العامة الجديد اللواء محمد رأفت شحاتة أمام الرئيس أثار جدلا واسعا وتساؤلات عديدة حول مقولة "أن يكون ولاؤه كاملا للسيد رئيس الجمهورية" لأنه سيفتح الطريق لصناعة فرعون جديد له كل الصلاحيات، ومن يقع تحت رئاسته يدينون له بالولاء ولا يمكنهم أن يفعلوا شيئا أو أن يتخذوا أى قرارات إلا بالرجوع أولا لسيادته، وعليهم أن يقدموا فروض الولاء والطاعة له، وينصاعوا لأوامره حتى لا يتم إزاحتهم من مناصبهم.
4- كثرة الزيارات والسفريات الخارجية التى بلغت عشر زيارات خارجية فى 100 يوم، فبالرغم من أن هذه الزيارت أمر مهم جدا لجذب السياحة وعودة الاستثمارات الأجنبية وتنشيط واستعادة الدور المصرى دوليا وإقليميا، إلا أنها جاءت على حساب إعادة ترتيت الوضع الداخلى الذى يحتاج إلى خطة مارشال، وذلك بحل الأزمات المتوالية فى النظافة والوقود والأمن والخبز.. إلخ، وبدا الأمر وكأن الرئيس مرسى يهتم بشئون الخارج أكثر من اهتمامه بمطالب وهموم الداخل، بالإضافة إلى كون هذه السفريات تمثل عبئا على الخزينة العامة للدولة.
5- قرض صندوق النقد الدولى الذى رفضه الدكتور محمد مرسى عندما كان رئيسا لحزب الحرية والعدالة فى عهد الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء السابق، ثم إعلان الرئيس مرسى بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية وحكومته طلب نفس القرض من صندوق النقد الدولى بـ4,8 مليار دولار، وسط تحذيرات من الخبراء من أن مثل تلك الخطوة من شأنها إضافة المزيد من الأعباء على عاتق المواطنين، وزيادة الأسعار، فضلا على زيادة الديون الخارجية على البلاد.
6- القرار الذى أصدره الرئيس محمد مرسى- الذى ما لبث أن قامت المحكمة الإدارية العليا بابطاله بعد ذلك- بعودة مجلس الشعب للعمل من جديد عقب توقفه بعد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية فى 14 يونيه الماضى، وإجراء انتخابات جديدة خلال ستين يوما من انتهاء الدستور، فى سابقة هى الأولى فى تاريخ القضاء المصرى هو بكل تأكيد ضربة قاصمة للديمقراطية، وانتهاك صارخ لسيادة القانون وخروج على الشرعية ولطمة على وجه القضاء المصرى، وينم عن جهل تام وعدم معرفة بالدستور والقانون الذى أقسم سيادته على احترامهما.
7- الشو الإعلامى الذى يصاحب الرئيس محمد مرسى فى كل صلاة، فقد استغل سيادته الصلاة والجوامع فى الالتحام بالجماهير وإلقاء خطب وكلمات للتقرب من المصريين، ولكن الإجراءات الأمنية المشددة حول أى مسجد يقوم السيد الرئيس بالصلاة فيه وتحول بيوت الله إلى ثكنات عسكرية كان لها تأثير سلبى على الشعب المصرى، أدى الى هبوط منحنى شعبية الرئيس.
8- أداء بعض قيادات حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، والذين يتكلمون هنا وهناك نيابة عن الرئيس مرسى، وكأن الشعب انتخبهم مع الرئيس، بالإضافة إلى استمرار الوضع غير القانونى للجماعة وعدم معرفة مصادر تمويلها وطرق إنفاقها يضع العديد من علامات الاستفهام على من يحكم مصر بالضبط الرئيس أم الجماعة.
حتى مشروع النهضة الذى روجت له الجماعة وأركانها، وكان أساس البرنامج الانتخابى للرئيس محمد مرسى ليس له أساس على أرض الواقع، واتضح أن هذا المشروع ليس أكثر من مجرد أفكار وتصورات فهو ليس مشروع تنموى ولا اقتصادى ولا فكرى، إنما مجرد دعاية انتخابية ذهبت مع إعلان نتائج الصناديق.
9- مع كل الاحترام والتقدير لتعيين المستشار المحترم محمود مكى كنائب للرئيس، ولكن الرئيس مرسى لم يلتزم بما وعد به أثناء حملته الانتخابية بتعيين امرأة وقبطى كنائبين للرئيس، وجاء السيد نائب الرئيس، وكذلك فريق المستشارين والمساعدين الذين تم اختيارهم على أساس المحاصصة السياسية، بدون صلاحيات محددة أو مهام معينة للقيام بها.
10- أين وعد الرئيس مرسى بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية فور انتخابه حتى تأتى معبرة عن كافة أطياف المجتمع، فقد ظل تشكيل الجمعية كما هو بأغلبية إخوانية مع وجود عناصر مستقلة وحزبية أخرى فقط لحفظ ماء الوجه، وأزعم أن هذا الدستور ربما يأتى مشوها ومعبرا بشكل كبير عن ما يريده الإخوان وليس ما يريده الشعب.
11- يجب أن أشيد بزيارة الرئيس مرسى إلى إيران، وبخطابه أمام قمة عدم الانحياز الذى كان أشبه بالطلقات السريعة، فقد كانت أول زيارة لرئيس مصرى إلى طهران منذ حوالى 33 عاما وتحديدا منذ عام 1979، ويعد الخطاب بداية لرسم وتشكيل ملامح سياسة خارجية جديدة لمصر تقوم على أساس تحقيق المصلحة المصرية والانفتاح على جميع دول العالم دون تبعية ولا عداء لأى دولة ودون التدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة.
وكذلك أشيد بمشاركته فى اجتماعات القمة الأفريقية فى أديس أبابا بعد غياب أكثر من 15 عاما عن التمثيل الرئاسى رفيع المستوى لمصر فى القمم الأفريقية، فقد كانت هذه الزيارة رسالة قوية وموجزة بأن مصر قد عادت إلى مكانتها الطبيعية فى أفريقيا التى فقدتها خلال العهد السابق الذى كان يتعمد إهمالها مما ترتب عليه إحداث فراغ فى الدور المصرى فى القارة السمراء، ومشاركته أيضا فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب مصر على المستوى الرئاسى منذ 23 عاما، حيث كانت آخر مرة تحضر فيها مصر على المستوى الرئاسى إبان حكم الرئيس السابق حسنى مبارك فى عام 1989، حيث دشن الرئيس مرسى مرحلة جديدة فى تاريخ علاقات مصر الخارجية.
12- خطوة أخرى يجب الإشادة بها وهى الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين الذين تم اعتقالهم منذ أحداث ثورة 25 يناير حتى 30 يونيو 2012.
ولكن السؤال هنا لماذا لم يتخذ الرئيس محمد مرسى هذا القرار إلا فى اللحظات الأخيرة من انتهاء المائة يوم؟

سيادة الرئيس عليك أن تعترف أن المائة يوم الأولى من حكم سيادتكم قد شهدت فشلا ذريعا على كل المستويات، لم يشعر المواطن البسيط العادى بأى تحسن فى أحواله المعيشية، ولم يرى حتى أى بصيص من الأمل أو نقطة نور فى نهاية النفق المظلم .
لقد استبشر الشعب خيرا بمجيئك واتسعت دائرة الأمانى والطموحات التى راودت كل مواطن نتيجة للوعود الوردية التى وعدتها سيادتك بتحقيقها، ولكن أصبحت هذه الوعود كالسراب واستيقظ كل مواطن من سباته ليجد أن ما كان ينظر إليه هو مجرد حلم ليس له أى أساس على أرض الواقع، ولم تنجح فى تحقيق أهداف الثورة - فى العيش والحرية والعدالة الإجتماعية - التى جاءت بسيادتك الى سدة الحكم.
انتهت أول مائة يوم بكل ما لها وما عليها، وعلينا ألا نبكى على اللبن المسكوب، ويجب وفورا أن نفكر ليس فى المائة يوم الأخرى فقط، ولكن فى السنوات القادمة والمستقبل القريب، علينا أن نعرف ماذا سيكون شكل الحياة فى مصر بعد خمس سنين أو عشر سنين، فمن حق كل مواطن أن يحلم بحياة كريمة له ولأسرته يتمتع بها بكافة حقوقه ويقوم بأداء جميع واجباته.
وهذا لم ولن يأتى طالما أننا مستمرون فى التفكير بنفس الطريقة العقيمة، وطالما يوجد فى مصر نفس العقليات التى كانت تفكر منذ مائة سنة، فنحن لا نريد إعادة اختراع العجلة من جديد وإعادة سياسات العهد البائد الذى قضى على مصر وعلى أى مستقبل لها.. فأرجوك يا سيادة الرئيس أن تنتشل مصر من ما هى عليه الآن، قم بتغيير السياسة المتبعة، وخذ قرارات سريعة وجريئة وشجاعة، وأعلم جيدا أن الشعب المصرى بكافة أطيافه وتوجهاته سيقف خلفك عندما تعمل على تحقيق مصلحة هذا الوطن وليس مصلحة جماعة أو فئة معينة، وأعلم أن هذا الشعب لن يرضى بالفساد والظلم والاستبداد مرة أخرى تحت أى مسمى وإلا سيقوم بثورة جديدة أشد عنفا وضراوة تقضى على الأخضر واليابس.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة