حسنا فعل الدكتور ياسر على، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، حينما أكد صحة الخطاب الذى تداولته الصحف الإسرائيلية، والموجه من الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، إلى شيمون بيريز، رئيس إسرائيل، لاعتماد السفير عاطف سيد الأهل سفيرا لمصر لدى تل أبيب، فما قاله ياسر على قطع المجال أمام أية تأويلات أخرى، لكنه لم ينف حقيقة هامة جدا ترسخت خلال الأيام الماضية، أن رئاسة الجمهورية فى حاجة لآلية عمل جديدة تستطيع من خلالها تقييم الأمور جيدا قبل الخروج للحديث أمام الإعلام، فقبل أن يؤكد ياسر على صحة الخطاب خرج علينا أحد مستشارى رئيس الجمهورية مصرحا لإحدى وكالات الأنباء رافضا إظهار اسمه ليعلن بحزم أن هذا الخطاب مفبرك بنسبة %95، ولم يمنح هذا المستشار نفسه فرصة السؤال عن حقيقة الأمر من ديوان رئاسة الجمهورية أو وزارة الخارجية، لكنه خرج معبئا الرأى العام فى اتجاه مخالف تماما للحقيقة.
ما قاله هذا المستشار، الذى لا نعلم اسمه، يضاف إلى سلسلة طويلة من أخطاء مستشارى الرئيس الذين أدخلوه فى أزمات متتالية كلفته فى النهاية التراجع عن ثلاثة قرارات على الأقل ومواقف أخرى لا تحصى، بل إن منهم من وضع مؤسسة الرئاسة فى حرج كبير سواء داخليا أو خارجيا، وليست قضية إقالة النائب العام ببعيدة عن الأذهان.
المستشار وظيفة لها مقومات، من أهمها أن يكون القائم بها على اتصال دائم بمصادر المعلومات ولديه قدرة على تقييم الأمور جيدا ووضع تقديرات الموقف كاملة أمام من طلب منه الاستشارة ليختار منها ما يناسبه، لكن فى مصر انقلب الوضع، وأصبحت وظيفة مستشارى الرئيس إحراج الرئيس نفسه ووضعه فى مواقف لا يحسد عليها، لدرجة أنهم أصبحوا فى حالات بعينها هما ثقيلا على الرئاسة.
حالة الارتباك الرئاسى التى يسببها مستشاروه وهم كثيرون يمكن التغلب عليها بإجراء واحد فقط وهو اختيار مستشار للرئيس لشؤون الأمن القومى، يكون لديه الخبرة الكافية لإعانة الرئيس فى قراراته، على أن يتوفر لهذا المستشار مقومات وظيفته من خلال مكتب فنى يضم عددا من الخبراء المتخصصين فى مجالات مختلفة، وتكون مهمة هذا المستشار التخديم على احتياجات الرئيس الداخلية والدولية، على اعتبار أن غالبية القضايا المثارة بالداخل حاليا وثيقة الصلة بالأمن القومى المصرى، فرغيف الخبر وتوفير البنزين والقضاء على البطالة وغيرها من القضايا الحياتية للمصريين هى صلب الأمن القومى المصرى.