غادة عطا تكتب: انفصام فى الشخصية

الثلاثاء، 02 أكتوبر 2012 07:08 م
غادة عطا تكتب: انفصام فى الشخصية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما يمضى المرء فى التعامل اليومى مع البشر يشعر أن الكثيرمن البشر يعانون انفصاما فى الشخصية فكل إنسان لديه شخصيتان على الأقل وعدة وجوه يتنقل بينها على مدار اليوم والساعة .

تجد من يتكلم عن النزاهة ونظافة ذات اليد ويسوق من الأحاديث النبوية والقرآن ما يؤكد به كلامه ،ولأن يده نظيفة فهو لا يمسك الرشوة بيده، ولكن يفتح درج مكتبه؛ أو جيبه لتوضع الرشوة دون أن يلمسها ومن يحلها لنفسه بتسميتها بأسماء راقية كهدية وإكرامية وعمولة.
هناك من يحذر من الأكل بالدين ثم لا يتورع أن يفتى فى الدين بما يرضى الناس ويرفع شأنه بينهم حبا فى الشهرة ؛أو خوفا من البطش والأذى، وهناك من يوجه الناس بالدين ويستغل الحماسة والعاطفة الدينية لدى الناس للتأثير فى توجهاتهم، واختياراتهم لصالح اتجاهات و فصائل فى المجتمع، بحسب مصالحه معهم.

هناك من يتكلم عن الأمانة ليل نهار، وهو يأكل مال اليتيم، ولا يوزع الميراث بشرع الله، ولا يجد فرصة فيها مصلحته إلا قدم مصلحته على كل الناس، ولو أقرب الأقربين له، ولا يجد منصبا؛ أو نفوذا إلا وجعله وسيلة يطوعها لتحقيق كل مصالحه .

وهناك من يأمر الناس بتحرى الحلال فى المأكل والمشرب وكل نواحى الحياة وينهاهم عن كل محرم ويغلظ عليهم ويطالبهم بكل الطاعات، ولا ينهى نفسه أن تقدم فى السرعلى ما يأمر الناس بتركه فى العلن، ولا يكف نفسه عن أكل الحرام والوقوع فى المحرمات.
هناك من ينادى بالإخلاص والصدق فى القول والعمل، وهو لا يكف عن الحلف الكاذب وقول الزور، ويبرر كل موقف لصالحه ولا يترك فرصة إلا تنقص من كل خصومه، ولا يجد حرجا أن يغير مواقفه ما بين الصباح والمساء ليدور، حيثما دارت المنفعة بحجج ومبررات لا تنتهى .

وهناك من يدعون أنهم لا يحبون الحديث فى سير الناس ثم لا يتورعون عن الخوض فى الأعراض وسمعة البيوت , بلا أدنى وارع من دين؛ أو وخز من ضمير بحثا عن شرف ورفعة مصطنعين .

هناك من يخوف الناس مغبة سوء الخلق، ويأمرهم بالبعد عن كل الشبهات والفتن، ولا يمنع نفسه من الوقوع فى الكبائر ويؤتى بينه وبين ربه كل المعاصى والموبقات(يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور).

هناك من النساء من تتكلم عن السلوك القويم وتنتقد تميع البنات وتبذلهم فى الأزياء ,وتجاوزهم فى التعامل مع الرجال وتصف هذه؛ أو تلك بأقذع الصفات ثم لا تلبث أن تأتى كل ما تنتقده وتفعل كل ما تعيب عليه فى الأخريات دون أن تلاحظ نفسها على الإطلاق .
وهناك من الرجال من يطالب المرأة بالصون والعفاف ويراها المسئولة عن أى خطيئة ولكنهم لايحملون الرجال المسئولية بالمثل، ولايقبلون توجيه أى لوم لمن يقع فى الخطايا والموبقات من الرجال، وبالطبع فإنهم لا يقبلون أن يوجه لهم لوم على ما يقترفون لأن لديهم مبرراتهم من غواية المرأة .

والعجب كل العجب أن الناس لا يواجهون أنفسهم بما يفعلون، ولا ينتقدون أنفسهم قبل أن ينتقدوا غيرهم، فهل هم عندما يكذبون على هذا النحو يخدعون الناس؟ أم يخدعون أنفسهم أم يخادعون الله رب العالمين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة