د. طارق النجومى يكتب: حرية الاستهبال

الثلاثاء، 02 أكتوبر 2012 11:18 ص
د. طارق النجومى يكتب: حرية الاستهبال صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعلو الأصوات، وتلقى الكلمات، وتعقد المؤتمرات لمحاولة إنقاذ الفريسة، التى يتربص بها المتربصون من أصحاب النيات السيئة، والفكر المتخلف الذين يريدون بنا العودة للوراء، وجرنا لعهود الظلام، والانقضاض على الضحية السامية البريئة الخالية من كل غرض، وهوى ألا وهى حرية الإبداع، وحرية التعبير.

تسلط فكر فئة فرضت علينا منذ عهود طويلة ممن يطلقون عليهم مبدعين. مجتمع أسره لاتجد لها من مخرج، ولامنفث إلا ممارسة ما عودوا عليه من إدمان الجلوس أمام شاشة التلفاز، وتلقى مايروج له المروجون من مدعى الفكر، ومدعى الإبداع.

هل الإبداع مانشاهده، ونسمعه؟ من شتائم وتعبيرات فجة، وإيحاءات قذرة تقتحم بيوت الأمنين من مسلسلات، وإعلانات..تبدأ واحدة لتتبعها أخرى، وكأنه طوفان من ماء أسن.هل هذا هو إبداعكم أيها السادة..!!؟ سيل من فحش الكلمات وندالة الأفكار. لايعيرون للأخلاق اهتمام ولا للقيم إعتبار. يعتبرون فقط ملأ جيوبهم، وليذهب المجتمع إلى الجحيم، وعض قلبى، ولاتعض ملايينى. رأينا خلال الفترة الأخيرة طفرة، واضحة فى الخروج عما نعرفه، وتعودناه من أشكال الخروج عن تقاليد المجتمع. أصبحت الجرعة مكثفة. انتقدها كثيرون، ولكن صناع الهبوط، يراهنون أننا كالعادة سنبتلعها، وننتظر الجرعة القادمة.

هذا بالإضافة لإستكمال ما بدأ منذ سنوات طوال بدون كلل، ولا ملل من نغمة متكررة، فكل صاحب دين مدعى، وكاذب وكل صاحب لحية دجال، ومنافق وكل محجبة؛ أو منقبة صاحبة غرض، وسوء خلق. أما الطهر، والمثل، والفضيلة، فعند كل مبرزة لصدرها معرية لأفخاذها، وكل فاتح لصدره واضع للسلاسل، والقلائد، وكل ماسك بالزجاجة، والكأس فى يده.

لم يكفهم هذا، فزادوا كأس النصب شربة بتقديم أفراد جهاز أمنى عانى من ممارساته الكثيرون من إهانة لإنسانيتهم، ومن إهدار لدماء أبرياء. قدموه معاملة راقية،و مشاعر إنسانية مرهفة. تكاد الدموع تفر من عيونهم، فأين هذا من حقيقة مقابر الموتى؟ فى مقراتهم وتعذيب ومهانة من دخل لعرينهم على من تضحكون!!

ونأتى لعحب العجاب، لإتهام أحدهم لمن كانوا يسجنون ويعذبون ويعانون من ملاحقة، وتضيق، ومعاناة، لزوجاتهم، وأولادهم بأنهم كانوا عملاء لجهاز أمن الدولة. بينماهو، ورفاق الإبداع الذين كانوا ينعمون بالسهرات، والجلسات، وليالى الأنس، والقيام بدورهم الذى رسم لهم كصمام أمان لقدور الضغط، حتى لايصل الناس لحالة الغليان. هم الشرفاء هم الأتقياء، وضمير الأمة المستيقظ.
وقد كشفت الأقدار نفوسهم فقد وقف الكثيرون منهم يساندون الباطل، ويدعمون البهتان عند لحظة الحقيقة عندما ثار الشعب فى وجه الطغيان، ونسوا ماكانوا يلقنون به من كلمات، عندما كانوا يمارسون سيناريو التمثيل على الشعب المغيب، والذى استيقظ على غير عادته.

إن بضاعة إبداعاتكم يامن تملأون الإعلام صخبا، وصوتا عاليا لمغشوشة، ورديئة هوت بمجتمعاتنا إلى الحضيض من أخلاق هابطة، وقيم متدنية، وألفاظ نابية، وعادات قميئة، وتقليد أعمى لمظاهر، وعادات بعيدة عن تراثنا. انتشرت البلطجة، وسوء الخلق. وسوء السلوك،و ضاع الاحترام بين أفراد المجتمع، فلا الصغير يوقر الكبير، ولا الكبير يعطف على الصغير، وأصبح خروج البعض عن تقاليد المجتمع جهرنهار من شواذ، ومن ملحدين، وليست حدث من خلعت ملابسها كاملة ببعيد، والتى صنفها، وفلسفها البعض بأنها نوع من حرية التعبير.

أين أنتم من الإبداع الحقيقى؟ أين أنتم من أسماء وهامات ملأت الأسماع والأبصار عقودا طويلة؟ حينما تمكنت من بلادنا أنظمة فاسدة أعلت قيمة المال، وأهواء النفوس تقزمت الهامات، وضاعت الريادة حتى أصبحت أمتنا لاتكاد يسمع لها رجزا بين الأمم.

الإبداع له وجه أخر لايعرفون له طريقا. الإبداع هو أن تأتى بالجديد، والمبتكر. فأين الجديد وأين الابتكار؟ ومافائدة الإبداع؟ حتى لو كان جديد، ومبتكر إذا لم يسمو بالنفس، ويعلو من شأنها، وتتطور به المجتمعات، والإنسانية.

إن مايسمونه اليوم إبدعا ماهو إلا تقليدا لمظاهر الإنحدار فى المجتمعات الغربية، التى خسرت الكثير من قيمها الأخلاقية، وإن كانت مازالت متقدمة بما تملكه من أموال، وتكنولوجيا، وإعلاء لقيمة العمل، ووجود أنظمة صارمة للدولة. أما نحن فلا أموال، ولا تكنولوجيا، ولا قيمة ولانظام لدولة، ولم نكتف بهذا فزدنا الملهاة بيتا ففرطنا فى قيمنا، وأخلاقنا فماذا تبقى لنا؟

إن الحشمة، والأخلاق زينة الفقراء، ونحن شعب تعيش الملايين الكثيرة منه عيشة الكفاف. مؤسسات تعليمية متدنية،و مستشفيات ضائعة،و شوارع منتهية، وسلوكيات منعدمة، وبدلا من أن ينهض بها مايطلقون على أنفسهم صفوة المجتمع، ومبدعيه سلطوا أفكارهم التى لاتقيم وزنا إلا بما يملأ خزائنهم، و يضيف لأرصدتهم الملايين. يجرون ورائهم مصالحهم الشخصية، ونفسى ومن بعدى الطوفان.

ليكن عندهم الشجاعة، و يعطوا لما يسمونه حرية الإبداع من مواضيع مكررة، ومن أفكار مستهلكة، ومن إقتباس، وتقليد مسماه الحقيقي، فليسموه حريه الإستغفال؛ أو حرية الإستهبال؛ أو حرية الإفراز؛ أو حرية الاسترزاق، ولتكن عندنا الشجاعة، والإقرار بالحقيقة فقد أصابنا بعقم فى الإتيان بالجديد، والمبتكر، والنافع فى رحلة جرينا كما الوحوش فى البرية. من أجل المال، والمنفعة.

هل نفيق من غيبوبتا، وعمى بصائرنا؟ ونقف فى وجه هذا الطوفان المدمر. هل فى إمكانياتنا اتخاذ موقف فاعل فى وجه مافيا الفساد، والإفساد؟ التى تملك حناجر قوية، وتسلطا إعلاميا فقدنا الحياء لنقول لهم كفى.هل نملك هذه الإرادة وتلك المقدرة؟سؤال إجابته تحيط بها ضباب واقع مؤلم. إن ضمير أمتنا مغيب يعانى من علل مزمنة.لنا الله من قبل، ومن بعد، ومالله بغافل عن الظالمين.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

حمدي يوسف

الإستهبال والإستعباط ..

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو الشريدى

صدقت

عدد الردود 0

بواسطة:

وجدان يحيي

مقال مهم

عدد الردود 0

بواسطة:

عصام كرم الطوخى

حرية ...

عدد الردود 0

بواسطة:

wael

إن الحشمة، والأخلاق زينة الفقراء !!!

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر الصيدلي

مقالة رائعة

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسين

كلام مهم جدا

تسلم الايد اللى كتبت المقال ده

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الخالق

هل الممثللون يصدقون انفسهم؟

عدد الردود 0

بواسطة:

وسام

الكارهين للحرية

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان محمد البستانى

تحياتى دكتور طارق النجومى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة