عندما رأيت وجه قاتل الدكتور فرج فودة فى الفضائيات بعد الإفراج عنه وقد كان محكوما عليه بالمؤبد وأفرج عنه ضمن قائمة العفو الرئاسى أصابنى دوار وتساءلت ما هو شعور سمر فرج فودة الابنة التى قتل والدها فى عز الظهر بوسط المدينة أمام مكتبة من مجموعة من الإرهابيين الذين ضحك عليهم وغسل أمخاخهم أمراء تنظيمات إرهابية متطرفة، وقالوا لهم إن هذا الرجل كافر ومرتد وقتله يقربهم إلى الله.. وحاشا لله أن ينسب اسمه جل جلاله فى إزهاق روح بريئة ونزل وحيه على نبيه يحرم دم المسلم على المسلم، واشتد الدوار والغيظ عندما سمعته يتكلم ويقول إنه اقتص لدين الله، وعلى رأى الشاعر الصديق جمال بخيت رددت: دين أبوهم يطلع إيه؟ هل هو دين الإسلام الذى نعلمه، أم دين هؤلاء هو دين خوارج العصر وشذاذ النفوس الذين سمموا حياة المسلمين وبئر الإسلام منذ السبعينيات والتسعينيات وأفرج عنهم مؤخرا ضمن العفو الرئاسى، كلام قاتل فرج فودة والاحتفاء به حلقة ضمن مسلسل القتلة الذى ظهرت أول حلقة منه عندما خرج قتلة السادات بداية من الزمر والظواهرى وحتى مصطفى، واحتفى بهم الإعلام كأنهم أبطال مغاوير، وصاروا نجوما فى الفضائيات تبث مسيرة خروجهم من باب المعتقل لباب الاستديو، وانظر كم وعدد السيارات التى كانت تصحبهم، وانظر لأنصارهم والوجوه المهللة والمحتفية بهم لتتأكد أن المعايير انقلبت والموازين انهارت، وباختصار صار القاتل بحكم القانون نجما يسطع فى سماء الإعلام والميديا وتفرد له الصفحات فى صدر الصحف السيارة بما يشبه حفلا مدويا على جثث القتلى وهو مشهد من مسرحية عالمية لدورينمات يجسد فيه كيف تتحول المجتمعات بفعل القطيع إلى مرضى بالسادية يستمتعون بالتهام الجثث والغناء والرقص على بقايا أعضائها وسيرتها.
إننى أحترم الذين آبوا إلى رشدهم وندموا على ما فعلوا ومارسوا ما سمى بالمراجعات الدينية واعتبروا استخدام العنف والإرهاب لتصفية خصومهم فى الرأى جريمة تابوا عنها وأعلنوا توبتهم، وهؤلاء الذين نظروا بتشديد الظاء وأثروا على الشباب صغار السن ثم اعتبروا ما فعلوه خطيئة وفتحوا صفحة جديدة مع الحاضر لا تملك إلا أن تنحنى لهم احتراما ومنهم الدكتور ناجح إبراهيم ومنتصر الزيات الذى سمعته يقول لمذيعة فى القاهرة والناس إن جيله آثم بما فعله من تمكين فكر التكفير للحاكم، ما بالك بالدعوة لقتل مفكر أو أديب أو كاتب لمجرد أنه اجتهد أو قال رأيا يخالف رأى «الأمير الفقيه» هذا ما حدث مع المجرم الذى نحر نجيب محفوظ المدعو محمد ناجى والذى لم يقرأ له سطرا واعترف أنهم قالوا له إنه كافر وجب قتله وهو لم ينكر وإنما نفذ بمبدأ السمع والطاعة العمياء وهذا ما حدث مع قتلة فرج فودة والجميع ساعدهم الإعلام فى حفلة الرقص على جثث القتلى من ضحايا الفكر الظلامى التكفيرى الذى يعود مطلا برأسه على سطح مصر بعد ثورة يناير، والذى يغرس أسنة رماحه المسمومة فى خاصرة مصر فى سيناء الآن ولا يكتفى بإزهاق أرواح مصرية ساعة الإفطار فى رمضان، بل وصل الأمر لتكفير الرئيس مرسى كما قرأنا فى بيانات السلفيين الجهاديين، ترى إلى أين يأخذنا هؤلاء ولماذا نصمت على هذه الوجوه التى لم تندم على ما فعلت وتستمرئ الرقص على جثث أغلى الرجال فى مصر؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة