تحدث الكاتب الأمريكى روجر كوهين، فى مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن مصر ودستورها والجدل المثار حوله، وقال تحت عنوان "حدود الشريعة"، لو كانت مصر تحت قيادة الإخوان المسلمين أهم تجربة فى العالم عن الكيفية التى يمكن بها التوفيق بين الإسلام والحداثة الديمقراطية، فإن دستور البلاد، الذى هو الآن فى المرحلة الأخيرة من الصياغة، هو جوهر هذه التجربة.
ويشير الكاتب إلى أن 25% من العرب يعيشون فى مصر، لافتاً إلى أن الانتخابات فيها تأتى وتذهب، لكن الدساتير أقل منها بكثير، وهذا أمر بالغ الأهمية، مضيفا أن هناك علامات تنذر بالسوء، فالعملية التى يجب أن تكون شاملة وشفافة، بقدر الإمكان، واجهت فشلاً ذريعاً منذ لحظة سقوط مبارك قبل 20 شهراً، كما أن اللجنة التأسيسية الحالية المكونة من 100 عضو هى بديل لواحدة تم حلها من قبل القضاء، وحاول الجيش مراراً تدبير الإجراءات قبل أن يعترف بالهزيمة، ويتفوق عليه الإسلاميون الذين فاقوا الليبراليين، من حيث العدد، فى اللجنة، كما أن المرأة والأقباط من بين الفئات التى تشعر بالقلق فى مصر الجديدة، وبعض الليبراليين، مثل الذين أسسوا حزب الدستور، يرون ضرورة حدوث تحول كامل بسبب الأخطاء، فالمصريون الذين استنفدوا خلال الفترة الانتقالية فيما بعد مبارك، مرهقون للغاية لدرجة أنهم لا يهتمون، فنسمع الناس يقولون إنهم سئموا، لدرجة أنهم لا يستطيعون النظر فى الأخبار.
وينقل كوهين عن منال الطيبى، الناشطة الحقوقية التى استقالت من الجمعية التأسيسية، قولها، إن الإسلاميين يهيمنون ويريدون ليس فقط مصر إسلامية بل خلافة، وأضافت قائلة، لقد كنت فى المطبخ ورأيت كل التفاصيل القذرة.
ويشير كوهين إلى أن مخاوف الطيبى تتركز، مثل الكثير من النساء الأخريات، على المادة الخاصة بحقوق المرأة، والمساواة بينها وبين الرجل، بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، معرباً عن اعتقاده فى أن عبارة "أحكام الشريعة الإسلامية" لا تقدم مساحة كبيرة للمناورة، فهى تتعارض مع مادة أخرى فى مسودة الدستور، تنص على أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، ومتساوون فى حقوقهم وواجباتهم العامة، ولن يكون هناك تمييز بينهم على أساس الجنس، وهذا يجعل البرنامج الانتخابى للإخوانى الذى التزم بدولة تقوم على مبادئ المواطنة وكل مواطنيها يتمتعون بحقوق مشتركة، مجرد هراء، وهذا يفتح الباب أمام تبكير سن الزواج، وعدم تجريم ختان الإناث، وتكريس التمييز فى المواريث، والتغاضى عن العنف المنزلى، حتى إن بعض الشيوخ السلفيين دعوا إلى الزواج عند سن البلوغ.
وتقول هبة مورايف، الناشطة فى منظمة هيومان رايتس ووتش، إن السلفيين مهووسون بهذه المادة، لكن بالطبع نظرتهم العالمية مختلفة عن الإخوان، الذين هم "براجماتيون" بقاعدة محافظة، ويريدون على الأقل الظهور فى مظهر الليبراليين.
وتحدث الكاتب عن المادة الثانية من الدستور، التى تقول إن مبادئ الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع، مشيراً إلى أن السؤال المهم الذى تثيره هذه المادة هو أى هيئة ستحدد هذه المبادئ، ففى مسودة سابقة قيل إن الأزهر هو الهيئة الوحيدة، وهى فكرة يمكن أن تضع مصر على المسار الإيرانى، إلا أن المسودة الأحدث تقول إن الأزهر يجب أن يستشار، وهو تعبير يجب أن يترك التحديد النهائى للمحاكم.
ويقول روجر كوهين، إن مصر على مدار الأشهر العشرين الماضية، كانت قصة من الذهاب والعودة من جديد، ولم تستطع أى قوة، حتى الجيش، أن تفرض إرادتها على مقاليد الأمور، ومن المهم الآن أن يبدى الإخوان والدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، روحاً من التسوية، والتى يمكن وحدها أن تكرس دستوراً يحترم نساء مصر ورجالها، وحكم القانون، وقضاء مستقل ومبادئ عدم التمييز، وما لم يعكس الدستور وحدة القوى العلمانية والإسلامية فى مصر التى أطاحت بمبارك، فإن هذا لن يؤدى إلا إلى العنف.
ومع احتمالات حل التأسيسية الثانية بحكم قضائى، والتى ترضى بعض الليبراليين، إلا أن الكاتب يحذر من أن مزيداً من التأجيل فى وضع الإطار القانونى لمصر الجديدة سيهدم الثقة، ويمثل نكسة للانتخابات البرلمانية.
وختم الكاتب مقاله بتصريح خاص من الدكتور محمد البرادعى، رئيس حزب الدستور، حيث قال، لو لم يقف الإخوان الآن مع الإحساس العام وقيم اليوم العصرية سيكون لدينا فوضى عارمة.
كاتب أمريكى بنيويورك تايمز: مصر تحت قيادة الإخوان أهم تجربة فى العالم للتوفيق بين الإسلام والديمقراطية.. وحل التأسيسية يهدم الثقة ويمثل انتكاسة للانتخابات البرلمانية.. والمصريون سئموا متابعة الأخبار
الجمعة، 19 أكتوبر 2012 11:36 ص
الكاتب الأمريكى روجر كوهين
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عباد
موتوا بغيظكم