الجزء الأول (أبريل ٢٠١٢):
يهدف كل مخطئ إلى إيجاد المبرر للأخطاء التى يرتكبها لأن الفطرة الإلهية التى خلقنا الله عليها ترفض الظلم والفساد، ولذلك يمعن الفاسدون فى وضع ضوابط وأصول لألعابهم القذرة وذلك بسن قوانين لا تجرم هذه الأخطاء لسببين: الأول لإراحة ضميرهم وتبرير أفعالهم والثانى حتى يفلتوا من العقاب فى حال انكشاف أمرهم، وهذا يفسر بشكل واضح أن القانون الذى وضعه الفاسدون أيام النظام السابق هو الذى برأ الذين قتلوا المتظاهرين امام الأقسام وحكم بالبراءة فى قضية كشف العذرية وما سيأتى من أحكام مستقبلا على عكس توقعات الإنسان السوى. الأخطر من ذلك هو أنه بدأت استخدام نفس القوانين وذلك لتشويه صورة الثوار الشرفاء ولتحقيق مصالح سلطوية لتيار أو جهة ما. يجب أن نتجه وبسرعة شديدة فى إعادة النظر فى القوانين الفاسدة المعمول بها حاليا اذا كنا نريد تطبيق العدالة من خلال سيادة القانون، أن تطهير الفساد يبدأ أولا بتطهير القانون نفسه وإعادة معايرة ميزانه حتى تأتى الأحكام بما ترتضيه الفطرة ويقبله العقل والمنطق.
الجزء الثانى (قبل انتخابات الإعادة الرئاسية) يونيه ٢٠١٢:
لقد كتبت الجزء الأول من هذا المقال فى أبريل الماضى وقبل شهرين من إصدار الحكم على مبارك والعادلى وبراءة نجلى مبارك ومساعدى العادلى وكان متوقعاً هذا الحكم المبرر من القاضى أحمد رفعت الذى يحكم بقوانين لا تعرف غير الأدلة التى شوهها وشارك فى إخفائها من كانوا فى مواقع القيادة أن ذاك، إن ما يحدث الآن من مطالبات فى ميادين مصر هو حق مشروع وطالما طالب به الشباب فى وقت كان يمكن تحقيقها قبل ذلك لو توحدت الإراده الشعبيه مع من يزعمون أنهم قوى سياسيه وحزبيه، أما الآن فإن تحقيق تلك المطالب لن يكون إلا بثورة حقيقية مكتملة واقتناع الإخوان بخطأ الطريق السياسى الذى انفصلوا به وتركوا الثوار وحدهم واهمين أن هذا هو الطريق إلى تحقيق الانتقال السلمى للسلطة وبداية عهد جديد فى مصر، الآن الإخوان فى الميدان بالرغم من أنهم قاب قوسين أو أدنى من منصب الرئيس على حسب رؤيتهم السابقة ولكنهم على يقين أكثر من أى وقت مضى بأن المجلس العسكرى وطوائف أخرى ليست قليلة فى المجتمع لن تسمح لهم بتحقيق حلمهم برئاسة مصر الذى هو بالتأكيد رؤية عدد ليس قليل من المصريين لا يريدون أن يحكم مصر منفرداً الإخوان المسلمين.
الجزء الثالث (معركة القضاء مع الرئيس) أكتوبر ٢٠١٢:
هكذا الأحداث تؤكد أن المشكلة الحقيقية تكمن فى شعارات سيادة القانون وهى كلمة حق أريد بها باطل، أصبح اللعب بالقوانين هو حرفة ومهنة يجعل منها أصحاب الخبرة فى هذا المجال سبباً وباباً سخياً للرزق بعيداً عن أى منطق أو حق ظاهر لا يستطيع أن يخطئه عاقل. مستشارون على هذا الجانب ينصحون الرئيس ويؤكدون له نحن نقدم لك المشورة ولن يستطيع أن يخترقها أحد، النائب العام بحسب القانون لايمكنك إقالته ولكن يمكنك تعيينه فى منصب آخر رفيع بقرار جمهورى وعندها أنت لم تقله ونفذت القانون وأرحت الناس بعد حكم البراءة فى موقعة الجمل.
على الجانب الآخر مستشارون لهم ثقلهم يقولون للسيد النائب العام لا تقبل المنصب وعندها لنرى ماذا سيفعل الدكتور، فهم لا يعترفون به رئيساً وإلا فأين الولاء والطاعة، الولاء والطاعة للقانون الذى تم صنعه فى عهد الرئيس السابق وتفصيله حسب الطلب، أين كنتم يا حماة القانون وسيادة القانون؟
إن الحديث عن موقعة الجمل التى فجرت هذه المعركة مع القضاء يبدوا أن هذه الموقعة كانت فى كوكب آخر ولا يوجد دليل مادى على وقوعها إلا فى خيالنا، والحقيقة أننى أطالب بعد أن نطمئن إلى نجاح الثورة وهو ما لم يحدث حتى الآن، أطالب بتكريم المدبرين لهذه الموقعه الفارقة فى تاريخ ثورة ٢٥ يناير، فلولا غباء من دبر وبلاهة من نفذ لما اتحد الشعب المصرى بعد ليلة طويلة من الانقسام حول بقاء مبارك حتى سبتمبر أو الرحيل الآن، بعد موقعة الجمل اجتمع الناس على ضرورة الرحيل وكفى ما حدث، إذاً الموقعة كانت فى صالح الثورة والشهداء فى الجنة بإذن الله أحياء عند ربهم يرزقون وهذا هو عزاء أهلهم وليس عزاءهم هو الثأر من القتلة لأنهم لم يقتلوا فى خناقة فى الزاوية الحمراء أو فى تبادل إطلاق نار فى مركز التجارة العالمى.
فلنستيقظ ونعود لرشدنا ونهتم بالمستقبل الذى لن ينتظرنا طويلاً فإما أن نستعد ونذهب إليه بإرادة جماعية وهدف وتصميم وإما أن نتركه يرحل بدوننا وعندها سنضطر أن ننتظر قطاراً ثورياً آخر وقد يطول بنا الانتظار لخمسين سنة أخرى عسى أن يلحق به أبناؤنا أو ربما أحفادنا.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة