محمد محمود مهدى

«النور» السلفّى.. استمرارية على المحك

الجمعة، 19 أكتوبر 2012 08:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم انتهاء أزمة حزب «النور» وبقاء الدكتور «عبد الغفور» فى منصبه كرئيس للحزب، فإن دخول الحزب وهو أحد أهم الأذرع السياسية لسلفيّى مصر (قرابة 108 أعضاء بمجلس الشعب السابق)، فى دوامة الخلافات، قد يؤثر سلبًا على جماهيريته ويضع استمراريته المستقبلية على المحك؛ لاسيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها عقب الاستفتاء على الدستور الجديد، وكذلك فى ظل ظهور كيانات سياسية جديدة على الساحة المصرية، بخاصة التى تتخذ السلفّية منهجًا لها (الأمة والشعب نموذجًا).

وقبل قراءة الأزمة التى تعرض لها حزب «النور»، نُسجل حقيقة مفادها أن دخول التيارات الإسلامية إخوانية كانت أو سلفيّة وحتى الجهادية منها معترك العمل السياسى، يساعد كثيرًا فى خروجها من حالة القَوقَعَة الذاتية التى ظلت حَبيستها طوال العقود السابقة، وتَسَبَّبَت فى اتخاذها منهجية تصطبغ بالغموض والسرية، إلى فضاءِ أوسع قد يُجَرِّدُها الغموض ويُقلَم أفكارًا متشددة لبعضِ مما ينتمون إليها.

ورغم ما يتطلبه ذلك من ضرورة باستيعاب واحتواء هذه التيارات فى العمل السياسى، لما له من مردود إيجابى على المجتمع، فإنه لم يتحقق بالقدر الكافى! فقد تعرضت التيارات الإسلامية عقب الثورة، بخاصة السلفّية منها لهجوم شديد وانتقاد غير بَنَّاء، وكذلك استهزاء من البعض بتجربتهم؛ وأضحى ذلك التيار بمثابة مادةً إجبارية فى الفضائيات تُطرح قضاياه بمبالغة وإسفاف شديدين.

والملفت تخطى سلفّيى «النور» عقبات التضليل والتشويه الإعلامى لقضاياهم، وذلك فيما يبدو اعتمادًا على إعلاء قيمّ الاعتراف والمكاشفة فتغلب على أزمة سلوكيات بعض أعضائه (أنور البلكيمى، على ونيس)، بالتبرؤ المعلن من أفعالهما، وكذلك بحسن تعاطيه مع ضعف أداء أعضائه، كاعتذاره عما ورد عن النائب (محمد الكردى) فى إحدى جلسات البرلمان السابق، بخصوص مطالبته بمنع تدريس اللغة الإنجليزية فى المدارس.

وللحقيقة فإن مفردات (الاعتراف بالخطاء والمكاشفة والاعتذار) غائبة عن معظم الكيانات السياسية القديمة منها والجديدة فى مصر، فذلك الحزب الوليد استخدم هذه المفردات، التى نتمنى أن يتبعها الجميع فى مصر.

بيد أن، ما تعرض له «النور» خلال الفترات السابقة من احتمالات الانقسام، يعد فى اعتقادى الأصعب على ذلك الحزب الذى لم يتخط بعد العامين، فمؤشرات الانشقاق كانت تتزايد يومًا بعد يوم، حيث جبهتين رئيسيتين لكل منهما قراراتها، فالأولى أصدرت قرارًا بإعفاء الدكتور «عماد عبد الغفور» من رئاسة الحزب ، وتعيين «مصطفى حسين خليفة» رئيسًا مؤقتًا، فيما قررت الثانية فصل عدد من القيادات الحزبية كـ«أشرف ثابت» وغيره، وإلغاء الانتخابات الداخلية.

ويبدو أن ما آلت إليه أمور ثانى أكبر الأحزب عددًا فى البرلمان السابق، ليست وليدة الموقف، فالمتابع للحزب يلمس صراعًا مكتومًا يتنامى يومًا يلو الآخر، فهناك من يسعى إلى فصل الدعوة السلفية التى تعد بمثابة الأب الروحى للحزب عن إداريات الحزب، فتشكلت جبهة الإصلاح، علاوة على اتساع دائرة الاستقالات داخل الحزب كاستقالة قرابة مائة عضو مؤسس من الحزب فى محافظة الغربية، الأمر الذى يؤكد حدوث اضطرابات ومشاحنات داخلية بين أعضاء الحزب أفرزت ذلك الانقسام.

والملاحظ أن أزمة «النور»، أبعدته بعض الشىء عن ثقافة المصارحة والمكاشفة التى عودونا عليها، فرغم وضوح أزمتهم، إلا أن ذلك كان مغايرًا لما أُشيع على ألسنة بعض قياداتهم بأن الأزمة مجرد اختلاف فى فهم لائحة الحزب الداخلية، فكم كنا نتمنى أن يظل «النور» الحزب الأكثر شفافية من بين كافة الأحزاب المصرية.

وفى تقديرى يُقدم خروج حزب «النور» المُندفع للحياة السياسية تفسيرًا لما حدث بداخله من انقسام وخلافات، إذ خرج الحزب دون خلفية مسبقة عن خبايا ودهاليز العمل السياسى، معتمدًا فقط على رصيده الدينى وسط الجماهير، أضف إلى ذلك غياب بيئة سياسية صحية تتقبل وجوده فى الحياة السياسية وتساعده فى الوقت ذاته على النمو الطبيعى.

ومع أن الحزب يمتلك مقومات تخطى الأزمات، والتى استغلها فى أزمته الأخيرة، كتوفر البعد الأخلاقى المبنى على (السمع والطاعة) بين مجمل الأعضاء، وكذلك التماسك النوعى بين أعضائه، فجميعهم رغم اختلافهم حول أدوات الوصول لأهدافهم، يجتمعون نحو هدف واحد، فإنه قد لا يستطيع الصمود فى الفترات القادمة، كما أنه من المتوقع أن تقل نسبته العددية فى البرلمان المقبل، وذلك فى ظل ظهور كيانات سياسية جديدة تتخذ من المرجعية الإسلامية منهجًا كحزب «مصر القوية» للدكتور أبو الفتوح و«الأمة» للشيخ أبو إسماعيل، وحزب «الشعب» التابع للجبهة السلفية التى تضمّ مجموعة من شباب الدعوة السلفية الذين انشقوا عليها.

وأخيرًا تأتى أزمة حزب «النور»، بمثابة جرس إنذار لبقية الأحزاب التى تتخذ من الإسلام بمناهجه المختلفة مرجعية لها، لاسيما حزب «الحرية والعدالة» (الحزب الحاكم فى مصر) فهو الآخر يرتكن إلى أب روحى (جماعة الإخوان المسلمين)، وهناك ما يُشاع بأن أنامل الأب تتدخل إلى حد ما فى مقدرات وقرارات الحزب، ومن ثمّ فالقلق مطروح حول مستقبل ذلك الحزب أو غيره من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، بخاصة تلك المولودة من رحّم جماعات دعوية.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

د مصطفى عبدالله

حزب النور طفل بيحبو

عدد الردود 0

بواسطة:

عاطف الهوارى

كاتب محترم

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد

مقال جيد

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود طراد

غير موفق

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

هذه هي أخلاق الاسلام

عدد الردود 0

بواسطة:

مشهور

مقال محايد

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد صلاح الجزار

ان شاء الله مصر اسلاميه رغم حقد الحاقدين

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة