النساء الريفيات، خاصة اللاتى يشتغلن بالزراعة، فى مصر تعانين، الأمرين، ويتحملن ما لا طاقة لهن به، وذلك لكثرة الأعباء والمشاكل، التى تكبلهن من كل حدب وصوب، فمعظمهن وللأسف الشديد فقيرات وأُمَّيات ومريضات، اضطرتهن الحاجة الشديدة، إلى الخروج للعمل، رغم قسوته وخطره على صحتهن، بعد أن ضقن بالحياة ذرعًا، وأرهقتهن أوجاع لا تنتهى، تلك الأوجاع التى تغافلت عنها كل الحكومات السابقة، حيث بخلت عليهن بتوفير أقل القليل، للمساهمة فى تصحيح أوضاعهن، فضلًا عن وسائل الإعلام المختلفة، التى لم تولِ أى اهتمام بأمرهن، رغم تناولها وتركيزها على أمور وموضوعات، أغلبها تافه وأقلها مهمة، فكان التجاهل والتهميش مصيرهن، والنسيان والإقصاء نصيبهن من الدنيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم!!.
لا شك أن العمل بالزراعة شاق ومرهق للغاية، ولا يتناسب وطبيعة التكوين الجسدى والفسيولوجى للمرأة، فما بالنا لو كانت عليلة أصلًا، ولديها أعباء أسرية لا حصر لها؟!..
فمعظم الريفيات اللاتى اضطرتهن الظروف القاسية للعمل، هن مَن يعولن أسرهن، إما لوفاة الزوج أو لمرضه وعجزه عن العمل، وإما لهجر الزوج وتزوجه بأخرى، لأى سببٍ كان!!..
وما يؤرق المرأة الريفية بشدة، ويزيدها إحباطًا ويأسًا طول ساعات العمل، بجانب ضعف الأجر الذى تحصل عليه، وذلك بخلاف الرجال الذين يقومون بنفس، ما يقمن به من عمل، ومع ذلك يتقاضون أجورًا أعلى، لا لشىء إلا لكونهم ذكورا!، ويرجع ذلك إلى ثقافة التمييز العقيمة المتأصلة والراسخة فى المجتمع الريفى، منذ أمد بعيد، هذا التمييز، الذى أصبح أمرًا طبيعيًا، لا غضاضة فيه، بالنسبة للنساء الريفيات أنفسهن، حيث يتعايشن معه، ويقبلنه إما كرهًا أو اعتيادًا!.
ونتيجة لضعف الأجر، تضطر الكثير من هؤلاء الريفيات، إلى منع أبناءهن من استكمال التعليم، كى يعملوا، ويساعدوهن، ويساعدوا أنفسهم بالطبع، مما يجعلهم متشرنقين دائمًا، حول فقرهن وآلامهن، حتى وإن تزوجوا، لآن الأمر سيتكرر ثانية وهكذا دواليك!!..
ولعدم وجود نصوص قانونية وتشريعية، من شأنها حمايتهن وضمان حقوقهن وتحسين أوضاعهن، بالغة السوء، يتم استغلالهن أسوأ استغلال، كما يتم تكليفهن بالقيام بأمور متعبة جدًا، تهدد سلامتهن وتعرضهن لأخطار عدة، وفى حال إصابتهن، بأى مرض أثناء العمل يتحملن، رغم فقر وبساطة فاتورة العلاج كاملة، وذلك فى الوقت، الذى تحظى فئات عديدة أخرى فى المجتمع، برعاية صحية لا مثيل لها، رغم غِناها وقدرتها، على علاج نفسها بنفسها؟!..
أولى الأمر أن يتقوا الله فى هؤلاء الريفيات، المقهورات وينتبهوا لخطورة معاناتهن، لآن مشكلاتهن متعددة الأبعاد والجوانب، وتتفرع منها مشكلات أكثر تعقيدًا، لابد من الالتفات إليهن ومساعدتهن، بشتى الوسائل سواء بالمال، أو بعمل حملات توعية كثيرة، فى المساجد ووسائل الإعلام، بضرورة تنظيم النسل، والحث على محو الأمية، والحرص على تعليم أبناءهن، إضافة إلى عمل مشروعات صغيرة لهن، مربحة وغير مرهقة، تمكنهن من العيش بكرامة وعزة..
العيب كل العيب أن نكون فى القرن الحادى والعشرين، والعالم من حولنا ينهض، ويتقدم فى كل شىء، وتكون المرأة الريفية المصرية، بهذه الصورة المهينة، وبهذه الحالة المزرية!،
المرأة الريفية، جزء أصيل من المجتمع، تصحيح أوضاعها فرض عين، وحق مشروع، وليس منحة أو هبة، أو فضل من أى مسئول، مهما علا شأنه، ارحموا من فى الأرض، يرحمكم من فى السماء.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اشرف التابعي
اول مقال أقرأه يناقش هذا الأمر
التعليق فوق
عدد الردود 0
بواسطة:
yaser
فئة مظلومة منسية
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
عبد الوهاب كان غلطان
لما قال "محلاها عيشة الفلاح"
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
مش عاوزين
عدد الردود 0
بواسطة:
هناء المداح
لست مسؤولة عن الأخطاء الواردة بالمقال
عدد الردود 0
بواسطة:
د. طارق النجومى
هناك بعض الإختلاف