تعالت الأصوات فى أنحاء المعمورة وقالت الشعوب العربية كلمتها ورسخ ميدان التحرير كلمة الشعوب بأن الشعب يريد، وقد كان بالفعل ما أراده الشعب المصرى والتونسى والليبى واليمنى ومازال الشعب السورى يصرخ ويقول نريد ونريد، وفى حقيقة الأمر ما أرادته الشعوب ما هو إلا تطبيق لأمر الله سبحانه بأن دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة، والغريب فى الأمر أنه وقبل أن يقول الشعب المغربى كلمته كباقى الشعوب العربية خرج البعض كما قد خرجوا من قبل فى بلدان أخرى وقالوا إن المغرب بلد له خصوصيته، وقالوا أيضا إننا اجتزنا مرحلة الربيع العربى من خلال ربيع آخر مختلف تجاوزنا فيه ديمقراطيات عريقة بدأ بدستور جديد صوت عليه الملك بـ"نعم"، ثم قالوا سنعزز ربيع المغرب أكثر وسنذهب إلى انتخابات تقرر مصير المغرب.
وبالفعل وبعد سنوات عجاف وطول انتظار قرر الشعب المغربى الخروج بعد أن كان منكفئاً على نفسه وتقدم إلى صناديق الاقتراع وصوت على الدستور بـ"نعم" كما صوت عليه الملك من قبل، ومن بعد أن اختار الشعب من يقوده أملا أن يحقق صوته الانتخابى ما حققته الشعوب الأخرى من خلال الميادين، حيث تزعم الصدارة حزب العدالة والتنمية صاحب شعار التغيير وتمت الأمور كما أرادها الشعب المغربى أو كما كان يعتقد أنه يريدها، إلا أن الرصاصة التى أرادها النظام قد أصابت الهدف بجدارة وقالوا للشعب تريدون السلطة للإسلاميين سنعطى السلطة للإسلاميين وسنصنع سلطة موازية فى الظل تصارعها فى سلطتها. فماذا قال الشعب؟
يبدو واضحاً أن النظام كسب مباراة دون أن يلعبها على أرض الملعب، وأن الحزب الذى كان يحلم بالوصول إلى السلطة حقق حلمه، وأن الدستور الجديد بما تحمل نصوصه من مضامين وحريات أثبت الواقع أنه مجرد حبر على ورق كباقى الدساتير السابقة التى تخلد الملك وإرادته، ويبدو الأكثر وضوحاً أن الشعب المغربى المغلوب على أمره رجع بخفى حنين وذهب وترك الملعب، وليس بالأمر الغريب أن يذهب الشعب المغربى تاركا الملعب ومقاعد الجماهير لمن يهوى اللعب، وعاد الجميع كما كان عليه نصف الشعب فى فقر مفزع ويبحث عن لقمة عيش ذليلة، ونصف آخر يعانى الأمية ويجاهد للاستمرار على قيد الحياة، ونصف ثالث مشرد يصارع نفسه على أرصفة الشوارع وبين الأزقة، ونصف يعيش فى دوامة الضياع بين المخدرات التى أصبحت مثل الخبز تباع فى الأسواق وأمام المدارس والجامعات. وفى ظل شعب لا يعلم به كم نصفاً ليس بالغريب أن نرى العجب العجاب، أو كما يقول المغاربة "إذا دخلت المغرب لا تستغرب". وحقيقة لا ندرى ما الذى تغير بالفعل بعد الدستور الجديد والانتخابات والحكومة الجديدة، فلا شك أن المثل المغربى القائل "الجنازة كبيرة والميت فأر" هو ما ينطبق على حال الربيع المغربى الذى قالوا عنه أنه ربيع مختلف عن الربيع العربى.
ولذلك نتساءل صراحة هل أمور المغرب على ما يرام؟ أم أن المغرب يتجه إلى ما حاول الهروب منه، وهل ساعة الانتظار أوشكت على الانتهاء، وأن ساعة فجر حرية بدأت معالمها تتضح؟ أم أن شمس المغرب تقف عند حد الغروب ولن تشرق أبداً، أليس ما جرى ويجرى من حولنا يدفع البعض لكى يسأل الشعب المغربى ولو مرة واحدة ماذا تريد أيها الشعب؟ أم أنهم ينتظرون أن يصرخ الشعب ويقول الشعب يريد كما أرادت الشعوب الأخرى من حوله، لكن من يملك الجرأة من البعض لكى يسأل الشعب ماذا تريد، أو من يملك الجرأة من الشعب لكى يخرج ويقول للبعض الشعب يريد، أم أن الشعب المغربى حقاً لا يريد.
فاطمة الزهراء الكديرى تكتب: هل الشعب المغربى لا يريد؟
الخميس، 18 أكتوبر 2012 11:26 م