شهدنا فى الآونة الأخيرة على شاشات الفضائيات حالة من التنابز بالألقاب والسب والقذف بين أشخاص يُظن أنهم على قدر من المسؤولية، وكل واحد يحاول الانتصار لنفسه دون الوصول إلى الحقيقة، ومن ثم أجد أن سبب ذلك ينتج من عدة عوامل، منها: أولا: رفع الصوت، فكأن الإنسان فى غابة تتهارش فيها السباع، ومن لم يكن ذئبا أكلته الذئاب، فيرى أن انتصاره فى الحوار لن يكون إلا عن طريق مبالغته فى رفع الصوت على خصمه، والله تعالى يقول: «إِنَّ أَنْكَرَ الأََصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ» «لقمان: 19»، ثانيا: أخذ زمام الحديث بالقوة، وذلك لئلا تدع للخصم فرصة يتحدث فيها، فيهدم بناءك الهش، أويحطم حججك الزجاجية، أو يثير البلبلة فى نفوس الناس، وكأننا فى ذلك قد أخذنا بمبدأ الكلمة التى قالها «دايل كارنيجى» فى كتابه: «كيف تؤثر فى الناس وتكسب الأصدقاء»، إذ قال: إذا كنت تريد أن ينفض الناس من حولك، ويسخروا منك عندما توليهم ظهرك وتتركهم، فإليك الوصفة: لا تعط أحدا فرصة للحديث، تكلم بدون انقطاع، وإذا خطرت لك فكرة بينما غيرك يتحدث، فلا تنتظر حتى يتم حديثه، فهو ليس ذكيا مثلك! فلماذا تضيع وقتك فى الاستماع إلى حديثه السخيف؟ اقتحم عليه الحديث، واعترض فى منتصف كلامه، واطرح ما لديك.
ثالثا: تهويل مقالة الطرف الآخر، فالبعض يهوِّلون أقوال الآخرين، ويحمِّلون كلامهم من الضخامة ما لا يخطر إلا فى نفوس مرضى القلوب، لماذا؟ لئلا يتجرأ أحد على القول بمثل ما قالوا، أو نصرة ما ذهبوا إليه، فيحاول المحاور أحيانا أن يحيط القول المردود بهالة رهيبة، فيقول: هذا القول كفر، وهذا فسق، وهذا بدعة، وهذا قول حادث باطل وخطأ لم يسبق إليه، ويظل يهوِّل ويطول ويضخم العبارات، بحيث يشعر السامع أنه قول خطير، يجب البعد عنه، وعدم التورط فى قبوله، أو الاقتناع بحجة من تكلم به، وقد لا يكون القول كذلك، فلابد حين يقولها الإنسان أن يثبتها بالدليل الواضح، أما مجرد إطلاق دعاوى فارغة فى الهواء، فهذا لا يسمن ولا يغنى من جوع.
رابعا: الاعتداء فى وصف الطرف الآخر، فتصفه بما لا يليق من الأوصاف، تأديباً له وردعا لأمثاله، فتقول: هذا جاهل سخيف حقير متسرع، وأضعف الإيمان أن تصفه بأنه ليس أهلا لهذا الأمر، بل قد تتهمه بأنه عدو مغرض للإسلام، أو محارب للسنة وأهلها، له أهداف بعيدة من وراء مقالته تلك، أو بأنه عميل للشرق أو الغرب، أو لقوى خارجية أو داخلية رغم أنه حين تُطلق هذه الأشياء فلابد من الدليل الواضح عليها، ولا يجوز أن نصادر عقولنا، ويُطلب منا أن نقتنع بشىء لم يُسَق عليه أى دليل.
إننا فى حاجة ماسة أن نراجع طريقتنا وأسلوبنا فى الحوار والاختلاف مع الآخر، لأن الصوت المرتفع يضيع الحق، وليكن هدفنا جميعا الوصول إلى الحقيقة بطرق سهلة لا تعقيد فيها.
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق
المغالطة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
فاقد الشيء لا يعطيه
إبدأ بنفسك أولاً قبل أن تنصح الآخرين .
عدد الردود 0
بواسطة:
محسن البنا
د.جمال ..أنت محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
ام احمد ماجور
أفات وسلبيات فى التعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
alaa aelgndy
كبر مقت عند الله تقولون ما لاتفعلون
عدد الردود 0
بواسطة:
حامد أحمد
شكرا
شكرا على جهودكم في نشر التوعية لدى الناس ...