السلطة لها تفاعلاتها، وهو ما نراه فى الوقائع والأحداث والتصرفات السياسية الآن، رأينا قبل أن تكون جماعة الإخوان فى الحكم كيف كانت تتعاون مع القوى الأخرى وتنسق معها وتحضر اجتماعاتها وتدعم مطالبها فى التغيير، لكن ما إن ركبت الجماعة السلطة ومنذ وصولها لمجلس الشعب تحولت إلى «حزب حاكم»، ليس بمعنى إدارة الدولة، لكن بمعنى يتشابه كثيرا مع ما كان يفعله الحزب الحاكم سابقا، نفس الخطاب ونفس التبرير، والدفاع عن قرارات الرئيس أيا كانت.
جماعة الإخوان تبنت قرار الرئيس مرسى بإعادة مجلس الشعب، بالرغم من حكم الحكمة الدستورية وتأكيد خبراء القانون والدستور أن القرار باطل ويمثل اعتداء على أحكام القضاء، ولما تراجع الرئيس تبنى مؤيدوه التراجع بنفس الحماس، ولما جاء قرار الرئيس بتنحية النائب العام وتعيينه سفيرا دافع نائب الرئيس ووزير العدل والمستشارون عن القرار، وبرروه بأنه جاء بعد الغضب من حكم البراءة فى موقعة الجمل، كان يمكن أن تصدر الرئاسة بيانا تؤكد فيه احترام أحكام القضاء والسعى لإعادة التحقيق بحثا عن أدلة جديدة، خاصة أن من حقق القضية وأحالها قاضى تحقيقات.
ولما انقلبت الأوضاع ورفض النائب العام الإقالة، التقى الرئيس بالنائب العام وأعلنت الرئاسة أن الرئيس لم يتخذ قرارا بالإبعاد وخرج نائب الرئيس ليبرر الأمر على أنه سوء فهم، وعاد مستشارو الرئيس ليدافعوا عن التراجع بنفس الحماس، بما يكشف عن هوة تفصل بين هؤلاء فى السلطة وبينهم خارجها.
ألقى نائب الرئيس المسؤولية على سوء الفهم، ومن حيث حاول نفى القرار أكده، وبرر التهديد بأنه جاء خوفا على حياة الرجل، الأمر الآخر أن الدكتور عصام العريان القيادى الإخوانى ومستشار الرئيس والمرشح لرئاسة الحزب هدد النائب العام، وقال له أن يقبل القرار بكرامته، فى سابقة خطيرة خاصة أنه من مساعدى الرئيس.
وبالرغم من وجود تيار لديه انتقادات على النائب العام فقد دفع الإخراج السىء كثيرين ممن يختلفون مع النائب العام لتقديم استقلال القضاء على الخلاف، ومن هنا جاءت فكرة معارضة القرار الرئاسى، ما جرى أن أعضاء الحزب الحاكم وأنصار الرئيس فى تبنيهم للقرار اعتبروا كل من يعارض منتميا للنظام السابق أو الفلول، وهى اتهامات أصبحت مضحكة فى ظل العلم بأن كل من يتهمهم الإخوان معروفين بالمعارضة الشديدة لاستبداد مبارك.
الجماعة دفعت أنصارها للاعتداء على المتظاهرين فى التحرير بجمعة الحساب، وبدا أن كيمياء السلطة تفعل فعلها، فما إن أصبح المعارضون السابقون فى الحكم حتى أصبحوا يتهمون من يعارضهم بأنه مندس مغرض، وبدا مسشارو الرئيس ونوابه وقبيلته مدافعين عن قراراته بصرف النظر عن صحتها، وهو أمر يفترض أن يدفع الرئاسة لإعادة النظر فى طريقة إدارة الدولة، حتى تكون الرئاسة حكما بين السلطات وليست طرفا لتنفيذ إرادة الجماعة، حتى يمكن للكيمياء أن تعيد لتفاعلات السلطة توازنها، ولفيزياء الرئاسة أن تعيد الأمور لدورانها الطبيعى.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد الشيح
تحية لقلمك الوطني الحر ....مدياته انسانية لا كيميائية ولا فيزيائية
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن حر
متى نستريح
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن عادي
كلام منطقي
عدد الردود 0
بواسطة:
سمسم
عجبي ... الضحية بقت هي الجاني