د.عبد الجواد حجاب يكتب: مصر القوية

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012 05:14 م
د.عبد الجواد حجاب يكتب: مصر القوية علم مصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعار يرفعه بعض الفصائل السياسية كهدف نحلم به جميعا كمصريين إلى أن نصل إلى مرحلة تكون فيها الدولة المصرية قوية بالقدر الكافى لتطبيق القانون وترسيخ مبادئ دولة القانون.

فبعد ثورة يناير الشعبية السلمية وتنحى المخلوع دخلت مصر إلى مرحلة انهارت فيها الدولة وضاعت هيبتها ثم بدأت مرحلة إعادة البناء بإدارة عسكرية خبرتها السياسية معدومة فيما عرف بالمرحلة الانتقالية لها مالها وعليها ماعليها ولكن الحقيقة أنها اتخذت قرارات ومواقف صارمة ضد أقطاب وقادة مرحلة التوريث والاستبداد يمكن نسميها مرحلة هدم قلاع الحزب الحاكم وأمن الدولة ومحاكمة رجال الصف الأول فى النظام المخلوع.

بانتخاب رئيس الجمهورية انتقلنا من مرحلة الدولة المنهارة إلى مرحلة الدولة الرخوة، والتى تتميز باستمرار الفوضى فى الشارع وكثرة الاحتجاجات مع وجود ارتخاء فى القبضة الأمنية وأزمات فى السلع الأساسية وعجز شديد فى الموازنة العامة للدولة.

لعبور هذه المرحلة الخطيرة والوصول إلى بر الأمان لابد لمؤسسة الرئاسة وعلى رأسهم الرئيس المنتخب لأول مرة من التحرك بالبلاد إلى الأمام والعمل على جميع الجبهات والمسارات مع شىء من فقه الأولويات والذكاء السياسى للأخذ بيد الشعب إلى مرحلة مصر القوية.

المطلب الأول والملح هو الارتقاء بمؤسسات الدولة، وهذا الارتقاء يحتاج إلى دفع دماء جديدة فى المواقع القيادية بكل المؤسسات وتحقيق مطلب من مطالب الثورة، وهو مبدأ تطهير هذه المؤسسات.. التطهير بدون الاصطدام بمؤسسات الدولة أو مخالفة القانون والتطهير الذى يرقى بهذه المؤسسات فى ظل الاحترام الكامل للقانون حتى لو كان قانون المخلوع.

أعتقد أن الرئيس نجح فى هذه المهمة عندما غير الدماء فى المؤسسة العسكرية والشرطية والوزراء وبعض المحافظين ورؤساء الأجهزة الرقابية والمخابرات والأمن الوطنى، ولكن بكل أسف وقع الرئيس فى فخ الاصطدام بمؤسسة القضاء عندما حاول إعادة إحياء مجلس الشعب المنعدم بحكم المحكمة الدستورية وأيضا عندما حاول تحقيق مطلب شعبى وثورى قديم بإقالة النائب العام ويحسب للرئيس تراجعه فى المرتين واحترام القانون والدستور والعودة للحق فضيلة لا يقوى عليها إلا الصادقون.. مع الإقرار بأن الرئيس لا نقدسه بل نحترمه، وليس ملهما بل هو بشر يخطئ ويصيب وعندما يخطئ نقوم بتقويمه، ولكن لا نسبه أو نعتدى على حقوقه أو خصوصياته كأى مصرى ولا نتعمد شيطنته أو إظهاره على أنه ملاك، انتهى عصر الرئيس الإله والرئيس الملهم والقائد الأوحد الباقى فى الحكم حتى الموت.. ومع رئيسنا المنتخب أتمنى أن يكون أداؤه ثوريا وليس بطيئا ونريد منه أعمالا لا أقوالا وأن يقلل من الارتباك والقرارات المرتبكة لأن المرحلة دقيقة وحساسة ولاتحمل أى بطء أو ارتباك أو تردد.

بعد كل هذه الخطوات الهامة تأتى الأولوية المهمة جدا، وهى فى المرتبة التالية تماما وهى أولوية تحسين الأجور والمؤشرات الاقتصادية وانعكاساتها على أبناء الشعب الفقراء، وهم الآن الأغلبية، التى صنعها النظام المخلوع والحقيقة أن الوقت ضيق جدا ومطلوب بشكل ملح اختراق اقتصادى كبير يحقق جزءا من طموحات الشعب فى الميزانية القادمة والميزانية القادمة هى نقطة بداية المحاسبة الحقيقية للرئيس.

كل طبقات الشعب الكادحة والمهمشة من الأطباء إلى المعلمين إلى الخفراء والعمال تنتظر الميزانية القادمة لنتقدم خطوات إلى الأمام وتحقيق العدالة الاجتماعية والارتقاء بالخدمات الصحية والتعليمية ووصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين.

وأعتقد أن أى عجز اقتصادى يزيد من معاناة الناس سيكون وبالا على الجميع رئيسا وحكومة وشعبا وسيكون بداية لأيام أسوأ على مصر لاقدر الله.

مع كل هذا الإنجاز والنشاط الهائل لرئيسنا المنتخب رصدنا عدة تطورات خطيرة على الساحة السياسية والإعلامية تحتاج لميثاق شرف تحتمه هذه المرحلة الرخوة لاستكمال البناء للوصول إلى مصر القوية وكيف ستكون مصر قوية بدون دستور دائم جديد وبدون مؤسسات تشريعية منتخبة وحرة وبدون قضاء مستقل استقلال حقيقى عليه واجب تطهير نفسه بنفسه.

ميثاق الشرف يحتاج إلى مائدة حوار وطنى بين القوى السياسية لوضع خارطة طريق لكيفية إدارة الخلاف السياسى والاستقطاب الحاد الذى تعانى منه البلاد مع وضع الاعتبار لعدة مبادئ هامة يجب التعاون والتوافق عليها.

فى رأيى المتواضع أعتقد أن المبدأ الأول يجب أن يتضمن آلية لوقف زحف الفلول الضالة وثقافة الفلول المضللة، مع اعتذارى للشرفاء من رجالات النظام البائد، التى تحركت فعلا للزحف من جديد على مؤسسات الدولة ومقرات الحزب المصادرة مستغلة الحالة الرخوة التى تعانى منها الدولة فنجدهم كل يوم فى الإعلام يصرخون وينشرون الفتن ويحاولون خلق حالة من الفوضى الفكرية والثقافية لزيادة التشرذم والضعف السياسى وبعدها يأتى الانقضاض على كل شىء.

شرفاء النظام السابق كونوا أحزابا قانونية لممارسة العمل السياسى مرحبا بهم فى ساحة التنافس السياسى، ولكن لا مرحبا لمن قتلوا أو سرقوا ونهبوا وتستروا وساعدوا على القتل والفساد ولامرحبا بإعطائهم الفرصة للتواصل من الشعب على الفضائيات وفى الصحف حتى لو كان مرشحا سابقا للرئاسة أو قاضيا أو وزيرا.

لا مرحبا بكل العكاشيين الكاذبين وبكل أعداء الشعب.
المبدأ الثانى الضغط الشديد فى اتجاه محاربة الفساد وتقديم جميع الفاسدين، وكذلك إعادة تقديم جميع القتلة، قتلة الثوار، إلى ساحة القضاء العادل للقصاص العادل واسترجال أموال وأراضى الشعب إلى الشعب.

ولذلك هناك ضرورة للإسراع فى إصدار قانون لحماية الثورة لإعادة محاكمة القتلة والفاسدين من رجال المخلوع، الذين حصلوا على أحكام بالبراءة مستغلين البيئة القانونية والأمنية المليئة بالثغرات التى خططوا لها سابقا.

المبدأ الثالث الارتقاء بمستوى الكلمة والخطاب السياسى والإعلامى والابتعاد عن السب والاتهام بالتخوين والعمالة ونبذ التطرف الفكرى والدينى والبعد عن المبالغة والتشنيع والتهويل.

أعتقد أن الاكتئاب سيصيبنا أكثر وأكثر مع هذه المعارك الكلامية الخارجة على كل الأعراف على شاشات الفضائيات وصفحات الجرائد، والتى وصلت إلى أن تخدش حياء الناس من سوء الألفاظ وانحطاطها، معارك تغذيها المتاهة السياسة والإعلامية، حيث اختلط الحابل بالنابل ووقع الجميع فى شرك التخوين والتكفير والمبالغة نصبع لنا الفلول تمهيدا للعودة المقدسة لحكمنا.

المبدأ الرابع التوقف عن استغلال الدين بشكل يثير الاشمئزاز فى السياسة وإقحامه فى أمور لا تعنيه من قريب أو من بعيد، أنا مع عدم فصل الدين عن السياسة ومع الالتزام بمبادئ الشريعة وتوظيف الدين لتحسين الأخلاق والأداء السياسى بشرط أن يلتزم الجميع بعدم استغلال الدين فى السياسة واستغلال منابر أماكن العبادة فى الحشد السياسى ولنترك الفتوى لأهل الفتوى والقانون لأهل الفنون والبعد عن تكفير الآخرين بسبب انتماءاتهم السياسة والتوحد تحت مرجعية الأزهر الشريف الدينية والتزام الدعاة بالدعوة إلى الله وإلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس الدعوة إلى حزب أو شخص مهما كان.. لا يجب أبدا استغلال الدين لتحقيق أى منافع سياسية.. الدين فكر وسطى يستنكر الجاحدين والمنكرين والمتطرفين والتكفيريين فى آن واحد.

أخيرا من على هذا المنبر الحر أقول إن المناخ السياسى فى مصر مازال مرتبكا فى ظل دولة مازالت رخوة والأمر يهدد بالانفجار والفوضى، وكلنا شاهدنا إرهاصاتها فى ميدان التحرير الذى تحول إلى ساحة للاقتتال بين القوى السياسية، التى شاركت فى صنع ملحمة الثورة.

وأطالب التيار الإسلامى بتغيير الصورة الذهنية والنمطية، التى زرعها الأعداء فى أذهان الناس على مدى عقود وفى نفس الوقت أطالب التيارات الوطنية والثورية بالتوحد والتوقف عن التشرذم والالتفاف حول قيادة واحدة ليصبح من ممتلكات مصر أحزاب تحكم قوية ومعارضة أيضا قوية والاثنان ملتزمان بالأعراف الديمقراطية التى ارتضيناها سبيلا وحيدا لتبادل السلطة وفى النهاية نصل إلى مصر القوية.. اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة