يفتح مجلس الشورى اليوم، عددا من الملفات الخطيرة الخاصة بالدعم والتى تمس حياة الناس اليومية سواء فى رغيف العيش أو فى البنزين أو فى السلع التموينية، وذلك من خلال مناقشة التقرير المبدئى الذى أعدته لجنة الشئون المالية والاقتصادية حول إصلاح منظومة الدعم فى مصر.
وكشف التقرير عن العديد من المفاجآت أبرزها أن قدرا كبيرا من الدعم يتسرب إلى الأغنياء والوسطاء والانتهازيين إلا أن اللجنة رأت ضرورة الإبقاء على الدعم من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية لإخراج الفقراء من دائرة الحاجة مع وضع خطط تنموية متكاملة تعالج الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد القومى وتدفع عجلة التنمية إلى الأمام عن طريق رفع كفاءة استخدام للموارد المتاحة وتنميتها واستثمار القيمة المضافة لها مع إعادة هيكلة الدعم.
وأرجع التقرير وجود الاختلالات الهيكلية وتفشى مظاهر الفساد فى أغلب قطاعات الدولة وتردى الأحوال المعيشية وظهور الخلل فى منظومة الدعم السلعى والخدمى إلى التشريعات والقوانين التى تحتاج إلى المراجعة الشاملة خاصة بالنسبة إلى العقوبات الواردة بها لضمان القضاء على كل مظاهر الفساد الحكومى والإدارى وتفعيل الرقابة التى تحقق أهداف النمو الاقتصادى.
ورفض التقرير التحول للدعم النقدى محذرا من أن تطبيقه سيكون له تبعات سياسية ثقيلة خاصة فى المرحلة الانتقالية التى نعيشها الآن بسبب حالة عدم الثقة التى يعيشها المواطن مع الحكومة.
وأشار إلى أن تطبيق الدعم النقدى سيكون مادة جديدة لمن يتربصون بالبلاد وذكر التقرير أن التحول للدعم النقدى يصعب تطبيقه إلا بعد توفير المناخ المناسب له سياسيا واقتصاديا.
ورفضت اللجنة تحويل الدعم للفئات المستحقة إلى دعم نقدى محذرة من خطورة هذه الخطوة فى ظل غياب دور الدولة الحاسم فى ضبط الأسواق والذى سيؤدى إلى تسليم الدولة مقاليد الأمن الغذائى للقطاع الخاص.
وحول الدعم المخصص للسلع التموينية الذى يصل إلى 26.6 مليار جنيه يخص رغيف الخبز 16 مليار جنيه أوصى التقرير بتحويل الدعم من القمح إلى دعم الرغيف لأن معظم المشاكل وحالات الغش والسرقة تتم بسبب دعم الدقيق داعيا إلى دعم بيع الدقيق بالسعر السوقى له دون دعم مع ثبات سعر الرغيف المنتج عند خمسة قروش ووضع إليه لتعويض أصحاب المخابز بالفارق الذى تتكبده موازنة الدولة لكل رغيف يتم بيعه.
وطالب التقرير بدراسة احتاجات كل أسرة من الخبز وإعطائها كوبونات بكمية الخبز المدعوم شهريا بحيث يتم تسليم الكوبون عند الشراء بسعر خمسة قروش على أن يقوم المخبز بتقديم هذه الكوبونات إلى الجهة الحكومية المختصة واستلام القيمة المقابلة شاملة الدعم الحكومى، مضافا إليها هامش الربح المتفق عليه والذى يمكن الاتفاق عليه بين الحكومة وشعبة المخابز بالغرفة التجارية.
ومن الحلول التى اقترحها التقرير لحل مشكلة رغيف الخبز التوسع فى تجربة إنتاج رغيف الخبز المدعم عن طريق مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة والتوسع فى إنشاء المخابز المليونية التى تنتج مليون رغيف يوميا وتدار بواسطة الدولة على غرار المخابز التى تم إنشاؤها فى الشيخ زايد والجيزة والأقصر وقنا والإسماعيلية بالإضافة إلى دراسة مدى إمكانية زيادة ربحية أصحاب المخابز بتقديم خدمات المياه والكهرباء والغاز والوقود مجانا ودخولها ضمن عناصر الدعم وإعفائهم من الضرائب.
وأوصى التقرير بإنشاء هيئة عليا لحماية إنتاج الخبز تضم فى عضويتها متخصصين يتمتعون بالنزاهة والسمعة الطيبة والقدرة على تحليل العينات ومراجعة سلامة المواصفات وتتولى الهيئة مراجعة جودة القمح المتعاقد على استيراده واستلام القمح المحلى ومراقبة جودته وسلامة تخزينه والمطاحن والأفران ومنافذ التوزيع وزيادة حصص وتراخيص المخابز الطباقى وإغلاق جميع المخابز التى تبيع الرغيف بأعلى من سعر المدعم بدون ترخيص مع سرعة توصيل الغاز إلى المخابز واتهم التقرير الحكومات المتعاقبة بعدم إدارة موارد الطاقة بالمنطق الرشيد.
وحول الدعم المخصص للزيت والسكر والأرز والشاى والمقدر بنحو 10.5 مليار جنيه من خلال البطاقات التمونيية بزيادة طفيفة عن العم الماضى بنحو 809 ألف جنيه ترى اللجنة أن هذا الدعم يعد من أهم أنواع الدعم المقدم للفقراء ومحدودى الدخل كبل وطالبت بإضافة سلع جديدة والتوسع فى دعمها لرفع المعاناة عن كاهل الفقراء ومحدودى الدخل.
وكشف التقرير عن أن هذا الدعم يصل إلى غير مستحقيه بنسبة كبيرة وفى هذا الصدد طالبت بتحديث بيانات المواطنين تشمل تحديد المستوى الاجتماعى لكل أسرة مع وضع معايير لتحديد الأسر التى تحتاج للدعم مع تحديث هذه البيانات سنويا وأيضا تحديث بيانات المواطنين حاملى البطاقات التموينية من حيث حالتهم الاجتماعية ومستوى دخولهم واستبعاد غير المستحقين.
وحذر التقرير من اللجوء إلى رفع الأسعار للمنتجات البترولية تحمل المواطن خطايا السياسات المطبقة حاليا للدعم وتبقى المشاكل كما هى مما يتسبب فى جعل الأزمة تتفاقم فى السنوات القادمة.
واتهم التقرير الحكومات المتعاقبة بالفشل فى ترشيد الطاقة ودلل على ذلك بعدد من الوقائع من بينها وجود 45 محطة كهرباء فى مصر تعمل بالسولار والمازوت وتكلف الدولة سنويا 8 مليارات جنيه فى حين أنها يمكن أن تكلفها فقط 3 مليارات فقط لو عملت بالغاز فضلا عن أن سيارات النقل العام والأتوبيسات السياحية والميكروباصات ما زالت تعمل بالسولار، وأشار التقرير أن محافظة واحدة تستهلك 16 ألف أنبوبة بوتاجاز يوميا لمزارع الدواجن لديها وذلك خلال فترة الشتاء وذلك لتدفئة الكتاكيت عن طريق عمل مواسير يتم من خلالها ضخ البوتاجاز وإشعاله للتدفئة.
وأكد التقرير أنه لا يوجد بديل للخروج من أزمة دعم الطاقة الآمن خلال الاعتماد على الغاز الطبيعى خاصة وأن مصر تحتل مرتبة متقدمة بين دول العالم فى الاحتياطى من الغاز الطبيعى فضلا عن قيامها بتصديره إلى إسرائيل وتركيا وأسبانيا بنحو 1,6 دولار فى الوقت الذى يصل فية الدعو للميكروباص الواحد فى العام إلى 22 ألف جنيه نتيجة استخدامه للسولار هذا بخلاف أنبوبة البوتاجاز التى تصل تكلفتها 61 جنيها ويتم بيعها لصاحب المستودع بنحو 265 قرشا.
وشدد التقرير على ضرورة إحلال الغاز محل البنزين والسولار والبدء فى تحويل جميع السيارات الحكومية وسيارات كل من القطاع العام وهيئة النقل العام وجميع الوزارات إلى الغاز الطبيعى وعدم شراء سيارات أو أتوبيسات جديدة تعمل بالسولار أو البنزين مع دراسة التدابير اللازمة لتحويل التاكسى بالقاهرة الكبرى والإسكندرية ثم باقى المحافظات للعمل بالغاز الطبيعى بدلا من البنزين.
كما طالب التقرير بوقف أى تعاقدات جديدة على أى اتفاقيات جديدة لتصدير الغاز وعدم زيادة الكميات المصدرة بالاتفاقيات القديمة مع طرح مناقصات جديدة للبحث والتنقيب عن البترول والغاز وتوقيع اتفاقيات جديدة لشراء الغاز من الشريك الأجنبى الذى يقوم باستخراج الغاز من أراضينا ومراجعة عقود تصدير الغاز الحالية ومحاولة التفاوض مع أطراف أخرى لفسخ هذه العقود بتعويضات مقبولة دون الإخلال بالالتزامات السياسية والتعاقدية مع الحفاظ على مصداقية الدولة.
وأكد التقرير أن استخدام الغاز الطبيعى سيؤدى إلى انخفاض تكلفة الدعم بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 65 % من قيمته الحالية، مشيرا التقرير أن هذا ما فعلته أكثر من 13 دولة منها الهند وباكستان والأرجنتين وإيطاليا وسنغافورة وإندونيسيا بعد أن أصدروا قانونا يلزم السيارات بالتحول إلى الغاز ومنح مميزات للمصانع التى تعمل بالغاز.
وطالب التقرير بزيادة أسعار البنزين فئة 95 مع بقاء أسعار بنزين فئة 80 و90 و92 واستخدام كوبونات لترشيد البوتاجاز واستخدام كروت لترشيد استخدام البنزين.
وحول دعم صندوق الصادرات الذى بلغ نحو 1.3 مليار جنيه بموازنة هذا العام، طالب التقرير بإعادة هيكلة الدعم حتى يصل إلى مستحقيه وأن يحقق هدف تنمية الصادرات وفتح أسواق جديدة فى الخارج، كما طالب التقرير من وزارة الصناعة والتجارة الخارجية العمل على إقرار المعايير الجديدة لصرف المساندة التصديرية على أن تشمل هذه المعايير توفير فرص عمل جديدة ومساندة الصناعات الصغيرة وتعميق التصنيع المحلى ونقل التكنولوجيا الجديدة.
الشورى يفتح ملف الدعم.. تقرير للجنة الشئون الاقتصادية: جزء كبير منه يذهب لغير مستحقيه وإلغاؤه يهدد الأمن القومى.. محافظة واحدة تستهلك 16 ألف أنبوبة بوتاجاز لتدفئة الكتاكيت
الإثنين، 15 أكتوبر 2012 01:52 م