فى إطار توثيق مكتبة الإسكندرية لتاريخ مصر الحديث والمعاصر، زارت شهدان سعد الدين الشاذلى ابنة الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، مكتبة الإسكندرية يوم الخميس الماضى، بدعوة من وحدة متحف السادات بالمكتبة.
ويقول عمرو شلبى رئيس وحدة متحف السادات، إن السيدة شهدان قامت بزيارة المكتبة يوم الخميس الماضى، وقامت بجولة فى كافة أقسام المكتبة ومتاحفها، وشاهدت أحدث ما وصلت إليه المكتبة فى توثيق تاريخ الحديث والمعاصر، واطلعت على موقع ذاكرة مصر المعاصرة وما يحويه من صور وفيديوهات ومعلومات عن والدها الراحل سعد الشاذلى.
وأضاف شلبى، أن ابنة الشاذلى قامت بإهداء مكتبة الإسكندرية نسخا من مذكرات والدها لتتاح للقراء وزائرى المكتبة، واتفقت مع المكتبة على بدء العمل بالمجموعة الخاصة بوالدها الراحل سعد الدين الشاذلى من صور ووثائق ومقتنيات وتحويلها إلى صورة رقمية تكون متاحة لزوار موقع ذاكرة مصر المعاصرة.
جدير بالذكر، أن الفريق سعد الدين الشاذلى ولد فى قرية شبرتنا مركز بسيون فى محافظة الغربية عام 1922، كان والده من الأعيان، وابن عم والده هو عبد السلام باشا الشاذلى مدير مديرية البحيرة، ينتمى الفريق الشاذلى لعائلة عسكرية، وقد مات جده وهو يقاتل فى حروب إسماعيل باشا فى السودان، وشارك أفراد من عائلته فى الثورة العرابية وثورة 1919، وانقطعت صلة العائلة بالحياة العسكرية بعد انكسار الثورة العرابية والاحتلال البريطانى لمصر عام 1882 لتعود الصلة بالتحاق أحد أفراد العائلة بالكلية الحربية عام 1933 ثم التحاق الفريق الشاذلى بها عام 1939.
أصبح الفريق الشاذلى، ضابطا برتبة ملازم فى يوليو 1940، ثم انتدب للخدمة فى الحرس المالكى عام 1943، وفى عام 1954 ترأس الفريق الشاذلى أول كتيبة لقوات المظلات فى الجيش المصرى، وفى عام 1960، ترأس القوات العربية المتحدة فى الكونغو ضمن قوات الأمم المتحدة، وعين ملحقاً عسكرياً فى لندن (1961-1963) وقائداً للقوات الخاصة (1967-1969)؛ ثم قائداً لمحافظة البحر الأحمر (1970-1971)، وفى 16 مايو 1971، أصبح الشاذلى رئيساً للأركان بالقوات المسلحة المصرية وظل فى هذا المنصب حتى 12 ديسمبر 1973.
اكتسب الشاذلى سمعته الطيبة فى الجيش لأول مرة فى عام 1941، وعندما قررت القيادة المصرية البريطانية المشتركة الانسحاب من مرسى مطروح، شكلت مجموعة بقيادة النقيب رشاد دانش مهمتها تدمير المعدات والمخزونات التى اضطرت القوات المصرية إلى تركها عند انسحابها من المنطقة، وكان الملازم سعد الشاذلى ضمن هذه المجموعة.
وأبدى الشاذلى، تميزاً مرة أخرى فى عام 1967 عندما رأس "مجموعة الشاذلى" – وهى حملة مكونة من القوات الخاصة لحراسة منطقة وسط سيناء (بين المحور الأوسط والمحور الجنوبى)، ونتيجة لفقدان الاتصال بين الشاذلى وبين قيادة الجيش فى سيناء، اتخذ الشاذلى قرارا جريئا فعبر بقواته الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيه، وتمركز بقواته داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة بحوالى خمسة كيلومترات، وبقى هناك يومين، إلى أن تم الاتصال بالقيادة العامة المصرية التى أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورا، فاستجاب لتلك الأوامر وبدأ انسحابه ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيه كان قد نجح فى العودة بقواته غرب القناة.
وفى عام 1973، عندما بلغ قمة حياته الوظيفية العسكرية، اختلف مع السادات حول إدارة العمليات العسكرية، فقام السادات بعزله من الخدمة العسكرية، وعينه سفيراً فى إنجلترا ثم سفيراً فى البرتغال، وفى عام 1978، عارض الفريق الشاذلى اتفاقية "كامب ديفيد" ووجه لها انتقادات حادة، مما أدى إلى فصله من منصبه، فعاش فى المنفى لعدة سنوات.
وفى سنوات المنفى نشر الفريق الشاذلى كتابه (حرب أكتوبر)، وكانت عواقب هذا النشر عالية التكلفة، حيث أحيل الشاذلى غيابياً لمحكمة عسكرية، وصدر ضده حكم بالسجن ثلاث سنوات، كما تم حرمانه من التمثيل القانونى وتجريده من حقوقه السياسية ووضعت أملاكه تحت الحراسة، بعد توجيه تهمتين له، الأولى هى نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه، واعترف الشاذلى بارتكابها، أما التهمة الثانية فهى إفشاء أسرار عسكرية فى كتابه، وقد أنكر الشاذلى صحة هذه التهمة الأخيرة بشدة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسراراً حكومية وليست أسراراً عسكرية.
لم ينشر كتاب "حرب أكتوبر" وكتاب الشاذلى اللاحق "الخيار العسكرى العربى" فى مصر، بينما تم نشره باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية فى دول كثيرة، وقدمت عدد من الصحف العالمية الرئيسية نبذة عن تلك الكتب.
ومن تلك الصحف: الإيكونوميست Economist و"نيويورك تايمز" و"كريستيان ساينس مونيتور “Christian Science Monitor” وغيرها.
وفى عام 1992، عاد الشاذلى إلى مصر بعد 14 سنة قضاها فى منفاه بالجزائر، وتم القبض عليه بالمطار لدى عودته، وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن دون محاكمة، رغم أن القانون المصرى ينص على أن الأحكام القضائية الصادرة غيابياً لابد أن تخضع لمحاكمة أخرى، وأثناء تواجده بالسجن، نجح فريق المحامين المدافع عن الشاذلى فى الحصول على حكم قضائى صادر من أعلى محكمة مدنية، وينص على أن الإدانة العسكرية السابقة غير قانونية، وأن الحكم العسكرى الصادر ضده يعتبر مخالفاً للدستور، وأمرت المحكمة بالإفراج الفورى عن الشاذلى، وعلى الرغم من ذلك لم ينفذ هذا الحكم الأخير، وقضى الشاذلى بقية مدة عقوبته فى السجن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة