المنتج محسن جابر واحد من أبرز منتجى الكاسيت فى مصر، بدأ الدخول فى عالم الإنتاج الغنائى منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى من خلال ألبومات محمد الكحلاوى ومنها «حب الرسول يابا» و«مدد يا نبى» و «لاجل النبى»، وهو يحاول حاليا الحفاظ على تواجد صناعة الكاسيت رغم ما تعانيه من أزمات شديدة وخسائر بالجملة، بسبب قراصنة الإنترنت ومواقع تحميل الأغانى، وتغير السوق بشكل عام ومعاناته من تبعات أحداث ثورة 25 يناير وتأثيرها على الشارع المصرى بشكل عام، حيث أوضح محسن جابر فى حواره لـ «اليوم السابع» أن ملامح المستقبل ضبابية فى الفترة الحالية رغم أنه دائما متفائل لكن أرض الواقع تؤكد أن حال الغناء لن ينصلح عما قريب.
◄◄ رغم عدم تعافى سوق الكاسيت ومعاناته فى الفترة الحالية فإنك تصر على طرح ألبومات لكبار النجوم.. فهل تفعل ذلك من أجل إنعاش السوق؟
- السوق يعانى من الانهيار تماما، لكننى مرتبط بعقود مع مطربين ولا يجوز أن أقول لهم «خلاص خلصت»، كما أننا مرتبطون بتكلفة إنتاج معينة لا تضرنا كثيرا، وهناك ألبومات أصحابها هم من ينتجونها، ونحن نوزعها فقط حتى نساعد فى إنعاش السوق بعض الشىء لكنه انهار بالفعل للأسف.
◄◄ البعض يتهم شركة روتانا بأنها تتحمل جزءا كبيرا فى مسؤولية انهيار السوق، لأنها دخلت فجأة السوق المصرى ورفعت أسعار المطربين المصريين للاستحواذ عليهم ثم انسحبت فجأة أيضا؟
- للأمانة أقول إن روتانا لم ترفع سعر المطربين بل ثبتت الأسعار التى رفعناها نحن من قبل، وذلك لأن الألبومات كانت وقتها تحقق مبيعات كبيرة جدا، فأغانى عمرو دياب وراغب علامة وأنغام وغيرهم من النجوم كانت «مكسرة» الدنيا وكانت هناك مبيعات وحفلات ونسبة من الـ «كول تون»، وجاءت روتانا لتأخذ الفنانين بالأسعار التى حددناها لكن كان حظها سيئا وبدأ الانهيار فى السوق الموسيقى.
◄◄ بعض كواليس الوسط الغنائى تشير إلى أنه كان لديك مشروع لحماية صناعة الكاسيت ومواجهة ظاهرة تحميل الأغانى من على الإنترنت لكنه تعطل فى عهد حكومة نظيف؟
- نظيف لم يعطل المشروع، بالعكس، نحن قدمنا المشروع وكان لابد من عرضه على وزراء السياحة والثقافة والصناعة والداخلية والاتصالات، وذهبنا لكل وزير بالفعل على مدار 9 شهور، ثم وافق وزير الثقافة وقتها د. فاروق حسنى وأعطانا القرار لكن عندما بدأنا فى إجراءات تفعيله كانت ثورة 25 يناير قامت، وتمت إقالة فاروق حسنى فتوقف المشروع وعندما جاء دكتور عماد أبوغازى وقابلته، شعرت بأنه قلق وخائف من منظمات حقوق الإنسان ومن مساءلته حول غلق مواقع الإنترنت فى وقت سادت فيه حرية تعبير ولم أجده متحمسا فتركته، وبعدها جاء الوزير شاكر عبدالحميد ثم محمد صابر عرب، ونحن منتظرون استقرار أى وزير ثقافة فى منصبه حتى يستطيع تفعيل القرار.
◄◄ إذن أنت تتهم ثورة 25 يناير بالتسبب فى تردى حال الموسيقى فى مصر والوطن العربى بشكل كبير؟
- للأسف رغم أنى من مؤيدى ثورة 25 يناير فإن الثورة أعقبتها حالة كبيرة من الفوضى، وعلى العكس كان من المفترض أن تعالج الثورة تلك المشكلة والتدهور الرهيب فى حال الموسيقى، لكن الفوضى التى أعقبتها حولت من كان يسرق فى البداية ويختبئ، إلى مجاهر بفعلته وبجريمته ويتعامل وكأنه صاحب حق.
◄◄ فى ظل ذلك الانهيار... كيف تستطيع تحقيق أرباح فى تلك الفترة من المطربين الذين يتعاقدوا معك؟
- الحقيقة تحقيق أرباح شىء يعد مستحيلا لكن على الأقل أحاول ألا أخسر لأنه لا يوجد منتج يحقق أرباحا حاليا حتى الرينج تون وغيرها أصبحت على الإنترنت مجانا فلم تعد تحقق أرباحا.
◄◄ إذن هل ترى أن صناعة الغناء ستتوقف قريبا؟
- رغم أننى لست متشائما لكن هذا هو الواقع، فإن لم تأخذ الوزارات المعنية خطوة إيجابية لحماية الصناعة مثل باقى دول العالم ستنهار، وأقصد الصناعة ككل سواء غناء أو أفلام أو مسلسلات، فالمواطن يستطيع حاليا أن يشاهد حلقة من أى مسلسل قبل عرضها على الفضائيات، خاصة الأعمال التى تأتى من الخارج وليست مصرية، فبالتالى لن يأتى عليها إعلانات بعد ذلك، وأيضا الأفلام فعقب عرضه مباشرة فى السينما يتم تحميله من على الإنترنت، إضافة إلى أن وزير الاتصالات الجديد يريد أن يجعل الإنترنت فى كل منزل والحد الأدنى له 7 ميجا مثل فرنسا بمعنى أن يتم تحميل الفيلم كاملا فى ثوانٍ.
◄◄ هناك اقتراح من بعض صناع الكاسيت يقضى بأن تتوصل شركات الإنتاج إلى اتفاق مع شركات الإنترنت فى مصر لكى تأخذ نسبة من الاشتراك الشهرى الذى تحصل عليه من خدمة الـ dsl مقابل الحصول على خدمة تحميل الأغانى؟
- هذه الفكرة اقترحتها أنا على شركات الإنترنت منذ عدة أعوام، حيث اقترحت أن يضيفوا مثلا 10 جنيهات فقط على الاشتراك الشهرى، ليستطيع المستخدم تحميل العدد الذى يريده من الأغنيات، وهى قيمة صغيرة جدا لكنها ستحقق مبالغ مالية كبيرة تساعد على استمرار الصناعة، لكن الشركات كانت تقول إنه ليس لديها مشكلة فى تنفيذ الفكرة لكن تساءلوا: هل تستطيع شركات الإنتاج أن تمنع باقى الشركات من السماح لمشتركيها بتنفيذ الفكرة، وقالت إن موافقتها النهائية تقتضى بضرورة أن يكون هناك قانون يحكم تلك المسألة.
◄◄ لماذا إذن لم تفكروا فى مقابلة د. محمد مرسى لتناقشوا معه تلك المشكلة؟
- فى البداية كان الفنانون خائفين من حكم مرسى وسيطرة الإخوان المسلمين على الحكم، وخشوا أن يتحكم التيار الدينى فى الفن ويمنعه، وعندما التقى مرسى بالفنانين لم يكن بينهم صناع تلك المهنة، فكان الاجتماع بعدد من الفنانين غير المعنيين بالصناعة، أى كان لقاء للوجاهة فقط، ولم يكن هناك أجندة فى الاجتماع، فإذا نظرنا لجانب الرئاسة فهى نجحت فى إقناع الناس بأنها مع الفن وتدعمه، وبالنسبة للفنانين اطمأنوا على مستقبل الفن، لكن لم نخرج منه بأى نتائج.
والدولة نفسها تضررت من انهيار الصناعة، حيث كان يدخل خزينتها 2 مليار دولار سنويا من الضرائب التى كانت تدفعها شركات الإنتاج، والتى كانت فى السابق تقريبا 48 شركة إنتاج، لكن حاليا لا يوجد سوى شركة عالم الفن وروتانا وفرى ميوزيك فعليا صامدين على الساحة ولن أحسب بالطبع شركات المطرب الواحد أو الألبوم الواحد.
◄◄ ما رأيك فى برامج اكتشاف المواهب التى تتواجد على الساحة حاليا بقوة وألا ترى أنها ستنعش السوق الغنائى من جديد؟
- هذه البرامج برامج «ميديا» و«شو» فقط، وأتحدى أن يكون هدف أى قناة إخراج مطربين للساحة الفنية، أو تخدم عليهم بداية من ستار أكاديمى وسوبر ستار وغيرها، وبرنامج ستار ميكر فقط والذى قدمته مع مجموعة من الملحنين والشعراء وخبراء الأصوات منذ سنوات، هو الذى أخرج مطربين مثل شاهيناز وإيساف، حيث كان لنا هدف واضح وهو اكتشاف الموهبة وتنميتها، وكانت هناك شركة إنتاج قوية تدعم البرنامج، لكن ما هو هدف قناة mbc التى قدمت أكثر من 8 مواسم من البرنامج! فأين هو محمد عطية وزيزى وغيرهما؟ فهؤلاء ظلوا تحت الأضواء لمدة شهر فقط هى مدة عرض البرنامج، وحصدت القنوات من وراء ذلك مكاسب هائلة، فهو برنامج «ترفيه» حلو، مبنى على نجوم سوبر ستار لجذب الجمهور ويعتمد على تصويت الجمهور المتحمس للصوت الذى يشجعه، ولا نستطيع أن نقول إن هناك برامج خرجت لتدعيم الفن إلا اثنين فقط الأول هو برنامج «استديو الفن» الذى قدمه سيمون أسمر والثانى هو «ستار ميكر».
◄◄ هل تفكر فى إنتاج برنامج اكتشاف مواهب جديد خاصة أنك تمتلك قنوات تدعم هذا العمل حاليا؟
- بالفعل نحن نفكر حاليا فى هذا المشروع ونرغب فى إخراج أصوات جديدة لكن بشرط ألا تكون المحصلة النهائية خسارتنا المادية، وما زلنا نحسب الموضوع من ناحية التكلفة، فلا نريد خسارة تضاف إلى خسائر الكاسيت.
◄◄ هل يوجد لدينا حاليا نجم حفلات ليعوض المنتج الخسائر التى يتكبدها فى إنتاج الألبومات ويحقق له ربحا بطريقة أخرى؟
- هذه أيضا أصبحت مشكلة لأن المطرب عندما ينجح مع المنتج و«يكسر الدنيا» مثلما يقولون يستخسر هذا النجاح فى المنتج الذى سانده ودعمه ويقول: «أنا أصبحت نجم حفلات ولا أحتاج للمنتج لماذا أعطى له جزءا من الأرباح» فأصبح المطرب يستغنى عن المنتج ليأخذ كل أرباح حفلاته بمفرده ويبدأ يبخل على جودة الأغانى التى يقدمها، فتجد الناتج الفنى غير مرضٍ تماما وتصبح الأغانى مثل «شلل الأطفال» ولا يجرى بروفات على الأغنية بل يسجلها فى ثوانٍ معدودة فتكون الأغنية فى النهاية مبتورة وناقصة.
◄◄ لماذا لم يستمر التعاون بينك وبين المطرب تامر حسنى رغم تقديم دعاية ضخمة جدا له على قنواتك أكثر من باقى مطربى الشركة لدرجة أغضبت الكثير منهم؟
- تامر صديق عزيز وأعتبره أحد أبنائى لكننى لم أقدم عرضا له، فمن حقه أن ينتج لنفسه أو يبحث عن منتج آخر، ولا يوجد بيننا أى خلاف حتى إنه أرسل لى رسالة منذ أيام قليلة يقول لى «يا حبيبى وحشتنى جدا» لكننى لم أقدم له عرضا بمبلغ ضخم لأننى لا أدرى إذا كنت سأستطيع تحصيله مجددا أم لا.
◄◄ لماذا وافقت على طلب تامر حسنى بعدم طرح ألبوم زوجته بسمة بوسيل رغم الانتهاء من تحضيره؟
- لأنه اتصل بى وقال إننى وعدت جمهورى بأننى عندما أتزوج لن أتزوج فنانة، وبذلك لن يكون لى مصداقية مع جمهورى إذا تم طرح الألبوم، فقلت له ماذا تريد إذن؟ فقال لى «لا أريد لزوجتى أن تغنى»، فقلت له «غالى والطلب رخيص» لذلك قررت أن أحذف صوتها من على الأغانى وأضع صوت مطربة أخرى، لأن الموضوع هنا أصبح له اعتبارات إنسانية ولا أريد أن أغضب زوجها وأجعلها تغنى رغما عنه من أجل الفلوس.
◄◄ لماذا سحبت أغنيات شركتك من إذاعة «نجوم fm» ورفضت استمرار إذاعتها عليها؟
- لأن العقد انتهى بيننا ولم نجدده لأن لديهم مشاكل فى السيولة، ويريدون أن يوفروا، رغم أن الكتالوج الغنائى الذى نقدمه لهم من تاريخ عبدالحليم حافظ وأم كلثوم ووردة ومحمد عبدالوهاب وعمرو دياب وهانى شاكر وميادة الحناوى لا يحتاج للبخل، فهم يريدون أن يأخذوا كل هذا التاريخ والضغط علينا باسم الظروف وتحت مسمى أنهم يقدمون لنا دعاية، لكن هل أم كلثوم أو عبدالحليم أو عمرو دياب فى حاجة لدعاية!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة