طارق تهامى

سهم إخوانى مسموم

الأحد، 14 أكتوبر 2012 10:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعلمنا فى بدايات حياتنا السياسية، أن هناك معارك لا يجب ــــــــ أبداً ـــــــ أن نخوضها، فى مواجهة الرفاق والأصدقاء وزملاء الكفاح، مهما كانت المكاسب التى يمكننا الحصول عليها، ومهما كانت الضغوط النفسية التى نتعرض لها لأنهم يضعون أقدامهم على جزء من الأرض، ويخطون خطوة متقدمة علينا.. لأن هذه المعركة بالذات سيكون المنتصر فيها خاسر لصديقه الذى هزمه لأنه ببساطة لن يثق فيه مرة أخرى، والمهزوم فى المعركة ــــ بطبيعة الحال ـــــ هو خاسر للمعركة وللصديق.

هذا الدرس المهم لم ينتبه إليه قيادات الإخوان المسلمين الذين يتعاملون ـــــ منذ فوز الدكتور محمد مرسى بمنصب الرئيس ـــ بفوقية مع رفاق الكفاح والنضال فى ميدان التحرير، وقبله، فى كل ميادين مصر، أثناء سنوات مواجهة نظام حسنى مبارك، عبر ثلاثين عاماً من الاستبداد البطىء.. وسقطت قيادات الجماعة ـــ يوم أول أمس الجمعة 12 أكتوبر 2012 ـــ فى فخ وضعوه لأنفسهم ــــــ وليس من صنع الفلول كما قال محمد البلتاجى ــــــ وقرروا القضاء على زملاء الكفاح، فى مذبحة بالميدان، لأنهم فكروا، وتجرأوا، ونظموا مظاهرات " كشف الحساب" ضد الرئيس الإخوانى رضى الله عنه.

الأزمة التى نمر بها الآن هى فى الواقع من صنع جماعة الإخوان، فقياداتها هى التى تتبرع باستشارات توريط الرئيس.. فى المرة الأولى قالوا له إن إلغاء حكم الدستورية بحل مجلس الشعب، لا يخالف شرع الله، ولا يصطدم بالقانون، ولا يستخف بالدستور، فقرر الرجل إلغاء حكم القضاء، فى أغرب واقعة من نوعها، وفى سابقة لم يرتكبها حسنى مبارك نفسه، ثم أشاروا عليه فى لحظة غرور، بإقالة النائب العام، ليضربوا عصفورين بـ"سهم إخوانى مسموم" فيتخلصون من نائب عام لا يسمع الكلام، ويعاقبونه بالمرة على قيامه ببدء التحقيق فى بلاغات موجهة ضد الرئيس والمرشد والشاطر والعريان بسبب الاعتداءات التى تعرض لها المتظاهرون أمام قصر الاتحادية على أيدى جماعة الإخوان، ومن ناحية أخرى فإن النزول للميدان يمنع سيطرة التيارات المدنية عليه، ويمنع عودة المظاهرات المخيفة التى أطاحت بحسنى مبارك فى 18 يوماً، لكن حسابات الإخوان الخاطئة ـــــــ مثلهم مثل نظام مبارك المخلوع ـــــــ جعلتهم يتصورون أنهم أقوى من باقى التيارات التى قررت النزول إلى الميدان، وأنهم قادرين على بلعهم، فاتجهوا صباحاً إلى منصة القوى المدنية، ومنصة الوفد، ومنصة التيار الشعبى، وهدموها جميعاً، ورددوا هتافاً غريباً على مسامع معتادى المظاهرات، ومحترفى الهتافات الثورية، فقالوا: "مرسى مرسى...هوو هوو".. واعتقدوا أن الأمر انتهى، ولكنهم لم يدركوا أن الأعداد الغفيرة من المتظاهرين لم يكونوا قد وصلوا بعد من ميادين مصطفى محمود والسيدة زينب والعباسية، لتبدأ معركة كلها مواجهات دموية بين أصدقاء الأمس فى نكبة جديدة للثورة المصرية!!

إذن.. الإخوان يكررون أخطاءهم القديمة، يتصورون ــــ خطأ ـــــ أنهم الأقوى، وأنهم الأكثر عدداً.. ولكن عند المواجهة الحقيقية، وعند اللزوم، يتراجعون، ويقولون أننا: "أيد واحدة ".. ثم يعاودون الكرة.. ويحاولون القفز على الثورة ومكاسبها، وعندما يفشلون، يبررون، وينفون، ويعتذرون، وكأنهم من أفعالهم براء.

ما فعله الإخوان يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012 نكبة ثورية.. يتحملون مسئوليتها وحدهم.. ومعركتهم مع النائب العام ستكون نتيجتها مشابهة لمعركتهم مع المحكمة الدستورية، وسيتكرر مشهد التراجع قريباً.. وهذه المواقف المتكررة تعنى أنهم لا توجد لديهم نية لاحترام القضاء ولا مؤسساته، وهذا يمنح المعارضين الحق فى الخوف من بقاء الإخوان على رأس السلطة فى مصر، ويجب أن يعيد الإخوان حساباتهم، وأن يعرفوا أنهم شركاء فى الوطن وليسوا ورثة حسنى مبارك!!






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة