د. حسام محمود فهمى يكتب: من وحى انقطاع الكهرباء

أكتب فى السادسة والنصف من مساء يوم الثلاثاء الموافق ٢٠١٢/١٠/٩، الكهرباء مقطوعة منذ ثلاثة أرباع الساعة عن جوار نادى أهلى مدينة نصر، الدنيا كُحل إلا من إضاءة جهاز الحاسب.

موضوع الكتابة الممكن الوحيد فى مثل هذه الظروف يستحيل أن يكون هجر الحبيب، أو حتى رغيف العيش، لن يخرج عن الظلام، المشاعر فى الظلام، المعنويات، الآمال والطموحات، المتواضعة طبعًا. الهدف الأوحد الآن هو كيفية تحَسُس الطريق فى الظلام؛ لقد سبق أن سقطت فى الشارع بسبب انقطاع الكهرباء ومازلت حتى الآن أعانى تمزقًا فى أوتار القدم. من يُلسعُ من الشوربة لابد أن يكون فى الزبادى نافخًا، سأجلس غصبًا عنى ولن أتحرك حتى تعود الكهرباء، بعد دقيقة، بعد ساعة، بعد ليلة، اللهم صبرنا.

انقطاع الكهرباء ليس لزيادة فى الاستهلاك، وإلا فبيتنا فى مصر أولى من أهل حماس، ٣٠ ميجاوات لغزة أحق بها المصريون فى هذه الحَلكة. من المؤكد أن هيئة الكهرباء تعانى، من تدهور فى إمكاناتها المادية والبشرية، من نقص فى وقود تشغيلها، المشكلة ليست فى الشعب المصرى ولا فى زيادة استهلاكه، من الظلم وتجاوز الحقيقة تحميلُه وزرًا لا يستطيعه فأوزاره ثقيلة، وكثرٌ منها بخطأ فعله، لكن لا يُحملُ الضغطَ المزعومَ على شبكات الكهرباء.

للأسف، أن المسئولين، الحاليين كسابقيهم، يركبون الموجة ومراجيح الهواء، لا بد من إغلاقِ المحال فى التاسعة مساء، تخفيفًا للضغط على شبكات الكهرباء!! لست مالكًا لمحل، ولا من هواة الخروج المسائى للتسوق، لكن كيف يستطيع قضاءَ حاجاتِه من يتوجه لمنزلِه بعد الخامسة، بعد معاناةٍ مع الزحامِ وتوقفِ المرور؟ كيف تغطى المحال نفقاتِها فى ظل ركودٍ خانقٍ؟ لن يمكن رفع الأسعار ولو أراد أصحابها، هل يفلسون؟ هل ينضم عمالُهم لطوابير البلطجية والعاطلين؟ مقارنة مصر بغيرها من الدول ظالمةٌ خادعةٌ، فلا المرور هو المرور، ولا الطقس هو الطقس، ولا ظروف العمل هى ظروف العمل، ولا ولا ولا. كفى طنطنة وكلام ظُلمة.

كم مائة يوم ستحل أزمة الكهرباء؟ هل ستُمنع الملوخية فى مصر؟ ويا ترى متى؟ الكتابة فى الظُلمة شعورٌ آخر، إحساسٌ غريب، كفاية أفضل.

عادت الكهرباء بعد ساعتين من التقل والدلال، أحمدك يارب.