كان خطاب د. مرسى مخيبا للآمال وكان الفرح والتصفيق والتهليل للحشود الإخوانية صدمة مؤسفة.
كنا أمام مؤتمر حزبى كبير لا يعبر عن الواقع المؤلم الذى تعيش فيه الناس.
فلا شك ولا إنكار لجهود د. مرسى ونزاهته وإخلاصه ومحاربته للفساد وإعلاء قيمة سيادة القانون ولكن الخطاب جاء دون تطلعات الشعب بعد الثورة، فالملفات التى تناولها الخطاب يعلم الشعب أنها صعبة الحل فى مائة يوم، وأنها فى تحسن بطىء، ذلك وعد الإخوان الذى فرضوه على أنفسهم، إنما الذى خلا منه الخطاب هو الرؤية الاستراتيجية الكبرى للاقتصاد لتحقيق العدالة الاجتماعية والنهضة الحقيقية، خلا من المشروع الكبير الذى يحقق التنمية ويستنهض العزائم والهمم ويخرس المعارضة المغرضة ويسكن المشاغب.
ولا مكان فى الخطاب للعاطل المتعلم أو الحرفى أو المهنى ولا اعتبار للأسر الفقيرة المعدمة ولا وجود لرؤية لتعمير سيناء بمشروع كبير يستوعب البطالة ولو بتربية المواشى وتمليك الفقراء بيتا ومشروعا بقرض حسن رده مضمونا مع الرعاية والتأمين لإمدادها بكتل بشرية تدافع عنها إذا دعت الضرورة ولاكتفاء البلد ذاتيا من الإنتاج الحيوانى وإقامة مصانع تنشأ تابعة لتلك المشاريع الصغيرة ... ألبان وأجبان ودباغة جلود.
فعلام تلك الفرحة العارمة للإخوان كأنها نعى لثورة يناير وأحلامها وتطلعاتها؟
هذا التزييف لا يغير الحقيقة... ولا ينهى الاضرابات والاعتصامات ولن يزيل الشكوى أو يكتم الصراخ والأنين للبؤساء المحرومين.
كيف تبدلت رؤية الإخوان ومواقفهم بعدما وصل د. مرسى إلى سدة الحكم؟
خلعوا النظارة السوداء وارتدوا الوردية... نفس منطق ورؤية الحزب الوطنى المنحل... كأننا استبدلنا الحزب الوطنى بالحرية والعدالة.
كأنه لا ثورة ولا شهداء ولا مارد يريد أن ينهض... كأنه لا مظالم ولا مشكلات تحتاج إلى حل عاجل... كأنهم يقولون ليس فى الإمكان أبدع مما كان.
لم يعد أمر الشعب والإخوان واحدا فى تأييد د. مرسى ومعارضته ... إن أرادوه لأنفسهم ولتمكينهم فالشعب يريده لله لإقامة العدل والنهضة.. إن أرادوه عثمانا أراده الشعب عمر.
التأييد واجب فهو رئيس منتخب بنزاهة وبإرادة شعبية ونجاحه نجاح لمصر كلها... كما أن المعارضة الشريفة واجب للنصح والتقويم.
والمرفوض والمحتقر هو النفاق الفضاح والمعارضة المغرضة..
كلاهما مفسد للبلد يستر الشكوى ويستخدمها ولا يزيلها... يثير الحفائظ ويمنع السكينة... عوج لا صلاح من ورائه.
المعارض المغرض يريد هدم البلد على رءوس الجميع والمنافق يبحث عن مصلحة شخصية ضيقة.
ينبغى على د. مرسى أن يخلع عباءته الإخوانية ومعه مؤسسات البلد وليستعن بالكفاءات والكفايات دون اعتبار لانتماءاتهم السياسية وليكن على مسافة واحدة من الأحزاب والقوى السياسية جميعا.
ولن يخذله الشعب وسيدهشنا جميعا بأمجاد يبنيها لا تقل عن قناة السويس والسد العالى وعبور القناة.
وعلى الإخوان بحزبهم السياسى أن يرونا كفاءاتهم وبرنامجا حقيقيا فلن يشترى الشعب السمك فى الماء ولا الطير فى السماء مرة أخرى بعد مقلب مشروع النهضة.
لقد عطفت قلوب الناس عليهم مظلومين ووثقوا فيهم وقدموهم آملين فى الإصلاح وتحقيق العدالة وسيعارضونهم مفتونين بالسلطة.
كان المصريون يطالبون بالعدل قبل الثورة والآن عليهم أن يشرحوا معنى العدل فى كل مطلب وخطوة... فى عهد من يزعمون أنهم أهل العدل ومن كانوا يطالبون به ويدعون الناس إليه.
وللمنافق أن يأخذ ما يستطيع بقدر اتساع أشداقه... مخلوطا بدعوات المظلومين وليغن... بسبس نو يا بسبس نو...كل يوم عمالة تحلو.. ولنسخرن منه كما سخر الشيخ كشك رحمه الله قائلا ... طبعا وما تحلوش ليه.
أسامة معتمد يكتب: د. مرسى والإخوان.. العقدة المستحكمة
الأحد، 14 أكتوبر 2012 11:37 ص