بعد عقود من حكم العلمانيين لتونس يسعى الإسلاميون الذين وصلوا للسلطة إثر الثورة التى أطاحت العام الماضى بالرئيس السابق زين العابدين بن على إلى تطوير قطاع مصرفى إسلامى فى البلاد وجعل تونس مركزا إقليميا للتمويل الإسلامى ضمن خطط لإنعاش الاقتصاد المحلى لكن البعض يعتقد أن هذه الجهود لها دوافع سياسية.
وبدأ مسئولون فى وزارة المالية فى إعداد مشروع قانون للتمويل الإسلامى فى بلد لا يتجاوز فيه عدد البنوك الإسلامية اثنين.
وأكد حمادى الجبالى، رئيس الوزراء التونسى، أن تونس تتطلع إلى أن تتحول لمركز إقليمى للتمويل الإسلامى وأنه يجرى إعداد إطار قانونى ينظم السياسة المالية الإسلامية فى تونس.
وبين الجبالى أن تونس تحتاج إلى تطوير نظام مصرفى يتلاءم مع الشريعة الإسلامية فى إطار التنافس مع البنوك التقليدية.
وتقود حركة النهضة الإسلامية مع حزبين علمانيين الحكومة بعد فوزها فى أول انتخابات حرة فى تونس العام الماضى، إثر احتجاجات شعبية أطاحت بالرئيس السابق بن على.
وقال الشاذلى العيارى، محافظ البنك المركزى لرويترز، إن تونس تعتزم إصدار سندات إسلامية بداية العام المقبل.
ومضى يقول إن "التمويل الإسلامى يمكنه استيعاب فئات واسعة من الشعب التونسى لم تستوعبها المصارف التقليدية.. الصيرفة الإسلامية رهان ناجح".
وقالت نادية قمحة، المديرة العامة للرقابة المالية بالبنك المركزى لرويترز، إن قانون التمويل الإسلامى سيكون جاهزا "خلال أسابيع" وسيتم عرضه على الحكومة للموافقة عليه.
وأضافت، أن هناك بعض الاختلاف حول إمكانية تقديم البنوك التقليدية لمنتجات إسلامية أو منح تراخيص فقط للمصارف الإسلامية، وقالت إن البنك المركزى يفضل إتاحة الفرصة لكل البنوك، وأن تقدم البنوك التقليدية أيضا منتجات إسلامية ضمن نوافذ تكون منفصلة عن بقية النوافذ الأخرى.
وبررت ذلك بالقول: "هذا شأنه أن يزيد من انتشار التمويل الإسلامى فى البلاد ويضفي تنافسية فى القطاع البنكى عموما".
ويحتاج الاقتصاد التونسى إلى ضخ موارد مالية جديدة فى ظل استمرار الركود منذ الثورة، وتتوقع تونس أن يبلغ عجز الميزانية العام المقبل نحو ستة بالمئة من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة مع 6.6 % متوقعة هذا العام.
وتحتاج الحكومة التونسية إلى قروض بقيمة مليار دينار خلال العام المقبل.
وساعد وصول حكومة إسلامية على المضى قدما نحو إنشاء تمويل إسلامى فى تونس وخلق إطار قانونى له لتسهيل إنشاء مصارف إسلامية فى البلاد.
وقالت سهير تقتق المديرة العامة للتمويل بوزارة المالية لرويترز: "هذه الخطط بدأناها قبل الثورة، لكن وصول حكومة إسلامية ووجود إرادة سياسية واضحة أعطى دفعا قويا للمضى قدما فى إعداد قانون للتمويل الإسلامى".
وتابعت "التمويل الإسلامى يوفر فرصا حقيقية لتعبئة الموارد من الداخل والخارج".
ولا يبدو طريق تونس معبدا فى هذا المجال فى ظل منافسة شرسة من المغرب الذى تقوده حكومة إسلامية أيضا تتطلع إلى أن يصبح مركزا إقليميا للتمويل الإسلامى فى شمال أفريقيا.
وقال نجيب بوليف وزير الشئون العامة والحكامة فى المغرب لرويترز فى مارس، إنه سيتم تقديم مشروع قانون يتضمن مجموعة من اللوائح لإدخال منتجات التمويل الإسلامى الى البلاد.
وأضاف بوليف "نحن حريصون على الاستفادة من الاستقرار الذى نتمتع به لتحويل المغرب إلى مركز إقليمى للتمويل الإسلامى".
ويوجد فى تونس مصرفان إسلاميان فقط هما بنك الزيتونة الذى أسسه صخر الماطرى صهر الرئيس السابق وصادرته الحكومة بعد الثورة ووحدة تابعة لبنك البركة البحرينى.
وقال العيارى محافظ البنك المركزى، إن إجمالى أصول البنكين يبلغ 1.4 مليار دينار تونسى (893 مليون دولار) أو 2.5% من إجمالى أصول كل البنوك التونسية.
ويؤكد مسئولون فى الحكومة التونسية، أن الاتجاه لتطوير القطاع المصرفى الإسلامى أصبح ضروريا لإنعاش الاقتصاد المحلى لقدرته على توفير مصادر تمويل جديدة.
وقال العيارى: "وضع إطار قانونى لتركيز الصيرفة الإسلامية فى تونس يأتى فى إطار الارتقاء بالجهاز المصرفى وإصلاحه".
وقال وزير العدل نور الدين البحيرى وهو قيادى بارز فى حركة النهضة الإسلامية، إن الاتجاه لتطوير قطاع مصرفى إسلامى ضرورة تمليها حاجة الاقتصاد لتنويع موارده وليست هدفا سياسيا لاستقطاب الناخبين عبر عرض هذا المنتج لاستمالة المحافظين.
وأضاف خلال ندوة عن التمويل الإسلامى نهاية الشهر الماضى "الالتجاء للتمويل الإسلامى لا يندرج ضمن الدعاية السياسية، وحكومة الثورة التونسية ليست بحاجة إلى واجهة دعائية لاستقطاب الناخبين".
وتابع "الاتجاه للتمويل الإسلامى أصبح ضرورة ملحة للاقتصاد المحلى بعد أن أثبت نجاعته فى عدة بلدان أخرى".
ولكن فتحى الجربى أستاذ الاقتصاد فى جامعة تونس يرى أن الجدوى من تطوير بنوك إسلامية ليست مضمونة، ورجح أن لجوء الحكومة إلى هذا الخيار يهدف إلى استقطاب فئة من الناخبين فى الاستحقاقات المقبلة عبر توفير تمويلات يرى البعض أنها متوافقة مع الشريعة.
وأضاف لرويترز: "ربما شروط النجاح الموجودة فى بلدان الخليج غير متوفرة فى تونس لتركيز منتج بنكى إسلامى".
وحذر الجربى من خطر تشجيع هذه البنوك على حساب البنوك التقليدية معتبرا أن هذا سيكون له عواقب وخيمة على القطاع البنكى وعلى الاقتصاد عموما.
جهود لتطوير التمويل الإسلامى فى تونس تثير جدلا سياسيا
الجمعة، 12 أكتوبر 2012 09:08 م
رئيس الوزراء التونسى حمادى الجبالى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة