من النقاط المهمة فى زيادة الإنتاج السعى إلى تحسينه، وهذا التحسين له عوامل كثيرة، منها اختيار البذور التى تعطى غلة أوفر وقيمة غذائية أكبر والتى تقاوم العوامل المضادة بشكل أقوى من غيرها، ويكون الجهد الذى تتطلبه أقل بقدر الإمكان، ومن ذلك أيضًا اختيار السلالات الحيوانية التى تعطى نتاجًا أفضل من لحم ولبن ونسل وتتحمل العوامل المختلفة بتكاليف أقل، كما يدخل فى هذا الباب دراسة التربة واختيار البذور المناسبة لها، وتغذية الحيوان على أسس علمية إلى غير ذلك من الوسائل التى يكشف عنها العلم وتهدى إليها التجارب.
والإسلام لا يقف فى أى طريق من هذه الطرق التى تنتج الخير وتسعد بها الحياة، بل يشجعها ويستحث الهمم إليها كصورة من صور العلم، وكمظهر من مظاهر المعروف الذى يدعو إليه الدين، بل إن الدين فى مثل هذه الأمور يدع حرية الفكر والتجربة تأخذ مجراها فى عالم البحث إلى حيث يراد لها، ومما يشير إلى ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم عندما وجد القوم يأبرون النخل- أى يلقحونه- قال: «لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا» فخرج التمر شيصًا- أى معيبًا- فلما بلغه ذلك قال لهم: «أنتم أدرى بأمور دنياكم»، وهذه الجملة الحكيمة من جوامع الكلم تفتح أبواب الحرية على مصراعيها للعلم وتغرى بالدخول إلى ميدان البحث الذى يدفع إلى الثقة بالنفس وإحساس بالشخصية الحرة التى لا ترى الدين سوطًا مسلطًا عليها يرهبها أو يُوقف نشاطها إذا أرادت أن تخطو خطوات جريئة لخدمة الحضارة البشرية.
ومن أسباب زيادة الإنتاج حماية الثروة، والحماية إما حماية مصدر الثروة ومنبعها ووسيلتها، وإما حماية المحصول والإنتاج والثمرة، وذلك يكون بحماية النبات والحيوان وجميع مصادر الرزق من الآفات والأمراض والعوارض التى تضرها فتعوق نموها أو تقلل من قدرتها الإنتاجية أو تمس القيمة الغذائية لما ينتج منها وبحماية المحصول من الفساد أو الضياع بأية وسيلة من الوسائل. ومن زيادة الإنتاج أيضًا تضافر الجهود المختلفة، وتبادل الخبرات الفنية المتنوعة، وتيسير انتقال المختصين من بلد إلى بلد آخر، والحصول على المبيدات والمخصبات والسلالات الجيدة، وتنظيم الحجر الزراعى ورقابة تنفيذه بشدة، والتعاون التام فى القضاء على الآفات أو تهاون جهة أو سكوت مسؤول.
والروح الفردية لا تجدى نفعًا فى إيجابية هذه الوسائل، والحزازات الشخصية والاختلافات السياسية والمذهبية، ولا ينبغى أن تتدخل فى هذا العمل الإنسانى الكبير، وكل ذلك مندرج تحت قوله تعالى: «وتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى» وقوله: «واتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً»، وقول النبى صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله».
هذا نموذج لزيادة الإنتاج فى مجال الزراعة، ويمكننا أن نطبق ذلك على كل ميادين الإنتاج فى المجالات المختلفة، فإذا أحسنّا ذلك أظن أننا نكون قد سلكنا الطريق الصحيح لزيادة الإنتاج ونهضة مصرنا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر
عشان بتتكلم صح وفى المفيد مفيش لجان إلكترونية
عدد الردود 0
بواسطة:
essam
فكر معايا لمصر