سؤال نردده بتكرار وإلحاح شديد منذ ٢٥ يناير ٢٠١١، الأخبار كثيرة والأحداث سريعة ومثيرة، والقنوات الفضائية تتناقل وتحلل وتجسم هذه الأحداث والحصيلة تتعاظم من إعلانات وإيرادات بالملايين.
ولكن ماذا يحدث هذه الأيام؟ ما عناوين الأخبار بعد ثورة؟ كان من المتوقع منها أن تغير وجه مصر للأفضل وأن تضعنا على أول الطريق لنلحق بركب البلدان التى سبقتنا بخطوات كبيرة، إن الذى يحدث الآن يذكرنى بنهاية فيلم الإرهاب والكباب الذى كان مليئاً بالأحداث الدرامية والأكشن ليعود فى نهاية الأحداث كل شخص إلى مكانه وإلى ما كان يفعله قبل هذه الأحداث، فعامل البوفيه وماسح الأحذية وعسكرى الخدمة كل فى مكانه وكأن شيئاً لم يكن، هل هذا معقول؟
إن المشاكل اليومية وردود الحكومة وجولات الرئيس ودستورية المجالس النيابية وتعديلات الدستور أو إعادة كتابته وخلافات حول مشروعية أراضى خصصتها الدولة ثم سحبتها لصالح آخرين كلها من المواضيع التى تحدث فى أية دولة لم تقم بها ثوره كثورة ٢٥ يناير. إن الذى أعطى لهذه الثورة هذا الزخم هو ذلك العمل الجماعى والتوحد الشعبى نحو هدف واحد وهو إسقاط النظام لقيام نظام آخر أكثر عدلاً وأقل فساداً وأشد حزماً دونما عنف وبلا قهر، سقط النظام سريعاً ربما أسرع مما يتوقع العقلاء دون أن يكون لدينا أو نتفق على نظام جديد فأصبحت مصر بعد سقوط النظام بلا نظام حتى تمنى البعض عودة النظام السابق لأنه من وجهة نظرهم أفضل من اللانظام.
إيه الأخبار؟ الإجابة مفيش أخبار، مفيش جديد، مفيش أكشن، يعنى اللى مش فاهم لازم يفهم إن الفيلم خلص، مفيش غير الرتابة والملل، الناس هتخرج من هذا الفيلم ومش عارفة هى دخلته ليه أو إيه المطلوب بالضبط، لم يستطع أى من أبطال هذه الأحداث أن يقنع العامة أن يستمروا ويظلوا معه حتى تنزل كلمة النهاية، لم تتفق غالبية الناس على أى من أصحاب الأدوار الرئيسية فى هذه الأحداث، اليوم معهم وغدا يلعنهم، وهذه هى السياسة التى لا تبقى أحداً فى مكانه فهى تجعل الأشخاص فى المرجيحة يوم تحت ويوم فوق.
نحن فى مصر متخصصون فى تشويه وهدم كل ما يمكن أن يكون جميلا من مشاريع قومية أو مبادرات طيبة، وذلك لأن هناك دائماً المعجبين بالأفكار ولكنهم يهدموها لأنها لم تأت من عندهم وسيذهب الثناء لغيرهم، فلأفضل لهم بسبب الأنانية المفرطة أن يهدموا الفكرة و"يخلصوا".
لقد بليت النفوس وامتلأت بالأمراض المزمنة التى لو ظلت بدون علاج وتدخل حقيقى لإصلاحها فلن تنفعها ثورة ٢٥ يناير أو فبراير أو حتى ذو الحجة.
إيه الأخبار؟ مفيش أخبار، مفيش ثورة، مفيش تغيير بدون تغيير حقيقى من داخل النفوس ورغبة جماعية بناءة للنهوض بمصر حتى لو كانت الطريقة ليست من حزبى أو من تيارى السياسى.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة