الانتخابات التشريعية الأخيرة والتى اشتد فيها التنافس بين حزب "الحرية والعدالة" التابع للإخوان المسلمين وحزب "النور" السلفى أكدت وجود أزمة حقيقية مبعثها قصور فى التربية فى صفوف كلا الفريقين، وأثبتت أن التعصب للفكر انتصر فى أحيان كثيرة على التعصب للمنهج، وللقضية الأساسية التى قاموا يدافعون عنها، ورغم الجهود التى بذلت من أجل احتواء هذه الخلافات، إلا أنها باءت معظمها بالفشل بسبب ضيق الفهم والتعصب الأعمى عند بعض أنصار الفريقين، فعادت الخلافات من جديد لتستخدم بصورة مزرية فى تشويه كل فريق للآخر بهدف اقتناص مقاعد أكثر فى البرلمان، وربما كان هذا على حساب الدين الذى استشهد فى سبيله آلاف الدعاة وعلى رأسهم الإمام البنا رحمه الله، وأيضا على حساب أخلاقيات من المفترض أن التيار الإسلامى يسعى إلى غرسها فى مجتمع عاش دهرا يفصل بين هذه الأخلاق كعبادات تعاملية، وبين العبادات الشعائرية، رغم أن الإسلام لم يفصل بينهما أبدا فى أى موضع من المواضع.
فالإيمان الذى اعتلت شعبه "لا إله إلا الله"، اشتمل أيضا على إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وجعل الحياء شعبة منه، ومجتمع يسوده الغش، ويسوده الكذب والخداع، وتسوده الكراهية والحقد والضغينة، ومجتمع ضاعت فيه الأمانة، ومجتمع يؤصل للفاحشة والتحلل والرذيلة، هذا المجتمع لا شك مجتمع مريض يحتاج إلى علاج لن يتحقق إلا على أيدى من تأسى بالرحمة المهداة، ومن كان قدوة يحتذى بها فى حسن الخلق، هذا إذا كانوا يريدون إصلاح الدنيا بالدين، والذى لن يتحقق إلا بالاعتصام بحبل الله ونبذ الاختلاف والفرقة وإعادة النظر فى مناهج التربية لدى كلا الفريقين لإصلاح ذات بينهم قبل السعى للإصلاح بين الناس.
فيالها من مسئولية عظيمة وأمانة تحملوها! وفى خيانتها خيانة للأمة بل وخيانة للدين، وأنا أنصح نفسى وإخوانى من أجل النهوض بهذه الأمانة: بجهاد النفس – والذى هو أعظم الجهاد - من أجل إقامة العدل، والذى لا يمكن بدونه إقامة الدين، وبالعمل الجماعى المتقن والدؤوب للنهوض بالمجتمع، فلن نستطيع أن نقنع الناس بعظمة هذا الدين بعباداتنا، فهذه العبادة بيننا وبين الله، لكننا نستطيع أن نجعلهم يتطلعون إلى هذا الدين العظيم من خلال الأخلاق الكريمة والأفعال العظيمة، فالناس لا يفتقدون من يحسن الكلام بقدر ما يفتقدون من يتقن العمل.
مهندس على درويش يكتب: نصيحة للإخوان والسلفيين
الإثنين، 09 يناير 2012 03:56 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن نعيم
اللهم ألف بين قلوبهم