كانت تجربة فريدة، مثل الحلم الذى يراود عقل مسكون بالتمنيات، وفجأة ودون سابق إنذار يصبح الحلم حقيقة، وتتحقق الأمنية بأسرع مما كان متوقعاً.
هكذا كانت نتائج انتخابات المجلس التشريعى (البرلمان) فى الأراضى الفلسطينية عام 2005، حينما تقلد محمود عباس رئاسة السلطة خلفا للرئيس الراحل ياسر عرفات، ودعا للانتخابات التشريعية فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
بلا شك كان فوز حركة حماس واكتساحها لمقاعد البرلمان مفاجآة بكل المقاييس حتى لحماس نفسها، غير أن الجميع اعتبرها خطوة نحو الإصلاح والتغيير، واجتثاث فساد كان قد استشرى فى مؤسسات السلطة الفلسطينية ورائحته زكمت الأنوف، بفعل الشلالية والمحسوبية والاعتبارات الحزبية، اعتبر الفلسطينيون هذا الانتصار الذى حققته حماس رسالة الهية للخلاص من حكم فاسد لم يعد بالإمكان استيعابه أو التعاطى معه، وكان لحركة حماس جاذبية إنسانية ودينية لدى المواطنين لما تتمتع به من براعة فى تسويق نفسها وشفافية فى تعاملاتها المجتمعية والخيرية، واستبشر الفلسطينيون خيرا فى صفحة جديدة تطوى آلام الماضى، خاصة بعد تجاوزت أجهزة الأمن وبالذات الأمن الوقائى فى ممارساته ضد المناوئين له وأحكام قبضته عليهم.
لكن دائما تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن، فسرعان ما انقشعت الغلالة عن أعين المواطنيين بالذات فى قطاع غزة، وظهرت تجاوزات من نوع آخر دفع ثمنها الشعب الفلسطينى من دماء أبنائه وحياتهم، فكانت نكبة الانقسام والانقلاب على الشرعية مكافآتهم على هذا الاختيار، وما رافقه من حصار وفقر وبطالة وتمزيق لوحدة الجغرافيا والتاريخ والعداء بين الأخوة والفرقاء بسبب الصراع الدموى على سلطة زائفة وهيمنة على مقدرات الشعب، وسلوكيات قمعية سجلتها لقطات الفيديو على اليوتيوب، أظهرت فزاعات لم تكن متوقعة، وحتى بعد أن تمت المصالحة بعد سنوات عجاف عاشها الفلسطينيون، فما يرد من أخبار توحى بأنها مصالحة شكلية للترويج الإعلامى فقط، فقمع الحريات والهيمنة الحزبية مازالت تتسيد الموقف والممارسات التعسفية تتصدر المشهد السياسى، بما يوحى أن النزاع مازال قائما وحلوله بعيدة المنال، لأن بريق السلطة يطغى على أى بريق آخر، حتى لو كانت مصلحة الوطن أكبر من كل نزاع.
المشهد يتكرر مع اختلاف التفاصيل، فاز التيار الإسلامى فى الانتخابات البرلمانية باكتساح، وسيشكل البرلمان قريبا، ورغم التطمينات البراقة التى يطلقها قيادات الإخوان والسلفيون، إلا أن هناك مخاوف عديدة من تكرار التجربة، رغم أن مصر بلد كبير والهيمنة عليها من حزب بعينه تكاد تكون مستحيلة من وجهة نظر البعض، لكننا نتساءل، وهل كانت الهيمنة من الحزب الوطنى السابق لثلاثين عاما تحكَم خلالها بمقدرات الشعب درب من الخيال؟ ألم يكن الحزب الوطنى منفردا.. هو المهيمن؟! جاثما على صدور المصريين لعقود يمتص دماءهم ويستبيح حياتهم وينتهك حقوقهم، ويسرق خيراتهم!!
نحن نعيش فى زمن المفاجآت، ولا يمكن الرهان على تطمينات تطلق هنا أو هناك، وربما يكون الباعث الوحيد على الطمأنة هو المشاركة السياسية لكل أطياف المجتمع، فى وضع الدستور الجديد للبلاد، بما يضمن حقوق المواطنة ومباشرة الحقوق السياسية والمجتمعية، فما يتردد على ألسنة القيادات الدينية لا تشكل حصنا واقيا أوعهدا قاطعا، فى ضوء متغيرات سياسية تطفو على السطح من حين لآخر، فالمتغير دائما هو السياسة، لكن يظل الثابت الوحيد والضامن القوى هو الدستور التوافقى بعيدا عن حسابات السياسة ومتطلباتها البراجماتية التى لا تتوقف عند حد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سهير ابراهيم
حماس والاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
مش مهم
ويل أم سعد سعدا ....
عدد الردود 0
بواسطة:
البهنسى
شرعية إيه يا أم شرعية
عدد الردود 0
بواسطة:
هيثم
انتى لا تفهمى شئ
عدد الردود 0
بواسطة:
مصريه
مش فاهمه
عدد الردود 0
بواسطة:
حمدى
لن تطمئنوا
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام جبر
من الواضح انك تفهمين بالمقلوب
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
يعنى لو كان واحد ليبرالى يعارض شرع الله ويهاجم الاسلام نجح كنتى هاتتكلمى
عدد الردود 0
بواسطة:
أمل عبد العظيم
استغاثة
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد فضل
عذرا سيدتي