د. مصطفى النجار

«قصر الدوبارة» وترانيم الثورة

الأحد، 08 يناير 2012 03:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مند اللحظة الأولى للثورة وكنيسة قصر الدوبارة قد أعلنت انحيازها للثورة ومساندتها للثوار بكل الوسائل الممكنة وتواجد رجالها بالميدان حتى تم إسقاط الرئيس المخلوع، واستمر دورها بعد ذلك فى مساندة أسر الشهداء والمصابين.

شاركت يوم الجمعة الماضى فى احتفال كنيسة قصر الدوبارة بالعيد بحضور نخبة منتقاة من أروع رموز مصر السياسية والإعلامية والفنية، ولاحظت أن كل المدعوين من هذه الرموز يجمع بينهم الحس الثورى رغم اختلاف مجالاتهم.

كان الاحتفال بهيجاً بمعنى الكلمة تسود فيه روح المودة والحب والصفاء والثورة والانتماء لهذا الوطن ،ووسط ترانيم مصرية ذات شجن مألوف ومحبب للنفوس تحدث القس سامح موريس، هذا الرجل الذى تحار فى وصفه، ولكن تستطيع أن تلمح فى عيونه كم الحس الإنسانى المتدفق وعشق هذا الوطن.

حكى عن ميلاد المسيح عليه السلام وظروف المجتمع الذى نشأ فيه، السياسية، والاجتماعية، والنفسية، وربط بين هذه الظروف وبين واقعنا الآن بما يحتويه من  تشابه كبير.

تحدث عن كبرياء الإنسان وغروره الذى يجعله يتكبر على خلق الله ويستعبدهم، ولا يسمع لنصح ولا يرى إلا نفسه، باحثاً عنها طوال الوقت، سأل القس موريس الحاضرين: كم واحدا فينا يفكر فيمن حوله من الناس قبل أن يفكر فى نفسه؟ كم واحدا منا يبحث عن راحة الآخرين قبل أن يبحث عن راحته؟

تحدث عن المقاعد والمناصب التى تغوى البشر، وقال إن الكرسى لا يضيف للإنسان، ولكن الإنسان هو الذى يضيف للكرسى إن كان إنساناً حقاً، لأنه يستخدم هذا الكرسى، وهذا المنصب لخدمة الناس، وإنهاء تعاستهم، وجلب السعادة لنفوسهم.

أكد على أن الحياة رحلة قصيرة يخوضها الإنسان ليعود إلى الله بأعمال صالحة، أو أعمال سيئة، وأن كل إنسان بيده القدرة أن يختار أى حياة يريد، وتحدث عن خلط الدين بالسياسة بالشكل الذى يسىء للدين، وقال إن الدين يجب أن نربأ به عن الصراعات السياسية والأهواء الحزبية، ولكن علينا أن نتحلى دائماً بالأخلاق، ونحن نمارس السياسة، وأن نتعلم من الدين الصدق والإخلاص والأمانة، فلا تغيرنا السياسة، ولا تفقدنا طهرنا الإنسانى الذى يعمقه بداخلنا الدين وتعاليمه.

كان حديث الرجل ملهما لأنه يقدم خطاباً دينياً جديداً يمزج بين التعاليم الروحية للأديان وبين واقع الدين، فالدين لا ينفصل عن حياة الناس، ولكنه أعظم وأجل وأقدس من أن يتحول إلى وسيلة للدعاية السياسية والتنافس الحزبى.

وأعتقد أن هذا الفهم يجب أن يستقر فى وجدان كل المصريين بعد ثورة يناير وانتهاء أول انتخابات برلمانية تم استدعاء الدين فيها بكل الوسائل الممكنة للتأثير على اختيارات الناخبين بشكل غير أخلاقى، أساء للدين نفسه من خلال هذه الممارسات التى مارسها البعض.
كان مؤلما وقاسيا للغاية أن يقف كثير من خطباء الجمعة يروجون لأحزاب معينة، ويقولون للناس إن من يصوت لغير هذه الأحزاب الدينية فهو آثم وعاص ولن يسامحه الله.
لم أصدق نفسى وأنا أصلى الجمعة وخطيب المسجد يقول بالخطبة: كل من سيصوت للليبراليين والعلمانيين فقد شهد شهادة زور، لأنه اختار الفساد على الصلاح، والكفر على الإيمان، والفسق على الرشاد والهدى.

حزنت لدينى أيما حزن، ولكننى صرت على يقين وعزم أن نهضة هذا الوطن لن تبدأ إلا بتغيير هذ الخطاب المشوه، وإعادة فهم الدين وتعريف دوره فى الحياة بالشكل الذى يحفظ للدين وقاره وجلاله وقداسته، بعيدا عن هذه المهاترات.

إن الدين فى كل أمة قد يكون مصدراً لنهضتها وحيويتها وقد يكون سببا لتغييبها إذا تم توظيف الدين بشكل خاطئ لخداع البسطاء واستغلال مشاعرهم، لذلك على الأزهر والكنيسة المصرية دور كبير فى إعادة تجديد الخطاب الدينى المستنير، وتحديد دور المؤسسات الدينية وعلاقتها بالعمل العام، خاصة العمل السياسى، بشكل يجعلها تضيف للصالح العام، ولا تكون طرفا فيه، إن تجربة كنيسة قصر الدوبارة وخطابها المتميز تجربة تستحق التأمل والاهتمام، لأنها نجحت بالفعل فى أن تقدم النموذج الذى نبحث عنه للخطاب الدينى الصحيح والممارسة التى تضيف للوطن.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

خالدعلى

حل المشكلة الاقتصادية بمصر عند (دصلاح جودة)

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو القاسم

اصلاح الخطاب الدينى

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن

الدين و السياسة

عدد الردود 0

بواسطة:

m

هي دي النخبة في مصر

عدد الردود 0

بواسطة:

مسيحي مصري

شكرا لك يادكتور مصطفي

عدد الردود 0

بواسطة:

مونى طارق

انسان صادق

عدد الردود 0

بواسطة:

ماجى

أنا سعيدة لأنى انتخبت حضرتك

عدد الردود 0

بواسطة:

أنا شفتك في الكتدرائية

أزاي

عدد الردود 0

بواسطة:

هادي المصري

الى رقم 7

عدد الردود 0

بواسطة:

ثروت

الى رقم 8

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة