الباروكى بطل سباحة الزعانف الذى هرب من مصر فدخل موسوعة جينيس

الخميس، 05 يناير 2012 11:59 م
الباروكى بطل سباحة الزعانف الذى هرب من مصر فدخل موسوعة جينيس سيد الباروكى
أجرى الحوار: أحمد عصام ورباب حسن ومحمد عوض

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب العمل فى بوفيه هيئة قناة السويس فطردوه
الناس ظنوا أنه إرهابى فى المحطة الدولية بمدريد فظل يبكى حتى وجد ملاكًا من السماء
بدأ حياته بأوروبا عامل نظافة حتى يستطيع العيش
يأمل العودة إلى مصر لنقل التجربة الإيطالية للمنتخب

سيد الباروكى الذى لم يكن يعرف عنه أى معلومات حتى الآن هو أحد أبطال العالم فى سباحة الزعانف التى لم نكن نعرف عنها شيئا، دخل من خلالها موسوعة جينيس للأرقام القياسية، حين نجح فى تحطيم رقمين قياسيين خلال عام 2011، فى رياضته التى يبرع فيها، حيث كسر الرقم العالمى المسجل باسم أحد اللاعبين الأمريكان فى مسابقة "قفزة الدولفين" وسبق للسباح الأمريكى تحقيق 1.77 متر منذ أكثر من عشرين عامًا، إلا أن الباروكى كسر هذا الرقم مرتين، الأولى فى أبريل الماضى محققًا 2 متر، كما حطمه مرة أخرى، فى ديسمبر الماضى محققًا 2.05 مترًا.

كل هذه الإنجازات من شاب شعر أنه من المغضوب عليهم فى مصر، وخرج منها هاربًا بسبب التجاهل الكبير من مسئولى اللعبة فى عهد المخلوع، ما دفعه إلى الرحيل إلى إيطاليا بعدما مر بظروف تصلح لأن تكون قصة فيلم سينمائى يُلهب مشاعر الملايين، وحرصت "اليوم السابع" على التواصل مع الباروكى ليسرد العديد من التفاصيل الشيقة فى فيلم بطله شاب مصرى طموح..

* بداية، من هو سيد الباروكى؟
سيد الباروكى هو مواطن مصرى، يبلغ من العمر 27 عاما، ولد فى الإسماعيلية داخل شقة تحوى ثلاث غرف وصالة وسط 5 أفراد ولدى ثلاث أخوات، ووالدى كان ضابطا فى البحرية لكنه تقاعد على المعاش، وتخرجت فى معهد التعاون الزراعى، وأتقاضى مرتبا شهريا 1000 يورو حاليا، بعدما كان مرتبى 120 جنيها.

* متى ولماذا اتجهت لسباحة الزعانف فى مصر؟
بدايتى كانت مع نادى هيئة قناة السويس فى سن الـ12 عامًا وبقيت فى النادى حتى وصلت لـ18 عاما، وانضممت للمنتخب الوطنى المشارك فى بطولة العالم بالإسكندرية، وحققت المركز الخامس على مستوى العالم، وحققت المركز السابع على مستوى العالم فى بطولة العالم للأندية عام 2006 التى استضافتها الغردقة، وكنت ثانى أفضل سباح مصرى فى هذا العام.

* بالطبع كان رد فعل اتحاد الغوص والإنقاذ ونادى الهيئة من تلك الإنجازات، لصالحك؟
كأنى لم أفعل شيئًا، بل وصل الأمر إلى أننى عندما ذهبت إلى مكتب الفريق أحمد فاضل رئيس النادى طلبت منه أن أعمل بالبوفيه لتقديم مشروبات لزيادة دخلى حيث كنت أتقاضى 120 جنيهًا شهريًا كانت لا تكفى مصاريف المواصلات، إلا أننى فوجئت بطردى من مكتب رئيس النادى وقال لى: "انت ازاى تيجى تكلمنى، اطلع بره ولو فى حاجة مضايقاك كلم الإدارى بتاعك، مش تيجى لرئيس النادي".

كيف تعاملت مع هذا الموقف؟
بصراحة مررت بحالة نفسية صعبة لفترة طويلة عقب تلك الإهانة التى تعرضت لها من رئيس النادي، إلا أننى لم أيأس وتمالكت نفسى بعد فترة وحاولت الوصول للفريق أحمد على فاضل رئيس هيئة قناة السويس، لكن لم أجد من يساعدنى على الاتصال به أو حتى مقابلته لأعرض عليه مشكلتى.

* هل حاولت تحسين أوضاعك، بمعنى السعى والصبر حتى تفوز ببطولات؟
عقب طردى من مكتب رئيس النادى وتجاهل مسئولى الهيئة لى، اتخذت قرارًا بالرحيل عن مصر ولا سيما أن تلك الفترة تعرضت لظلم أيضًا من اتحاد الغوص، حيث تم استبعادى من قائمة المنتخب المشارك فى بطولة العالم بفرنسا رغم أننى فى ذات الوقت كنت المرتبة الثالثة، وفوجئت بضمهم صاحب المرتبة السابعة.

* كيف هربت رغم كل هذه القيود؟
كنت أشارك ببطولة العالم للأندية فى مدريد وعقب انتهاء البطولة لم أرجع مع بعثة المنتخب إلى القاهرة وتوجهت إلى محطة القطار الدولية، وانتظرت من الخامسة فجرًا حتى الثانية عشرة ظهرًا ولم أستطع التواصل مع أى شخص بالمحطة وعند محاولتى الحديث مع أحد كانوا بيخافوا منى ويهربوا بعيدًا ظنًا منهم أنى إرهابى عربى، فانهرت فى البكاء داخل محطة القطار الدولية بمدريد.

* ما الذى دار فى ذهنك خلال فترة البكاء وسيطر عليك الخوف من المجهول مثلا؟
كان كل همى هو خوفى من العودة إلى مصر مرة أخرى والتعرض لمثل ما مررت به من جديد، فهذا البكاء كان حافزًا قويًا لإثبات نفسى فى الغربة والنجاح، وأثناء ذلك وجدت أحد الأشخاص يسألنى بالعربية: "مالك يابنى؟"، فشعرت وأن ملاكًا نزل من السماء لنجدتى، فعرفت أنه مصرى ومتجه إلى باريس فذهبت برفقته إلى هناك.

*لماذا اتجهت معه لباريس، وماذا قدم لك؟
لأنى كنت هاربًا من بعثة المنتخب بدون أى وِجهة، فقررت السفر مع حمدى المحلاوى إلى باريس، حتى أستطيع الوقوف على قدمى وتحديد مصيرى، واستضافنى حمدى فى منزله لمدة 4 أيام، حيث كان منزله خاليًا لوجود زوجته وأبنائه خارج البلاد، وعندما عادوا أجريت مكالمة هاتفية بوالدى أستشيره فى وجهتى، فأخبرنى بالتوجه إلى مدينة ميلانو الإيطالية لمقابلة أحد أصدقائه وبالفعل اتجهت إلى هناك.

* كيف عشت فى ميلانو؟
قابلت شاكر شحاتة أحد أصدقاء والدى واستضافنى فى منزله 20 يومًا، ولم أستطع إيجاد فرصة عمل لأنى لم أكن أتحدث الإيطالية أو لدى إقامة، ثم قررت الرحيل إلى أحد أصدقاء شقيقى الذى كان يسكن فى شقة مع 10 أشخاص وبدأت البحث عن عمل إلى أن استقررت على العمل بالنظافة لمدة 8 أشهر، ثم عملت عاملا بـ"بنزينة" لمدة 4 أشهر.

* أين السباحة من كل ذلك؟
بصراحة لم أنس السباحة على الإطلاق، لكنى لم أجد أى فرصة أمارس فيها رياضتى المفضلة، وبالصدفة وأنا بـ"البنزينة" وجدت مجموعة أفراد يحملون أدوات سباحة الزعانف، فقررت أن أراقبهم لأعرف أين يمارسون تلك الرياضة، فوصلت إلى أحد الأندية، فشعرت بأنى أمام الجنة.

* وكيف كان رد فعلك؟
توجهت فى اليوم التالى عقب انتهاء موعد عملى بـ"البنزينة" إلى النادى، وقابلت مدربة سباحة الزعانف، وطلبت منها الانضمام للفريق فوجدتنى "مشحم" ومتسخ الملابس فتعجبت من طلبى، إلا أنها وجدتنى مصرًا فأحضرت لى المعدات فنزلت المياه وشعرت أنى استرددت روحى، وأديت أداءً أبهرها وأبلغتنى بضرورة التوجه إلى مدرب المنتخب الإيطالى، فذهبت بعدها بعدة أيام وفق الموعد المحدد، فشاركت معه فى إحدى تدريبات المنتخب، وقالت لو أثبتت نفسك خلال شهرين سأجعل منك سباحًا عالميًا، تركت عملى بـ"البنزينة" عقب تلك المقابلة، وبالفعل كنت رقم 2 بالمنتخب الإيطالى بعد أفضل سباح بالعالم.

* ما حكاية دخولك موسوعة جينيس؟
كنت فى ذات الوقت فى إيطاليا، فحضر الاتحاد الدولى لموسوعة جينيس العالمية للأرقام القياسية، وطلبت تجميع أفضل 40 سباحا زعانف للقيام بقفزة الدولفين على عمق 4 متر لأقصى حد خارج الماء لتحطيم الرقم الذى كان مسجلا باسم لاعب أمريكى منذ عام 1998 وهو 1.88 متر، فلم يفلح سوى الثلاثى سيد الباروكى المصرى وستيفانو وتشادر الإيطاليين بتحقيقهم 2.00 متر، وبعدها استكملت التدريبات على هذا الرقم إلى أن دعتنا الصين من أجل محاولة تحطيم هذا الرقم مرة أخرى، بمشاركة البطل الصينى ينج يونج واستطاع "الباروكى" وحده أن يحقق رقما جديدا، وهو 2.05 ليكتب اسمه وحيدا داخل الموسوعة.

وما رد الفعل مصر تجاه هذا الإنجاز؟
وكأن شيئا لم يكن سوى كلمة مبروك من رئيس الاتحاد سامح الشاذلى الذى أكد لى أنه خاطب الوزارة بإنجازه ولكن دون رد، وقال له إنه لم يستطيع أن يمنحنى أى مكافأة من ميزانية الاتحاد لأنه يعد مخالفا للوائح والقوانين.

هل انتظرت مكافأة مالية من مصر؟
بالطبع لا، ولكن حظيت بتجاهل كبير فى الوقت الذى رحبت إيطاليا والصين بإنجازى وقام مسئولى الأول باستقبالى فى المطار بل وأفردت الجرائد الإيطالية الصحف وكأنى أحد أبنائها رغم أننى فى النهاية "مصرى ولست إيطاليا" بصراحة حزنت، وتساءلت "أين وزارة الشباب والرياضة من هذا الإنجاز الذى لم يحدث فى مصر منذ قديم الزمان؟

ما رأيك فى ثورة 25 يناير وأين كان موقعك فى ذلك الوقت؟
ثورة 25 يناير قامت لتغيير مستقبل البلاد إلى الأفضل، كنت فى ذلك الوقت بارفع علم مصر بموسوعة جينيس لأستكمل ما فعله شبابنا الذين ضحوا بأنفسهم لبناء مستقبل خالٍ من الفساد.

هل ستحصل على الجنسية الإيطالية؟
عام 2013 سأحصل عليها، ولكن هذا لا يعنى بأننى سأرفع العلم الإيطالى فى يوم من الأيام، لأننى فى النهاية مصرى وافتخر بانتمائى لها.

هل مشكلة التجاهل فى مصر تخص السباحة فقط؟
بصراحة كل الألعاب الفردية مظلومة على الرغم من أن مصر لديها أبطال عالم فى جميع الألعاب، أنا حزين على الرياضة الفردية فى الوقت الذى ينصب فيه الاهتمام على لعبة شعبية متأخرة عالميا.

ما هى استعدادتك للمرحلة المقبلة؟
حاليا سيتم إعدادى من أجل تحطيم الرقم للمرة الثالثة فى بطولة العالم التى ستقام فى أمريكا مايو القادم، بالإضافة إلى المشاركة فى بطولة العالم للأندية فى المجر.

* هل تحدثنا عن طموحاتك فى المسقبل؟
أتمنى العودة إلى مصر وقيادة المنتخب الوطنى لأنقل جميع الخبرات التى اكتسبتها فى إيطاليا، وأقوم فى الوقت الحالى بالحصول على أكبر قدر من الدورات التدريبية التى ستساهم بشكل قوى فى أن أصبح مدربا قادرا على تحمل مسئولية الفريق الوطنى.

* صف لنا ردود الأفعال الإيطالية على إنجاز جينس؟
بعد تكريمى، عرضت السينما الإيطالية أن أقوم بتمثيل فيلم تسجيلى تدور قصته باختصار حول "السباحة مع الدلافين تحت الماء" بحيث أقوم بنفس الحركات التى تقوم بها وسيذاع فى مصر مارس المقبل.

فى النهاية، صف رأى الدول الخارجية فى الأحداث الجارية التى تمر بها مصر؟
الدول الخارجية افتخرت بما فعلة شبابنا فى ثورة 25 يناير، ولكنها حزينة عليها فى الوقت الراهن لأنها تحرق بأيدى أبنائها، وأتمنى أن يخرج شباب عاقل وواعٍ يحاول الحفاظ على بلدنا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة