"الأزمات الدولية" لدى "الأفريقى" فرصة لتسوية صراع السودان

الثلاثاء، 31 يناير 2012 04:14 م
"الأزمات الدولية" لدى "الأفريقى" فرصة لتسوية صراع السودان الرئيس السودانى عمر البشير
كتبت نهى محمود

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال محلل شؤون السودان لدى مجموعة الأزمات الدولية زاك فيرتن إن رؤساء دول من مختلف أنحاء القارة الأفريقية عقدوا هذا الأسبوع قمة الاتحاد الأفريقي فى أديس أبابا، حيث مناقشة شواغل أفريقيا الأكثر إلحاحا، مضيفا: "ولكن واحدة من الأزمات التى تلوح فى الأفق غائبة عن جدول أعمال القمة، وهى الحرب الدائرة فى منطقتى جبال النوبة والنيل الأزرق فى السودان، حيث يتوقع الخبراء أن يصل انعدام الأمن الغذائى إلى أقصى مستوياته، إن لم يكن إلى حد المجاعة، خلال شهر من الآن".

ورأى محلل شؤون السودان فى ورقة بحثية تم نشرها على الموقع الإليكترونى لمجموعة الأزمات الدولية، أنه فى أعقاب المجاعة التى عصفت بالقرن الأفريقى، فإن ثمة فرصة على الاتحاد الأفريقى اغتنامها الآن، قائلا إنه فى ظل منع الخرطوم منظمات الإغاثة من الوصول لتلك المناطق المتضررة، الأمر الذى أجبر الولايات المتحدة على النظر فى سبل بديلة لتوفير أعمال الإغاثة الطارئة، يمكن للدولة الأفريقية أن تأخذ زمام المبادرة للتوصل إلى حل تفاوضى لا يكون استجابة لضرورة إنسانية حتمية فى السودان فحسب، وإنما أيضا استجابة لحتمية سياسية أفريقية.

وأكد المحلل أنه منذ شهر يونيو والخرطوم منخرطة فى حرب جوية وبرية مع قوى المعارضة بدأت فى جنوب كردفان، وسرعان ما امتدت إلى ولاية النيل الأزرق، وهما اثنتان من المناطق المهمشة التى اصطفت مع المناطق المهمشة الأخرى اثناء الحرب الأهلية المديدة، وأضاف: "تحتج شعوب المنطقتين على نفس المشكلة الهيكلية التى تفتك بالسودان منذ زمن طويل والمتمثلة فى تركز السلطة والثروة فى الوسط على حساب الأطراف. فى أعقاب تلك الحرب، أدى الفشل فى إيجاد ترتيبات سياسية وأمنية جديدة فى هاتين المنطقتين، وفى السودان بشكل أعم، إلى استئناف الاقتتال والمزيد من التشريد والمعاناة".

وأوضح زاك فيرتن أنه بالإضافة إلى اضطراب الحركة، والتجارة، وسبل العيش فى مناطق النزاع، فقد منعت الحكومة عمدا وصول عمال الإغاثة إلى المدنيين المتضررين، وتفعل أقصى ما بوسعها للحيلولة دون وصول المساعدات إلى أيدى المتمردين أو مؤيديهم.

وأشار فيرتن إلى أن الرئيس باراك أوباما أرسل كبار مسؤولى الأمن القومى إلى الخرطوم فى نوفمبر محملا باقتراح مربوط بالحوافز يهدف إلى إقامة ممرات للإغاثة وعقد الحوار بغية تسوية النزاع، لافتا إلى انعدام الثقة المزمن، والتصور المسبق بأن عرض واشنطن أجوف، ولعدم رغبة الخرطوم فى إنهاء حملتها العسكرية، الأمر الذى يجعل ليس من المستغرب أن يرفض حزب المؤتمر الوطنى الحاكم العرض الذى لم يتكلف حتى عناء الرد عليه.

ومضى يقول: "باءت محاولات أممية كثيرة لاحقة للتفاوض بغية تأمين الوصول لمناطق المتضررة بالفشل. ولكن تستمر المساعى الأممية للتوصل إلى شروط مقبولة على الرغم من أن تعاون الخرطوم معها لا يزال شبه معدوم حتى الآن. وفى الوقت نفسه، دخلت الولايات المتحدة والأمم المتحدة وآخرون فى حوار مع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقى وغيرها للمساعدة فى إقناع الحكومة بالسماح بوصول أعمال الإغاثة الدولية. كما تنظر واشنطن فى البدائل، بما فى ذلك خطة لإيصال أعمال الإغاثة عبر الحدود بمعزل عن موافقة الخرطوم، فى حال فشل كل الخيارات الأخرى".

وتابع: "لا شك أن واشنطن فكرت مليا بذلك، بما فى ذلك المخاطر التى تنطوى عليها هذه الخطوة. إذ إنه يمكن لأى شكل من أشكال الدخول غير التوافقى إلى أراضى السودان أن يصطدم برد عدائى من قبل الخرطوم، ويؤدى إلى مزيد من تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والسودان، ويزيد الزعر فى قلوب بعض الدول الأفريقية التى هى بالأصل فى حالة توجس من التدخل الدولى فى ليبيا. ولكن فى غياب أى طرح من قبل الخرطوم للتعاون، تشعر واشنطن بأنها مضطرة للتصرف قبل أن يشهد العالم كارثة إنسانية أخرى. ونظرا لإمكانية أن يؤدى اتخاذ هذه الخطوة إلى عواقب غير محمودة وغير مقصودة، فإن هناك تفضيلا على نطاق واسع لبديل تفاوضى، ولا سيما فى واشنطن".

واعتبر أنه لدى أفريقيا الآن فرصة تمكنها من إحراز تقدم على جبهتين، موضحا: "أولا، يتعين على جميع زعماء الاتحاد الأفريقى الذين على اتصال مع جهات فى الخرطوم أن ينصحوا بصورة شخصية أعضاء حزب المؤتمر الوطنى ليعوا أن التفاوض أمر ضرورى يصب فى مصلحتهم. وأن التدخل الدولى سيكون سيئا سياسيا للنظام السودانى لأنه سيظهره بمظهر الضعيف والمولع بالمحاربة، فى وقت هو فى أمس الحاجة فيه إلى التعاون الخارجى للخروج من المأزق الاقتصادى".

واستطرد: "أما بالنسبة لتلك الدول الأفريقية التى تشعر بالقلق من المساس الخارجى بسيادتها أو التصور السائد بعجز الاتحاد الأفريقى، فحان الوقت الآن لأن تتحمل مسؤوليتها وإظهار عزمها من خلال صياغة حل إقليمى يشتمل على الجهود المتعددة الأطراف".

وأردف: "تعهد الاتحاد الأفريقى بالفعل فى عدد من المناسبات بالتصرف. أولا، كلف فريق الوساطة الأفريقية التى يرأسها رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكى لتسهيل حل القضايا العالقة فى السودان، وهو أمر مضن يتضمن إصلاحات الحكم، ووصول المساعدات الإنسانية، وإرساء الأمن فى المنطقتين. ثانيا، بعث رئيس الاتحاد الأفريقى برسالة إلى الخرطوم فى ديسمبر عرض فيها أن يأخذ الاتحاد الأفريقى زمام المبادرة فى الاستجابة الإنسانية. ومؤخرا، ضم صوته إلى الأصوات المؤيدة لتقديم مراقبين للإشراف على عمليات الإغاثة، تهدف إلى تهدئة المخاوف بشأن تدفق المساعدات لقوات المعارضة".

وختم بقوله: "إلا أن ثمة الكثير مما يتعين القيام به للوفاء بتلك الالتزامات، والآن هو الوقت المناسب للقيام بدور أكثر وضوحا. ينبغى على الاتحاد الأفريقى استخدام قمته هذا الأسبوع لتكون منبرا يقدم من خلاله اقتراحا مفصلا للدخول فى شراكة مع الحكومة ومع فرق افغاثة الدولية لتسهيل وصول المساعدات إلى المناطق الحرجة. وفى الوقت نفسه، ينبغى إشراك الخرطوم بهدوء فى رسم الخطة نفسها، وفى الضرورات السياسية. ينبغى أن يتزامن ذلك مع ضمان التزام قوى المعارضة بالسماح للمدنيين بالحصول على المساعدات وضمان سلامة عمال الإغاثة والمراقبين المستقلين".

ثمة فرصة ذهبية يجب عدم تفويتها، ليس للتخفيف من الأزمة وضمان استقرار المنطقة على المدى القريب فحسب، وإنما أيضا لتحسين سمعة الاتحاد الأفريقى ودوره فى الشؤون العالمية على المدى الطويل.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة