محمد موصلى يكتب: مصر وأمريكا.. فرص وتحديات العلاقة فى ظل الصعود الإسلامى

الأحد، 29 يناير 2012 12:21 ص
محمد موصلى يكتب: مصر وأمريكا.. فرص وتحديات العلاقة فى ظل الصعود الإسلامى هيلاري كلينتون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يكن التقارب بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين موضع استغراب من الناحية السياسية، إلا أن أحداً لم يتوقعه فى وقت لم تهدأ فيه رياح التوتر السياسى على الساحة المصرية.

وبقدر ما حمله ذلك التقارب من دلالة على سرعة تكيف الدبلوماسية الأمريكية مع تغيرات الأوضاع فى مصر فإنه يثير شكوكاً حول مدى مصداقية السياسة الأمريكية فى التعاطى مع كافة معطيات العملية الديمقراطية.

لقد كان من ضروريات الدبلوماسية الذكية فى رأى البعض أن تسارع الإدارة الأمريكية ومع ظهور النتائج الأولية للانتخابات إلى إعلان احترامها لما سيقرره صندوق الانتخابات،و التأكيد على استعداد الولايات المتحدة للتعامل مع من يختاره الشعب. وما كان ذلك الإعلان فى حقيقته وما قوبل به من ترحيب من جانب الإخوان إلاً تمهيداً لما ستحمله الأيام من علاقة تعبر عن ما طالما وصفت به الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين على السواء من ازدواجية سياسية.

فكم تجاهلت الإدارة الأمريكية ما قام به النظام السابق من إقصاء وقمع للإخوان وهو ما يمكن تفسيره برغبة الإدارة الأمريكية فى إيقاف أى مد دينى، وخصوصاً فى ظل ما تشهده عملية السلام فى الشرق الأوسط من تدهور، وما نتج عنه من تقارب غير مسبوق بين الجماعة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وما أكثر التصريحات التى عبر من خلالها الإخوان المسلمون عن استنكارهم للموقف الأمريكى حيال العديد من القضايا التى تهم العرب والمسلمين وفى مقدمتها القضية الفلسطينية.

على الرغم من ذلك يعد من العبث الاعتقاد أن الولايات المتحدة تنتظر أن تكتمل الصورة فى مصر فتفرض عليها واقعاً جديداً يهدد أمن إسرائيل واستقرار التجارة الدولية، ويشجع على نمو تيارات مناهضة لها فى سوريا أو الخليج أو ليبيا أو السودان. من هنا كان ضرورياً أن تدرك الإدارة الأمريكية عمق التغيير الحاصل فى مصر، وأن تتعامل مع ذلك التغيير بأسلوب يحقق التوازن بين إرادة الشعب المصرى ومصالح الولايات المتحدة فى المنطقة.

فالإخوان المسلمون يمثلون بالنسبة للولايات المتحدة الطرف الأساسى فى المشهد المصرى الجديد، والذى لابد من التعامل معه بإيجابية واستيعابه لتفادى خسارة الحليف العربى الأهم فى المنطقة، فما من شك أن استقرار العلاقة مع مصر يمثل بالنسبة للولايات المتحدة نقطة ارتكاز لجدوى وجودها فى المنطقة على كافة المستويات.

وبالنظر إلى أهمية الدور الذى تلعبه الولايات المتحدة فى المنطقة، أدركت الجماعة أن الوصول إلى صيغة تفاهم مع أى إدارة أمريكية يعد أحد أسباب النجاح السياسى والاقتصادى، وإن لم يخل ذلك من بعض تنازلات، فالولايات المتحدة هى الشريك التجارى الأكبر لمصر بعد الاتحاد الأوروبى وتمثل استثماراتها جزءاً رئيسياً من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى عدد من الصناعات الحيوية فى البلاد، وتعتبر المصدر الأول للدعم الاقتصادى والعسكرى.

كما يعول البعض على الولايات المتحدة لممارسة ضغط على إسرائيل فى إطار أى تعديل محتمل لمعاهدة كامب ديفيد المثيرة للجدل، وكذلك استخدام نفوذها لتحسين علاقات مصر ببعض دول الخليج وهى العلاقات التى تدهورت كثيراً بعد الثورة فى مصر.

وتتوقف قدرة الطرفين على تطوير علاقتهما على درجة اتفاقهما على عدد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. على المستوى السياسى تعتبر معاهدة السلام مع إسرائيل وتحقيق سلام عادل وشامل فى الشرق الأوسط أبرز أوجه العلاقة الدبلوماسية.

وفى سياق ما يثار بين حين وآخر من خلافات بين مصر وبعض دول حوض النيل بخصوص اتفاقيات تخصيص مياه النيل، يعد احتواء تلك الخلافات أحد أهم تحديات الأمن القومى المصرى واستقرار القارة الأفريقية التى لا تخلو من مصالح غربية بشكل عام و أمريكية بشكل خاص، ومما قد يضيف بعداً آخر لذلك الموقف هو التدخل المحتمل لإسرائيل لما قد يربطها مستقبلاً ببعض دول الحوض من مصالح مائية. اقتصادياً، تتمثل أهم أوجه العلاقة فى الوصول إلى معدلات نمو اقتصادى مقبولة ومكافحة الفساد ورفع مستوى الشفافية، ومدى الالتزام بالتعهدات السابقة وحجم الدعم الذى يمكن تقديمه إلى مصر، كذلك من المهم مراعاة الانعكاسات الاجتماعية للنمو الاقتصادى من حيث انخفاض نسبتى الفقر والبطالة وتحسن مستويات الرعاية الصحية والتعليم، من الناحية الحقوقية نجد أن وضع الأقباط يمثل هاجساً للكثيرين فى الداخل والخارج ويعد أحد أبرز محددات العلاقات الخارجية، وإن سمى ذلك تدخلاً مرفوضاً فى الشأن الداخلى المصرى.

إن استغلال الإخوان المسلمين لما بلغوه من نفوذ فى الحفاظ على استقرار وتدعيم العلاقة مع الولايات المتحدة يمثل حجر زاوية فى إنجاح عملية التطور التى تشهدها مصر والمنطقة. إن تحقيق ذلك الهدف لن يتوقف على توافر الإرادة السياسية واتخاذ خطوات منفردة بل يكون من خلال إشراك كافة القوى والاستعانة بجميع الخبرات التى تزخر بها مصر، من الناحية الأخرى على الولايات المتحدة أن تراعى التوازن فى علاقتها مع الأطراف المشاركة فى العملية السياسية المصرية، وأن تقف على مسافة واحدة من الجميع، بما فى ذلك المؤسسة العسكرية، لتوفر بذلك مناخاً ملائماً لتنمية العلاقة الثنائية لما فيه مصلحة الدولتين والمنطقة بأسرها.







مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

ssssssss

عدد الردود 0

بواسطة:

الشركسى

امريكا/ مصر

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة