نبيل عمر

غير ديمقراطية!

الأحد، 29 يناير 2012 04:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تابعت أولى جلسات برلمان الثورة من خارج حدود الوطن على بعد ألفى ميل تقريبا لظروف طارئة، أول برلمان مصرى لم تختره السلطة وانتخبه الشعب انتخابا حرا ونزيها منذ فترة طويلة، وقد شعرت بالخوف وبعض القلق، ليس من المعارك البسيطة التى دارت حول رئاسة المجلس والطريقة التى عومل بها عصام سلطان، وهى تشبه ما كان يحدث من قبل مع المعارضين البرلمانيين، ولا من تقسيم اللجان بين التحالف الديمقراطى والتحالف السلفى حسب الوزن الانتخابى لكل منهما، مع العلم أن أوزان الشخصيات داخل البرلمان لا تُقاس بعدد الأصوات التى حازت عليها أحزابها، ولنا فى التجارب الديمقراطية المحيطة بنا أو البعيدة عنا مثل وعبرة، وكل هذا ناتج من غياب التوازن فى عضوية مجلس الشعب، وسيادة تيار سياسى عليه، سيادة تتجاوز الثلثين، وهى نسبة يستحيل أن «تقع» فى أى برلمانات العالم المتقدم شرقا وغربا من اليابان إلى الولايات المتحدة!
وبالرغم من هذا، فليس غياب التوازن هو الذى أثار المخاوف والقلق، فنحن بلا تراث حقيقى فى الحرية السياسية وتقاليدها البرلمانية، وسوف نتعلم بالتدريج، لكن ما أثار مخاوفى وقلقى هو ما حدث عند تلاوة القسم الدستورى.. لأنه يدل على أننا لا نحترم الدولة ولا دستورها، والدولة والدستور هما «المساحة المشتركة» التى تجمع كل المواطنين فيها، أيا كان لون بشرتهم أو جنسهم أو عقيدتهم أو أفكارهم الخاصة أو انتماءاتهم السياسية، وتفكيك أو تفتيت المساحة المشتركة خطر رهيب على صحة الوطن، تتضاءل أمامه أى مخاطر مهما كانت!
وكان يجب على كل عضو أن يحترم الدستور والقانون والدولة، وأن يردد القسم كما هو بلا زيادة أو نقصان، فهو ترشح وانتخب على هذا الأساس، ولا يجوز أن يعدله من تلقاء نفسه، وإلا فهو يعطى الحق لكل مواطن أن يدعو أو يتصرف وفق ما يراه صحيحا بغض النظر عن الدستور والقانون، وبالتالى يتحلل نسيج المجتمع إلى كيانات فردية تعمل ما يعن لها من أفكار، وتفرض ما تظنه حقا على الآخرين، وهذا ما صنعته الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد فى السبعينيات والثمانينيات إلى نهاية التسعينيات من ممارسة العنف ومحاربة الدولة باعتبارها كيانا كافرا يعيش فى الجاهلية، وقد تراجعت الجماعتان عن هذه الرؤية قبل سنوات ومالتا إلى السلم والموعظة الحسنة، لكن بعد أن سالت دماء مصرية بريئة وحبست حريات آلاف الشباب فى المعتقلات ودخل مثلهم السجون بأحكام قضائية.
وقد حدث منذ سنوات طويلة أن بعض القضاة «عدد محدود منهم»، لم تعجبه أحكام القانون الذى أقسم على الالتزام به، وتركه جانبا وراح يطبق قانونا خاصا به، وزعم أنه مستمد من الشريعة الإسلامية..
قد يشيد البعض بهذا السلوك على أساس أن الرجل تحدى دولة الطاغوت، واختار شرع الله بدلا من القانون الوضعى، ولا أريد الدخول فى جدل فقهى عن مبدأ التعزير، واللجوء إليه فى بعض الأحكام للضرورة، وهو مبدأ طبقه الخليفة عمر بن الخطاب فى عصره.
لكن بالقطع ما نفذه القاضى هو خروج على الشرعية، فلا يجوز أن نحاكم مواطنا على جريمة بعقوبة غير واردة، واذا كان القانون لا يعجب القاضى يستقيل أو يتنحى أو يطالب بتغييره أولا، لا أن يطبق قانونا من عندياته، لأن تفسيره الفقهى للنص الدينى الذى لجأ إليه قد توجد له تفسيرات فقهية مختلفة صادرة عن علماء دين آخرين، وليس عليها إجماع الأمة أو لا تتوافر شروط تطبيق الحد فى الحالة المنظورة أمامه!.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة