وائل السمرى يكتب فى ذكرى 28 يناير: من سرق المتحف المصرى؟.. ضباط وعساكر الجيش أكدوا لنا بالفيديو أنهم قبضوا على الكثير من رجال الشرطة وهم يسرقون الآثار

السبت، 28 يناير 2012 11:33 م
وائل السمرى يكتب فى ذكرى 28 يناير: من سرق المتحف المصرى؟.. ضباط وعساكر الجيش أكدوا لنا بالفيديو أنهم قبضوا على الكثير من رجال الشرطة وهم يسرقون الآثار المتحف المصرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، تعرض المتحف المصرى إلى أكبر عملية سطو فى تاريخه، فما أن انسحبت الشرطة من ميدان التحرير عصر يوم 28 يناير، حتى بدأت الأعمال التخريبية فى كل مصر، ومضت سنة ولم نعرف الكثير عما حدث فى تلك الليلة، والأسئلة كثيرة وصعبة والسكوت عليها أصعب، فمن الذين فتحوا السجون؟ ومن الذين أحرقوا مصر وروعوا شعبها؟ وكيف انهالت الاتصالات التليفزيونية لتؤكد وقوع جرائم لم تقع؟ ومن الذى حرك الكثير من الشخصيات لتظهر فى الفضائيات العربية المختلفة، خاصة قناة "العربية" لتذيع على الناس أخبارا مغلوطة؟ ومن صاحب المصلحة فى أن يظهر أشخاص مشكوك فى انتماءاتهم وعلاقاتهم بأمن الدولة ليقولوا على الفضائيات إن مصر الآن بلا أمن؟ حتى إن أحدهم قال لراندا أبو العزم وكأنه يحرض المجرمين على السرقة "أى حد عايز يعمل أى حاجة فى مصر دلوقتى يعملها، مفيش أمن ولا شرطة فى كل مصر"، ومضى يكرر هذه الجملة عدة مرات وكأنه يذيع بيانا للبلطجية يبلغهم فيه بحلول ساعة الصفر؟ والأخطر من كل هذه الأسئلة من وجهة نظرى هو: من سرق المتحف المصرى؟
هذا السؤال ظل يراودنى العام الماضى، أملا فى العثور على السارقين الحقيقيين، فالمشاهدات على أرض الواقع شىء والفرجة على هذا الواقع فى التليفزيون شىء آخر، التليفزيونات كلها قالت إن المتحف سرق فقط، لكنها لم تقل لنا من السارق، بعدها سمعنا عن استعادة بعض القطع عن طريق حكايات تتشابه مع حكايات الأفلام، عن عصابة سرقت المقتنيات وتبحث عمن يشتريها، ليأتى عميل الشرطة المتخفى فى صورة تاجر آثار عالمى ويكلمهم بلغة عربية "مكسرة" متفقا معهم على السعر وساعة الصفر ثم يأتى البوليس فى نهاية الفيلم ليقبض على الجناة الأشرار، أما السيناريو الثانى لعودة الآثار فقد تمثل فى إعلان وزارة الآثار عن عثور أحد عامليها على المقتنيات المفقودة فى المترو، وهى حكاية تبدو لى غير منطقية، وتقول الحكاية إن موظفا بالمجلس الأعلى للآثار كان بمحطة مترو شبرا وكانت مزدحمة، وعندما أتى القطار لم يركب وانتظر حتى يهدأ الزحام وبعد أن انصرف القطار كانت المحطة خالية تماما، فوجد شنطة شك فى أمرها، وظن أن بها مفرقعات فقام على الفور بالتوجه إليها وفتحها، فوجدها مليئة بالقطن، فنزع القطن فوجد القطع الأثرية، التى هى عبارة عن تمثال خشبى مذهب للملك توت عنخ آمون التمثال جزء من التمثال الشهير للملك واقفا فوق مركب صغير ممسكا بحربة وبه تقسيم بسيط فى منطقة الساقين وتمثال أو شبتى للمدعو يويا جد اخناتون، ومروحة الملك توت عنخ آمون الجزء العلوى وبوق الملك توت عنخ آمون، وطريقة عودة الآثار عن طريق مفتشى الآثار هذه هى ما تثير الشك بداخلى، كما أن فكرة أن آثار بهذه الأهمية توجد هكذا ملقاة فى المترو فى شنطة سوداء ليعثر عليها سعيد الحظ الذى "بالمصادفة" يعمل مفتشا للآثار، ويسارع بتقديمها إلى زاهى حواس وزير الآثار الأسبق الذى يسرع بدوره إلى القنوات والتليفزيونات لزف بشرى عودة الآثار! كل هذا من وجهة نظرى يثير علامات الاستفهام ولا يكفى جوابا للأسئلة، خاصة بعد رؤيتى للعديد من المشاهد وسماعى لأقوال جنود الجيش وضباطه فى المتحف المصرى فى ذلك اليوم التى تتنافى مع ما يذاع وينشر فى التليفزيونات والجرائد.

والحكاية تبدأ حينما كنت ألتقط أنفاسى وآخذ قسطا من الراحة بعد يوم طويل وشاق، ووقتها سمعت صوت المخرج الكبير خالد يوسف يقول: أعمال النهب بدأت فى المصرف العربى وشوية وداخلين على المتحف المصرى، والنار اشتعلت فى مقر الحزب الوطنى وداخلة على المتحف، لو الجيش متدخلش وطفا الحريق ومنع الناهبين المتحف هيتنهب، المتحف المصرى لو اتنهب هنبقى زى المتحف العراقى اللى اتنهب" كانت هذه اللحظة من أتعس اللحظات التى مرت على، وكدت أن أنهار حزنا على آثارنا ومتحفنا، وهذا ما دفعنى إلى الهرولة إلى الميدان مرة أخرى للاشتراك فى حماية المتحف، وحينما وصلت إلى الميدان وجدت العديد من أصدقائى منهم الفنان محمد محسن، والناشر الشهير محمد هاشم، يقفون ناحية المتحف ليتفقدوا الوضع، ثم وقفنا مع شباب مصر الأخيار مكونين دروعا بشرية حول أبواب المتحف ومداخله، ووقتها لم يكن بالمتحف أى من قوات الشرطة أو الجيش، فطليعة قوات الجيش التى دخلت إلى الميدان توجهت إلى السفارة الأمريكية ووزارة الداخلية فقط، وبقى المتحف حتى منتصف الليل بلا حماية، وحينما جاءت الدفعة الثانية من الدبابات إلى الميدان هتف الشباب لها "الشرطة بتضرب فينا عايزين الجيش يحمينا" ولما وجدوا تسامحا من قوات الجيش قفزوا فوق الدبابات والمدرعات، وحينما دخلت إلى الساحة الخارجية للمتحف، لم نفتح لها الطريق إلا بعد نزول كل من كانوا فوق الدبابات من مدنيين، ثم دخلت الدبابات والمصفحات وحاملات الجنود إلى المتحف بأعداد كبيرة، ونزل منها العديد من الجنود، وحينما رأينا الأمر هكذا انصرفنا بعد أن ظننا أننا حفظنا الأمانة وذهبنا لنوقف أعمال التخريب الواقعة فى باقى أماكن الميدان ولإحباط عمليات السرقة من مخزن الحزب الوطنى وتسليم المسروقات إلى الجيش.

كان معى فى هذا اليوم العديد من الأصدقاء زملائى فى الجريدة ومنهم محمد الدسوقى رشدى، وحاتم سالم، ومحمود سعد الدين وسيد محفوظ وشوقى عبد القادر، وكونا فيما بيننا فريقا لإعادة المسروقات وتسليمها للجيش الذى فتح بوابة المتحف المطلة على تمثال عبد المنعم رياض لهذا الغرض، وبينما نحن نقوم بهذه المهمة سمعنا أن الجيش ألقى القبض على بعض السارقين الذين اقتحموا المتحف وأوقفهم فى الحديقة المتحفية أمام البوابة الرئيسية، فهرولنا إلى هناك مسرعين، وهناك كانت المفاجأة، فقد قال لنا الضباط والجنود إن أغلب المقبوض عليها من أفراد الشرطة، أمن وعساكر وضباط، فنزلت علينا الكلمات كالصاعقة، وكان السارقون يقفون عرايا فى الحديقة حول المسلة الناقصة ناحية اليمين من البوابة وضباط الجيش "يكدرونهم" فسألت أكثر من عسكرى وضابط عن هذه المعلومة فأكدها لى، وقال لى أحدهم إنهم عثروا على الكثير من التحف بحوزتهم وأنهم صباحا سيعرضون هذه المقتنيات على النائب العام ويضعونها فى بيان ليذيعونه على الرأى العام، لكن هذا ما لم يحدث، وخرج علينا الدكتور زاهى حواس فى اليوم الثانى ليؤكد أن المتحف بخير ولم يسرق منه شيىء، ثم توالت الحكايات غير المنطقية حول عودة بعض القطع الأثرية، واختفاء آخرى وتشكلت منذ وقتها لجنة لجرد المتحف لكنها حتى الآن لم تنه أعمالها، ولم نعرف كم عدد القطع المفقودة وما هى وما أهميتها، ما يدل على أن هذه القصة ستشهد تطورات كثيرة فى مستقبلا، وأطالب النائب العام بإعادة التحقيقات فى هذه القضية مرة أخرى مقدما نفسى شاهد عيان، علما بأنى أحتفظ بتسجيلات تؤكد اعترافات هؤلاء الضباط العساكر على أن سارقى المتحف من أفراد الشرطة، ومستعد لتقديمها فى القضية، كما أن زملائى الذين شاركونى فى هذه اللحظة مستعدون أيضا للشهادة. اللهم فاشهد.


اعتراف ضابط شرطة تأمين المتحف


اعتراف عساكر تأمين المتحف بأن المقبوض عليهم من الداخلية


ثورة الشباب عقب اتهام الداخلية بسرقة المتحف






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة