تراكم الفساد والمرض والجوع والفقر وانتشر فى الجسد المصرى، بما كسبت أيدينا، ومؤامرات أعدائنا، لدرجة أن ظن أعداؤنا أننا أصبحنا أمة تعيش فى الماضى بلا حاضر أو مستقبل، ولكن أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، والشباب الذى غيب، همش، كما ظنوا، قد فلق الحجر، وكسر حاجز الخوف، وهم سر عظمة مصر المكان والإنسان، فمصر ليست هبة النيل فقط ولكن هبة المصريين، وكشفت الثورة عن سر عبقرية الإنسان المصرى، وأنها نوبة من نوبات تجديد شباب وحيوية الأمة المصرية، وبعثها من جديد، فقد آمنت بالبعث والخلود منذ آلاف السنين، وهى الآن تبعث من جديد وتشرق شمسها من جديد من ميدان التحرير، فشجرة الحرية لابد أن تروى دائما بدماء الشهداء، وقامت الثورة لإسقاط النظام، أسقطت رأسه، ولكن مازال الجسد الفاسد، يكبل حركة الأمة نحو الحرية والديمقراطية، هذه الأمة العريقة التى لوث معظم ثيابها، تطمح إلى التطهير وبناء المؤسسات وبناء مصر لن يتوقف بمجرد عمل دستور وتسليم سلطة العسكريين لسلطة مدنية، وهذه لحظة فارقة من لحظات التحول التاريخى، وطى صفحة من صفحات تاريخ مصر من التهميش والتركيع والانحطاط، إلى مرحلة الإمبراطورية وما أشبه اليوم بالبارحة، فبعد مرحلة الاحتلال وطرد الهكسوس، تحولت مصر إلى عصر الإمبراطورية، فنحن الآن نشهد إحدى دورات التاريخ الكبرى، وهو ما يزعج النظام العالمى الحالى، والذى قامت الثورة بزلزلته، وكأن كلمة الشعب يريد إسقاط النظام، كأن الشعار موجها أيضا إلى النظام العالمى أيضا، وأن الثورة تنبئ عن قيام وتشكل نظام عالمى جديد، ولذا فإن معركة الثورة الحقيقية سوف تبدأ بعد تسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، ولذا لابد أن ننظر إلى الأمور نظرة موضعية، وننظر إلى خريطة العالم بنظرة تأمل وتفكر، ونعرف قدر مصر ومكانتها ونتمثل معانى البيت التالى:
على قدر أهل العزم تأتى العزائم وتأتى على قدر الكرام المكارم، وتعظم فى عين الصغير صغارها وتصغر فى عين العظيم العظائم، وأنها خلقت لتكون دائما بمثابة القلب من الكيان العالمى وأننا مازلنا فى أول الطريق وأن أول الغيث قطرة.
د.إبراهيم محمد عبد الله يكتب: ثورة مصر والنظام العالمى
السبت، 28 يناير 2012 08:01 ص