خلال الأيام الماضية، بمحض الصدفة والفضول، تصفحت العديد من مواقع التعارف والزواج عبر الإنترنت، ومع الأسف تجسدت أمامى إحدى صور التجبر البشرى لحكامنا وكبار مسؤلينا، لقد رأيت كيف أن الإنسان الذى كرمه الله ومنحه نعمة الأسرة يتسول له شريكاً على مواقع الإنترنت، بعدما حالت ظروفه بينه وبين حياة طبيعية كريمة، تمكنه من الحصول على شريك له بلا تنازلات أو مهانة.
وتخيلت للحظة أن ابنتى أو أختى أو فتاتى التى طالما حلمت بالارتباط بها وهى تتخلى عن أحلامها وتهب نفسها للزواج من أى رجل لا تعرفه لمجرد أنه يمتلك الحد الأدنى من القدرة على الزواج، وقد لا يكون جديراً بها. فهل عميت أبصار حكامنا؟ ألا يتقوا الله فينا؟ أليس منهم رجل رشيد؟ أليس من حق كل إنسان أن يشعر بتلك النعمة التى منحنا الله إياها؟ كيف لإنسان أن يعطى فى هذه الحياة وقد حرمناه من دفئ الأسرة؟ ألم يقل ربنا عز وجل "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"؟
لقد نزعتم المودة والرحمة من بيننا أيها الحمقى، وتاجرتم بها لتحصدوا أموال الأراضى والعقارات، وتمكنوا الفاسدين أمثالكم من احتكار أقواتنا وأرضنا. لو خيرت الإنسان ما بين مجتمع لا يعرف الرحمة يعيش فيه وحيداً وبين صحراء يعيش فيها كفرد من أسرة سواء كان رجلاً أو امرأة لاختار الأسرة بلا شك. فهل نزعت صبغة الإنسانية عنكم لتغيروا خلق الله؟
صحراء مصر تنادى منذ أكثر من سبعة آلاف سنة. فلتتنحوا جانباً عن طريق الصحراء أيها الحمقي. فقد سئمنا من هراءاتكم السياسية، وأفكاركم العقيمة، وعنادكم المغرور. اتركونا لنكون الأمل لغد فعسى الله أن يجعلنا غداً اليد التى تأخذ بكرامة هذا الوطن الذى تسوقوه إلى الضياع. افسحوا الطريق الآن إلى الصحراء، وعندماً يأتى الغد فاعلموا أننا هناك زوج وزوجة وأطفال ندخرها لما بعد الغد.
دعونا نذهب هناك بعيداً عن نمط حياتكم الذى اجبرتمونا عليه، دعونا نذهب بعيداً عن المخدرات والدعارة والبطالة والنفاق والأجندات السياسية. اتركونا لنطبق الدستور الإنسانى هناك، ونستعيد كرامتنا الإنسانية، اتركونا ليكون دستورنا هناك أن يحب كل منا الآخر اتركونا ليولد أبناؤنا هناك فى الأرض الخضراء، لتعلمهم ما قاله الأجداد أن أحسن إلى تلك الأرض الطيبة فتحسن هى إلينا، اتركونا نعشق هناك تحت سماء صافية بلا عوادم ودخان وأسمدة مسرطنة، دعونا نمضى فى أرضنا الواسعة بعيداً عن شوارعكم الضيقة والبالية التى ملأتموها بالمطبات والعثرات.
اتركونا نرحل عن بيئتكم الفاسدة ليكون شباب هذا الوطن هو البذرة التى نغرسها الآن فى الصحراء فعسى أن تكون هى الثمرة الصالحة غداً، وإن لم تفعلوا فاستقيلوا يرحمكم الله.
